أكد النائب عن تيار المستقبل، خالد زهرمان، أن تبني ترشيح رئيس كتلة التغيير والاصلاح، العماد ميشال
عون، لرئاسة الجمهورية؛ لم يحسم بشكل كامل بعد، "وهو ما زال في دائرة المشاورات".
وأضاف زهرمان في حديث خاص مع "عربي21": "لدى الرئيس
الحريري هاجس من استمرار الفراغ، وهو ما دفعه سابقا إلى فتح حوار مع عون قبل سنتين، ومن ثم مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وأخيرا مع عون مجددا في الفترة الأخيرة".
وأكد أن "الحريري يدعو إلى الخروج من الحائط المسدود، وهو على اتصال مع فرنجية لتأمين الأجواء الملائمة لإتمام انتخاب الرئيس"، وفق قوله.
وتحدث زهرمان عن "خيارات أخرى مطروحة، إضافة إلى عون، وهي قابلة الى النقاش"، وأشار إلى احتمالية حدوث خلاف يعكّر حديث التوافق في اللحظات الأخيرة. مضيفا: "الأمور في المشاورات تحت عنوان الحفاظ على الدولة والمؤسسات، ومن المبكر الحديث عن تفاؤل أو تشاؤم في هذا المجال"، كما قال.
وكان مصدر مقرب من زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، قد تحدث لـ"عربي21" عن تذليل العقبات أمام استمرار الفراغ الرئاسي، في ظل تفاهمات حول المرحلة القادمة على المستويين الداخلي والخارجي، وفق قوله.
ويتزعم الحريري تيار المستقبل، وهو التيار الذي أنشأه والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري؛ الذي تم اغتياله في بيروت عام 2005، فيما يعد ميشال عون مؤسس التيار الوطني الحر.
وترتكز المشاورات على سلة توافق تتضمن انتخاب عون رئيسا، وتكليف الحريري برئاسة الحكومة، مع بقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري في منصبه.
وتهدف هذه الصيغة التي كانت مطروحة منذ مدة، الى منح المناصب الثلاثة الأرفع في
لبنان الى الزعماء الأكثر حضورا وتمثيلا في طوائفهم، وفق المصدر.
يشار الى أن المهل الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد بدأت في 25 آذار/ مارس 2014، وانتهت في 25 أيار/ مايو من العام ذاته، وهو اليوم الأخير من ولاية الرئيس ميشال سليمان، وذلك وفق نص المادة 73 من الدستور اللبناني. ويُنتخب الرئيس بأكثرية الثلثين في جولة الانتخاب الأولى، وبالأكثرية المطلقة في الجولات اللاحقة. لكن منذ الاستقلال حتى اليوم، تُبين الانتخابات السابقة أن الممارسة استقرت على اعتماد نصاب الثلثين في كلّ جلسات انتخاب رؤساء الجمهورية منذ عام 1943.
وبعد فشل مجلس النواب في انتخاب رئيس بأغلبية الثلثين في الجلسة الأولى، يقاطع نواب
حزب الله وحلفائه الجلسات اللاحقة لمنع تأمين نصاب انعقاد الجلسة، وبالتالي إمكانية انتخاب رئيس بالأغلبية المطلقة من قبل خصومه في المجلس.
وكانت وسائل إعلام لبنانية مقربة من حزب الله؛ قد نقلت عن أوساط سياسية قريبة من بري، أن الأخير عدّل في موقفه، ليؤيد "التوافق وفق السلّة المتكاملة"، مشيرة إلى "اتصالات حصلت في الفترة السابقة بين عون وبرّي"، وإلى زيارة قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المقرب من حزب الله، إلى الرابية طالباً من العماد عون تهدئة الأمور تجاه برّي، سبقتها اتصالات بين الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وعون، طلب خلالها الأخير التعاون لإقناع رئيس المجلس بالتسوية، وفق ما أوردت صحيفة الأخبار اللبنانية.
