كتبت مجلة "إيكونوميست" تقريرا تحت عنوان "الدفعة الأخيرة"، أشارت فيه إلى الجهود التي يقوم بها النظام السوري ضد مقاتلي حلب الشرقية.
وتقول المجلة: "منذ عدة أسابيع يقوم النظام السوري بإرسال الرسائل الهاتفية، محذرا المواطنين في مناطق المعارضة في الجزء الشرقي من حلب بأنهم سيواجهون (الإبادة) ما لم يغادروا المدينة، ولم يستجب لدعوات النظام إلا قلة؛ نظرا لشكهم، ولديهم أسباب عدة للشك بوعود النظام، وتوفيره معابر آمنة لهم، وبدلا من ذلك فإنهم يجهزون أنفسهم للموجة المقبلة من الهجمات".
وتضيف المجلة أن "انتظارهم انتهى يوم 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث بدأت المقاتلات السورية والمروحيات المقاتلة والمدفعية بدك الأحياء في شرق المدينة، لأول مرة منذ أسابيع، وجاء الهجوم الجديد على حلب بعد يوم من مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن بداية العملية من أجل (إرسال هجمات حاسمة) ضد الأهداف الإرهابية في محافظات حمص وإدلب".
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن الناشطين في حلب، قولهم إن الطيران الروسي عاد لشن غارات في المدينة أيضا، رغم أن الحكومة الروسية تنفي ذلك، مشيرا إلى أن هناك إمكانية لشن الهجمات من الطائرات التابعة للنظام فقط.
وتستدرك المجلة بأن "استئناف القصف يأتي بعد أسابيع من وصول حاملة الطائرات (أدميرال كوزنيتسوف) إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وهي جزء من أسطول مكون من أكبر السفن الحربية الروسية وعدد من الغواصات وفرقاطة، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن طائراتها قامت بعدد من الطلعات الجوية من حاملة الطائرات العجوز، كجزء من افتتاح العملية، وبداية لأول طلعات في تاريخ العسكرية الروسية، وقامت الفرقاطة (كالبر) بإطلاق صواريخ كروز إلى داخل
سوريا، وقال شويغو: (لقد قمنا بعملية بحث موسعة عن كل هدف)، وأضاف: (نحن نتحدث عن مخازن مليئة بالذخيرة ومراكز تدريب إرهابيين ومصانع)".
ويعلق التقرير قائلا إن "الهجمة الروسية الأخيرة تهدف إلى كسر حالة الجمود المروع، فلم يستطع أي طرف تحقيق تقدم منذ تركيز النظام على قطع خطوط الإمداد إلى المقاتلين في تموز/ يوليو".
وتشير المجلة إلى أن "الفترة التي تبعت انهيار وقف إطلاق النار، الذي لم يعمر طويلا، ورعته الولايات المتحدة وروسيا، أطلق العنان لأكثر مرحلة دموية في النزاع، ولم تنجح أسابيع من القصف الجوي والمدفعي، اللذين قتلا مئات المدنيين، ودمرا المستشفيات والمدارس، بإخراج المقاتلين من آخر معاقلهم في المدينة".
ويلفت التقرير إلى أنه "عندما اصطف القادة الغربيون لشجب الجرائم الروسية، قررت موسكو وقف الهجمات على المدينة، وعرضت الحكومة السورية على المقاتلين فرصة لتسليم أسلحتهم، وبدلا من ذلك، استغلوا فترة الهدوء النسبية، وشنوا هجوما مضادا في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر في محاولة لكسر الحصار، ولم ينجح الهجوم، حيث قامت قوات النظام السوري، المدعومة من المليشيات الشيعية من لبنان وإيران والعراق، باستعادة المناطق التي خسرتها".
وتفيد المجلة بأن "رئيس النظام السوري بشار
الأسد تعهد بسحق المعارضة في حلب، ومع عودة الطائرات السورية إلى الجو فوق المدينة، بدأت القوات الموالية للنظام بالحشد على طول خطوط القتال؛ تحضيرا للعملية البرية، ويعتقد المقاتلون، الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم بحوالي ثمانية آلاف مقاتل، أنهم قادرون على الصمود أمام هذا الهجوم، ومهما يكن الأمر، فإن الجولة الجديدة من القتال ستطلق العنان مرة أخرى للموت والدمار على المدينة، التي عانت من أكثر مظاهر العنف في الحرب الأهلية".
ويجد التقرير أن "القصف الجوي المتجدد يجعل من الصعوبة على المقاتلين كسر الحصار الذي خنق المدينة، حيث لم يبق لدى السكان إلا الحصص الأخيرة من مخزون الطعام، وتقول الأمم المتحدة إن المواد الغذائية والطبية والوقود في أدنى مستوياتها، واندلعت أعمال شغب للحصول على ما تبقى من المساعدات الإنسانية".
وتنقل المجلة عن الدكتور حاتم، وهو أحد أطباء الأطفال الذين ظلوا في حلب الشرقية، قوله: "لا يخشون النظام أو الروس، وكل ما يخيفهم هو التفكير في كيفية الحصول على الوجبة القادمة لأطفالهم، ولا يهمهم أي شيء آخر".
وبحسب التقرير، فإنه في غياب أي توقف في الأعمال العدائية، فإنه لا يمكن إدخال مساعدات إنسانية إلى الجزء الشرقي من المدينة، حيث تقدر الأمم المتحدة عدد من بقوا فيها بـ 250 ألفا إلى 300 ألف.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن "حرب الحصار أصبحت جزءا مهما من أسلوب الأسد، حيث سمحت له بعزل جيوب المقاومة، ومن ثم سحقها، دون أن يستخدم الكثير من قواته، ويعتقد المقاتلون في الوقت الحالي أنهم سيواصلون القتال، لكن النجاة من الحصار قد تكون أكثر صعوبة".