قدم عبد اللطيف المناوي، الرئيس السابق، لقناة "الغد العربي"، التي يمتلكها القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، بتمويل إماراتي، اعتذارا إلى المستشارة السياسية للسفارة السورية بالقاهرة.
وأوضح المناوي، في مقال بعنوان "اعتذار للمستشارة السياسية للسفارة السورية"، بجريدة "
المصري اليوم"، الاثنين، أن سبب تقدمه بهذا الاعتذار، يرجع إلى أنه منذ نحو عام، جاءه اتصال من المستشارة، قالت له، بعد مجاملات مهنية وشخصية، إن هناك أحد الإعلانات التابعة للقناة التي يتولى إدارتها في شوارع القاهرة، يُظهر الرئيس السوري بشار الأسد، وهو يحتل مساحة ضخمة من الإعلان، والجزء الأخير من الصورة يبين معاناة الشعب السوري من التدمير والتشريد والقتل".
وأضاف أنها قالت له إنهم يعتبرون هذه الصورة مسيئة للرئيس بشار، وإنها تظهره بصورة سلبية.. فجادلها، وقال لها إن هذه قناة مهنية تحاول أن تكون موضوعية بقدر الإمكان، وإن هذا الإعلان لم يفعل إلا وصف الواقع، ويبين الرئيس السوري في وضع القوي والمسؤول عن بلده، وما يحدث فيه، ويبين في الوقت ذاته معاناة السوريين، فهذه صورة تحمل كل الأبعاد، بحسب قوله.
فسألته المستشارة عن إمكان رفع الإعلان من شوارع القاهرة؟ فأجابها بأن هذا ممكن إذا ما قرر في المقابل التوقف عن تغطية الشأن السوري من دمشق، مع العلم أن قناته القناة العربية الوحيدة التي تنقل من داخل دمشق، توازنا ومهنية، وفق زعمه.
وأضاف: "يبدو أنها لم تقتنع، وتوجهت إليَّ بسؤال واضح: هل يمكن رفع الإعلان؟ فاعتذرت لها بالنفي. وقبل أن تنهي كلامها قالت لي: هل تسمح لي أن أسألك سؤالا: هل تستطيعون أن تعلقوا في الإعلانات الخارجية إعلانا يمس زعماء خليجيين، ودولا خليجية؟ فأجبتها في إطار المهنية والحرفية: نعم، فردت بمزيج من الدهشة والاستنكار والتشكيك بتساؤل: نعم.. شكرا". وأنهت المكالمة".
وأضاف المناوي أنه تذكر دهشتها في التساؤل الأخير، وأنه برغم قطعه وقتها بالإجابة، إلا أنه عاد إليه - خلال الأيام الماضية - الشكوك في مدى قناعته بالإجابة القاطعة التي أجابها".
واستطرد: "في الأسبوعين الماضيين، ثارت ضجة كبيرة حول حملة إعلانية لتلك القناة، أحد هذه الإعلانات يحمل صورة للرئيس التركي، الذي كان على عداوة واضحة بينه وبين دول الخليج، ثم تحولت إلى صداقة منذ عدة أسابيع، وهو يجلس على كرسي الخلافة العثمانية، وقد حبس وقمع المعارضة خلفه في أقفاص. وإعلان آخر يحمل صورة لمرشد الثورة الإيرانية، خامنئي، وهو يلتقط صورة سيلفي مع أبرز معالم دول الخليج، في إشارة واضحة إلى مطامعه التي لا تخفى على أحد في دول الخليج".
وتابع المناوي حديثه: "قامت الدنيا ولم تقعد، واعتبر بعض المسؤولين في دول خليجية أن هذا الإعلان ماسٌّ بهم وبكرامتهم ووطنيتهم وبأمنهم القومي، وأنه إساءة ما بعدها إساءة من دولة كانوا يعتبرونها حليفة، ولم تفلح معهم محاولات الإفهام".
واستدرك: "لكن يبدو أن تلك الأجواء من التوتر والحساسية والتربص سادت، ووصل الأمر إلى خلق قناعة بأن قدرة التعامل والفهم لطبيعة المهنة والممارسة المهنية لدى هؤلاء باتت غير قائمة، وغير ممكنة"، وفق قوله.
وأردف: "لم يتمكن هؤلاء من أن يفهموا الأبعاد المختلفة للصورة، ولم يستطيعوا أن يتقبلوا فكرة أن تخرج وجهة نظر أو خبر أو صورة أو إعلان لا يتعاطى بشكل كامل مع رؤيتهم ورغبتهم".
وواصل هجومه على الخليجيين: "لم يستطع هؤلاء أن يقبلوا بأن تكون هناك مساحة للاختلاف داخل العلاقات السياسية، مع الاتفاق على الأهداف الكلية، التي لا خلاف عليها بين دول عربية يُفترض أنها في خندق واحد. وسادت روح التوتر والرغبة في إثبات قدرتهم على فرض رؤيتهم وتصورهم وفهمهم لطبيعة المهنة، التي لا يجب إلا أن تكون ذات اتجاه واحد هم يرونه"، على حد قوله.
واختتم المناوي مقاله بالقول: "استحضرت ذلك الاتصال، الذي أشرت إليه مع المستشارة السياسية للسفارة السورية في القاهرة، ورأيت أنه واجب عليَّ أن أصحح إجابتي على سؤالها الأخير، وأن أعتذر لها عن عدم دقة إجابتي في ذلك الوقت"، حسبما قال.
ويذكر أن أزمة الحملة الإعلانية التي أطلقتها قناة "الغد العربي" في شوارع القاهرة، برئيسها عبد اللطيف المناوي، قد أثارت جدلا واسعا.
وفي وقت لاحق، تمت إزالة هذه اللوحات، واستبدال لوحات تحمل صورة المرشد الإيراني خامنئي بها، وخلفه عواصم خليجية عدة، فُهم من خلالها التقارب المصري الإيراني على حساب دول الخليج.
ومن جهتها، أصدرت قناة "الغد العربي" بيانا توضيحيا، أشارت فيه إلى أن الإعلان يرمز إلى الأطماع الإيرانية في المنطقة، فيما شدد رئيسها، المناوي، على أن "الإعلان أسيء فهمه".
ويوم الأحد، أعلن عبد اللطيف المناوي، استقالته من رئاسة القناة، بعد أن ظل فيها لمدة عام ونصف العام، على خلفية صور خامنئي التي اعتبرتها دول الخليج غير مناسبة بالمرة، وإساءة شديدة لها.