من جهته، قال نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن "آلية انتخاب الرئيس ستتطلب أياما وربما أسابيع، لإتمام الإجراءات والاتصالات السياسية"، مشيرا إلى أن معالجة أزمة الفراغ أخذت حاليا قوة اندفاع حقيقية نحو المعالجة، حيث باتت مسألة الانفراج الرئاسي قريبة جدا في ظل موقف الرئيس الحريري المستجد".
واستبعد الفرزلي "حدوث معارضة كبيرة لخيار العماد عون، على اعتبار بأنه سيكون في خانة المتهمين بتعطيل البلاد، في ظل المناخ السائد الداعي للعودة الى الشراكة الوطنية"، على حد قوله.
وتساءل:" من بإمكانه تحمل تبعات استمرار الشغور الرئاسي على المستوى السياسي والوطني؟"، لافتا إلى أن "المرحلة القادمة ستختلف بنمطها السياسي عن المرحلة السابقة بين الأقطاب الجدد"، كما قال.
وعن أسباب تبدل خيارات الحريري الذي كان يؤيد ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، قال الفرزلي: "هناك تآكل على مستوى قاعدة تيار المستقبل وبوضعه السياسي، وهو بحاجة إلى العودة كرئيس للحكومة لاستعادة بريقه"، معتبرا أن "الممر الأساسي لأن يكون (الحريري) رئيسا لمجلس الوزراء هو الإتيان برئيس جمهورية من مستوى ميشال عو؛ن الوحيد القادر أن يعبد له الطريق لذلك"، بحسب تعبيره.
وعن التأثيرات الخارجية في قرار الحريري، قال الفرزلي: هناك من يشير إلى أن الحريري حصل على ضوء أخضر سعودي، لكن باعتقادي بأن المملكة ليست بحاجة إلى منحه ذلك، ولا تريد أن تتحمل أصلا مسؤولية الموافقة على رئيس بما تحمله هذه الإشارة من تبعات ومسؤوليات".
وأردف: "السعودية تنأى بنفسها أن تكون طرفا اساسيا ولاعبا مباشرا في الملف الداخلي اللبناني، بعد إعلانها حزب الله على لائحة الإرهاب"، وفق قوله.
ورأى أن "وجود معارضة سنية للحريري من أطراف تصنف تحت مظلة المملكة، كوزير العدل السابق أشرف ريفي يمنح الحريري، قوة دفع لعدم تقديم تنازلات لا ترضي المملكة السعودية"، على حد تعبيره.
وعن احتمالية تراجع شعبية الحريري بعد قبوله بعون رئيسا، قال الفرزلي: "لا أعتقد أن من يصل إلى سدة الحكومة سيتراجع على الصعيد الشعبي، بل يقدر الحريري من خلال منصبه على استجماع قوته السياسية واستعادة حضوره الشعبي الذي تضرر في الآونة الأخيرة"، وفق تقديره.
وعن مدى تأثر العماد عون بمظلة حلفائه في قوى 8 آذار، وربما بتأثيرات خارجية أيضا، قال الفرزلي: أعتقد أن هناك تفاهمات على البرنامج السياسي الرسمي بين الحريري وعون"، ورأى "أن عون لم يخضع في الفترة السابقة لأي تأثير خارجي، وهو يستمد قراراته وفق قناعاته الشخصية، وهو الأقدر على إعادة انتاج النظام مستدا ذلك من شعبيته الكبيرة"، كما قال.
وعن موقف حليف تيار المستقبل رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، من التفاهم المستجد، اعتبر الفرزلي أن "جماهير القوات تطمح بأن يتربع سمير جعجع على رئاسة الجمهورية، لكنه قد ثبت لدى القواتيين أن ترشيح تيار المستقبل لجعجع كان للاستهلاك السياسي، ويهدف منه إزاحة عون عن المنافسة والمجيء برئيس توافقي على الطراز القديم"، على حد تعبيره.