تعتبر
علاقات حماس الخارجية، من أهم وأكبر التحديات التي تواجهها قيادة الحركة (الحالية والمستقبلية)، حيث تسعى للعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها، بحسب مختصين في الشأن
الفلسطيني.
رمال متحركة
ومن المرجح، وفق مصادر في حماس، تحدثت لـ"
عربي21"، أن تجري الحركة انتخاباتها الداخلية بشكل سري مطلع العام المقبل، وهو ما ينتج عنه انتخاب مجلس الشورى عاما وأعضاء ورئيس المكتب السياسي الذي سيقود الحركة مدة أربع سنوات مقبلة، في منطقة متقلبة وشديدة الاضطراب؛ بسبب الصراعات والحروب الداخلية المشتعلة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم المدهون: "لا شك في أن القائد القادم لرئاسة حماس؛ سيسبغ سياسات الحركة الخارجية وفق توجهاته وتطلعاته، في ظل ما تعيشه المنطقة من رمال متحركة"، منوها إلى أن "حماس متهيبة من حسم أمورها في كثير من الملفات الخارجية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن هناك "ثلاث قوى ومحاور أساسية في المنطقة، منها ما يعتبر حماس جزءا من الإسلام السياسي وحركات المقاومة ولا يرغب في التعامل معها ويعمل على تحييدها، وعلى رأسهم مصر والسعودية، وهما تنظران إليها من مربع العداء أقرب منه لمربع الأصدقاء"، مؤكدا أنه "مهما قدمت حماس من مبادرات لن تتمكن من تحسين العلاقة مع هذين النظامين"، وفق تقديره.
قائد قادر
أما بالنسبة المحور الإيراني السوري؛ "فما زال النظام السوري يضع فيتو على أي تحسن في العلاقة بين حماس وإيران"، وفق تقدير المدهون، الذي أوضح أن المحور الثالث يضم تركيا وقطر؛ حيث "ترتبط حماس بعلاقات قوية ومتوازنة معهما".
ويرى المدهون أن على القائد القادم لحماس "أن يختار؛ إما أن يُبقي الوضع على ما هو عليه ويعزز علاقته بتركيا وقطر؛ وهذا له استحقاقات سياسية، أو أن يقوم بخطوات جريئة تجاه تعزيز العلاقة مع إيران، وهذا يتطلب إجراء بعض التغييرات الجغرافية لحركة حماس، إضافة لقائد قادر على اتخاذ خطوات تشكل تحولا كبيرا لدى حماس".
وحول أولويات حماس خلال المرحلة القادمة، إضافة لتحدي العلاقات والسياسات الخارجية، أشار المدهون إلى العديد من القضايا الداخلية؛ بينها المصالحة مع حركة فتح، ورؤيتها حول دخول منظمة التحرير الفلسطينية أو القيام بتأسيس كيان وتحالفات جديدة في الساحة الفلسطينية، إضافة لعلاقة الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي، وهل سيستمر الهدوء ويتم الإعلان عن تهدئة بشكل أو بآخر، أو تتدحرج الأوضاع نحو اشتباك جديد.
ولفت المحلل السياسي، في معرض قراءته لإستراتيجية حماس المستقبلية، إلى أن القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، يعتبر في "عقل حماس؛ ما لم يرجع لصفوف فتح، فهو شخص يمكن الاستفادة منه، ولا يمكن التعامل معه في ظل وجود محمود عباس (رئيس السلطة الفلسطينية)؛ لأن حماس ملزمة بالتعاون مع قيادة فتح الشرعية".
وتابع: "حتى اللحظة دحلان يتحدث أكثر مما يفعل ويعد أكثر مما ينفذ. وفي حين تمكن من تخفيف الحصار المفروض على
غزة، وفتح آفاقا جديدة في علاقة حماس بمصر، سيمنح مساحة عمل أكبر في غزة؛ هذه المساحة لن تكون أمنية أو عسكرية".
نهج جديد
من جانبه، أوضح الباحث السياسي المختص في قضايا الشرق الأوسط، حسن عبدو، أن علاقات حركة حماس الإقليمية هي "أهم المعضلات التي واجهتها الحركة في الفترة الماضية، وهي أهم التحديات التي تنتظر القيادة الجديدة؛ التي ستفرزها الانتخابات الداخلية القادمة، في الوقت الذي تعاني فيه حماس من شبه عزلة عربية وإقليمية ودولية".
وأشار في حديثه لـ"
عربي21"؛ إلى أن علاقة حماس بإيران "لم تتقدم وبقيت كما هي، إذ انحصر الدعم المالي الإيراني لها بالجهاز العسكري (كتائب القسام)، كما أنها لم تتمكن من أن تتقدم في علاقتها مع السعودية".
وأضاف عبدو: "رغم كل الجهود التي بذلتها حماس لتحسين علاقتها بالسعودية، إلا أن الأخيرة أدارت ظهرها لإسماعيل هنية (نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) عندما زارها وقام بأداء فريضة الحج مؤخرا، وغادر السعودية بطائرة قطرية".
ورجح الباحث السياسي أن تسلك قيادة حماس المرتقبة "نهجا جديدا لتفادي هذه التحديات؛ عبر الانفتاح على دول الإقليم، خاصة مصر وإيران"، لافتا إلى أن أولويات حماس خلال المرحلة القادمة، تكمن في "تحدي الاحتلال وما يقوم به على الأرض، سواء إعداده لعدوان جديد أو ما يمارسه من استيطان وتهويد في القدس والضفة، إضافة لحصار غزة والانقسام الفلسطيني، والعزلة الإقليمية التي تعاني منها الحركة".