عرفت الأيام الأخيرة تحركات عسكرية للمغرب والبوليساريو بمنطقة الكركارات الواقعة جنوب
المغرب بالقرب من الحدود الموريتانية، ما جعل بعثة المينورسو (بعثة
الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء) تقوم بإنزال في المنطقة، قبل أن تتسرب وثيقة أممية تتهم الطرفين بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.
المغرب: نحارب التهريب
أفادت صحف مغربية في منتصف آب/ أغسطس، أن المغرب قام بتحركات عسكرية في منطقة الكركارات المعروفة بـ"قندهار"، التي تعرف نشاطا كبيرا للمهربين، لتطهيرها من عصابات تهريب السيارات.
والثلاثاء الماضي أعلن المغرب الشروع في تعبيد طريق على امتداد 3.8 كلم بمنطقة "الكركارات"، "في إطار الجهود الرامية للحد من الأنشطة غير القانونية"، حسب تعبير بلاغ للسلطات المغربية.
وتابع البلاغ أن تحرك السلطات المغربية جاء "تعزيزا للشبكة الطرقية وتلبية لتطلعات المشتغلين بقطاع التبادل التجاري، وكذا في إطار مواصلة الجهود الهادفة إلى الحد من جميع الأنشطة غير القانونية التي تعرفها المنطقة".
وأوضح البلاغ أن هذه الخطوة "التي تندرج في إطار الحملات التطهيرية التي قامت بها السلطات الأمنية والجمارك بمنطقة الكركارات، تهدف إلى ضمان سلامة وأمن مستعملي هذا المحور الطرقي وتسهيل عملية السير ومرور المنتجات التجارية في ظروف جيدة".
وأشار المصدر ذاته إلى أن عملية تعبيد هذا المحور الطرقي تتم دون تثبيت أي كاميرات مراقبة أو وضع أي حواجز على جنباته، وذلك خلافا لما تم الترويج له من طرف بعض المنابر الإعلامية.
البوليساريو تدعو للتأهب
رد جبهة البوليساريو على خطوة المغرب لم يتأخر، إذ وصفت تحركات الرباط "بالممارسات العدوانية المغربية الطائشة في المنطقة العازلة في الكركارات"، التي "لا يمكن بأي حال من الأحوال" أن تقبل بها الجبهة التي دعت في بيان إلى "التأهب لمواجهة مخططات ومؤامرات العدو المحتل".
وطالبت البوليساريو الأمم المتحدة باتخاذ ما اعتبرته خطوات ضرورية لوقف الأشغال التي يقوم بها المغرب بشكل فوري، و"سحب العتاد والعناصر العسكرية والمدنية دون تأخير".
الأمم المتحدة: انتهاك وقف إطلاق النار
عبر الأمين العام للأمم المتحدة عن غضبه من الحشد العسكري بين الرباط والبوليساريو، قبل أن تكشف وثيقة سرية للأمم المتحدة أن المغرب وجبهة البوليساريو انتهكا وقف إطلاق النار في
الصحراء المغربية الموقع عام 1991 من خلال نشر عناصر مسلحة في منطقة قريبة من موريتانيا.
ووفقا لهذه الوثيقة المؤرخة في 28 آب/ أغسطس وأرسلت إلى مجلس الأمن للاطلاع عليها، قام المغرب في الفترة بين 16 و25 آب/ أغسطس بعملية قدمت على أنها لمكافحة التهريب في منطقة الكركارات (جنوب الصحراء المغربية) وراء جدار الدفاع، وهو حاجز رملي مبني على مسافة قرابة 2500 كلم.
وأطلق المغرب العملية "من دون بلاغ مسبق لبعثة مينورسو التابعة للأمم المتحدة، خلافا لمقتضيات الاتفاق العسكري رقم واحد، وبدعم من عناصر أمن مسلحين ينتمون لقوات الدرك الملكي المغربي"، بحسب الوثيقة.
وتابع المصدر أن دورية تابعة لبعثة مينورسو "أكدت وجود عشرات من عناصر الدرك الملكي المغربي في المنطقة". وردا على ذلك، احتجت جبهة بوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء لدى الأمم المتحدة، وأعلنت الأحد عزمها على "اتخاذ إجراءات" تتضمن نشر قوات. وتتهم بوليساريو الرباط ببناء "طريق إسفلتي" في المنطقة من أجل الحفاظ على وجود عسكري دائم.
وأفادت الوثيقة أن مينورسو لاحظت وجود "نحو 32 عسكريا مسلحا من جبهة البوليساريو" في منطقة الكركارات، داخل منطقة عازلة مجاورة لموريتانيا، "في انتهاك" لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تتولى بعثة الأمم المتحدة الإشراف على تطبيقه منذ عام 1991.
وأشارت إلى أن البعثة تواصل مراقبة الوضع من كثب وتناشد الرباط وبوليساريو "ممارسة ضبط النفس" تجنبا لمعاودة الأعمال العدائية.
يشار إلى أن جبهة البوليساريو، بدعم من الجزائر، تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، فيما اقترح الأخير حلا يقضي بحكم ذاتي موسع تحت سيادته.
وقد انتشرت بعثة المينورسو عام 1991 للسهر على الالتزام بوقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو وتنظيم استفتاء. وقد أعلنت الأمم المتحدة أوائل آب/ أغسطس أنها تعد "اقتراحا رسميا" لاستئناف المفاوضات حول الصحراء في ظل المأزق الحالي.