اتفق أعضاء منظمة
أوبك الأسبوع الماضي على خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا إلى 32.5 مليون برميل، وذلك اعتبارا من الأول من يناير 2017. ويسري هذا الاتفاق لمدة ستة أشهر، ولكن يمكن تمديده لمدة ستة أشهر أخرى في اجتماع "أوبك" القادم في مايو 2017.
وعلاوة على ذلك، فيبدو أنه قد تم التوصل إلى اتفاق أيضا مع البلدان المنتجة من خارج "أوبك"، حيث قال وزير الطاقة الروسي إن بلاده ستخفض إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميا، كما أن الاجتماع المزمع عقده في الدوحة خلال الأسبوع الحالي بين "أوبك" والمنتجين من خارج "أوبك" قد يؤدي إلى خفض آخر في الإنتاج بمقدار 300 ألف برميل من خارج "أوبك".
ووفقا للتقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني، فقد تضمن الاتفاق الذي تم الإعلان عنه تخفيضات أكبر وتفاصيل أكثر مما كان متوقعا عن البلدان التي ستساهم في تلك التخفيضات. ونتيجة لذلك، كانت استجابة السوق إيجابية للغاية حيث ارتفعت أسعار
النفط بنسبة 8.8% إلى 50.5 دولار أمريكي للبرميل من 46.4 دولار قبل يوم الاجتماع.
وعند النظر نحو آفاق المستقبل، فإنها تبدو الصورة أفضل بالنسبة لأسعار النفط نتيجة لاتفاق "أوبك". ومع ذلك، فإن هناك خطرا يتمثل في عدم تنفيذ الاتفاق بالكامل. ولذلك، فإننا سنتناول في ما يلي احتمالين اثنين:
أولا، سوف ننظر في حركة الأسعار خلال عام 2017 في حال تم تنفيذ التخفيضات بالكامل من قبل دول "أوبك" والمنتجين من خارجها.
وثانيا، سننظر في الأسعار المتوقعة في حال ظل الإنتاج عند مستوياته الحالية.
ويفترض السيناريو الأول قيام "أوبك" بخفض إنتاجها إلى 32.5 مليون برميل يوميا خلال عام 2017، وقيام الدول غير العضوة في "أوبك" بخفض الإنتاج بمقدار 600 ألف برميل في اليوم من المستويات الحالية.
وبناء على البيانات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة، فقد شهد سوق النفط العالمي تفوق المعروض على الطلب بمتوسط 600 ألف برميل في اليوم في 2016. ومن شأن الخفض المقترح خلال اتفاق الأسبوع الماضي أن يقلص إنتاج النفط العالمي بحوالي 900 ألف برميل في اليوم في المتوسط في 2017، مقارنة بمتوسط الإنتاج في 2016.
ومن شأن هذا الأمر أن يقضي على تخمة المعروض الحالية وينعش الأسعار. إلى جانب ذلك، تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.2 مليون برميل في اليوم في 2017. وبالتالي فإن من المتوقع أن يتحول سوق النفط العالمي من فائض في المعروض بحوالي 600 ألف برميل في اليوم في 2016 إلى نقص في المعروض يقدر بـ1.6 مليون برميل في اليوم.
واستنادا إلى ذلك، فإننا نتوقع أن تبلغ أسعار النفط متوسط الـ60 دولارا أمريكيا للبرميل في 2017، أي بتغيير بحوالي 5 دولارات للبرميل عن توقعنا السابق. وعند هذا المستوى، فإن من المرجح أن يبدأ المنتجون الهامشيون، ومنتجو النفط الصخري الأمريكي بالتحديد، بالعودة إلى السوق، وهو ما نتوقع أن يضع سقفا للأسعار بحدود 60 دولارا أمريكيا للبرميل.
وفي السيناريو الثاني، نفترض أن يكون الالتزام باتفاق الأسبوع الماضي ضعيفا، مع عدم القيام بأي خفض من قبل "أوبك" لمستويات الإنتاج الحالية وزيادة الدول غير العضوة في "أوبك" إنتاجها بحسب التوقعات التي سبقت اجتماع "أوبك".
وفي ظل هذا السيناريو، فسيظل المعروض متفوقا على الطلب بمقدار 500 ألف برميل في اليوم في 2017، لكن مع تقلص في فائض المعروض. ونتيجة لذلك، فإن من المتوقع أن ترتفع الأسعار إلى متوسط 55 دولارا للبرميل في 2017 من متوسط 45 دولارا في 2016، في انسجام مع توقعاتنا السابقة.
ومن المرجح أن تكون النتيجة الفعلية في مكان ما بين السيناريوهين المذكورين. فمن غير المرجح أن يتم تنفيذ الاتفاق بالكامل، وذلك لعدد من الأسباب:
أولا، رغم أن البلدان الرئيسة في منظمة أوبك عادة تلتزم بحصص الإنتاج، فإن عددا من البلدان الأخرى لديها سجل حافل بعدم الالتزام.
وثانيا، أن اتفاق "أوبك" الأخير لا يشمل نيجيريا وليبيا، حيث يتوقع قيامهما بزيادة الإنتاج عقب الانقطاعات الأخيرة، على نحو يلغي أثر تخفيض الإنتاج في مناطق أخرى.
ثالثا، أنه في ما يخص خفض الإنتاج في البلدان غير الأعضاء في منظمة أوبك، فإن منظمة أوبك لا تملك سلطة رقابية أو نفوذا على هذه الدول، ولذلك فإن قدرتها على ممارسة الضغط لحمل تلك البلدان على الالتزام بحصص الإنتاج ضعيفة نسبيا.
وأخيرا، أن البلدان المنتجة للنفط عانت من صعوبات كبيرة في موازناتها على مدى عامين ونصف العام، لذلك فإنها ستكون معرضة لإغراء كبير لخرق الاتفاق وإنتاج مزيد من النفط بهدف الحصول على مزيد من الأموال.