أجرت صحيفة "حرييت" التركية لقاء موسعا مع سحر ألتنطاش، شقيقة مولود ميرت ألتنطاش، منفذ عملية
اغتيال السفير الروسي في أنقرة، أندريه كارلوف، الاثنين الماضي. وكشفت الشقيقة الكبرى لمولود ألتنطاش عن تفاصيل مهمة حول حياته وحياة أسرته.
ونقلت الصحيفة عن سحر ألتنطاش قولها إن عائلتها لم تكن ملتزمة دينيا بشكل معمق، وأنها كانت تذهب برفقة شقيقها إلى المسجد في الصيف لتعلم القرآن الكريم. وأوضحت سحر أن شقيقها كان طفلا نشيطا ومجتهدا في صغره، وحين التحق بالثانوية أخبر والدتهما أنه لن يتلقى دروسا خصوصية، وسيحاول التفوق والنجاح بالاعتماد قدراته الشخصية.
وأوردت الصحيفة، في تقرير ترجمته "
عربي21"، نقلا عن سحر، أن مولود لم يكن يطمح لأن يصبح شرطيا، ولكن العائلة قررت أن يدخل سلك الشرطة. ونزولا تحت رغبة الجميع، وخاصة والدته، اجتاز مولود الامتحان الخاص بمعهد الشرطة.
وأفادت الصحيفة أن سحر نفت تماما الأخبار التي تم تداولها، والتي ادعت أن مولود قد التحق بمدرسة "كورفيز الخاصة" التابعة لجماعة فتح الله
غولن. كما نفت أيضا حصوله على أي دعم من رجل أعمال أو غيره، مشيرة إلى والدته تكفّلت بمصاريف دراسته.
وأشارت الصحيفة إلى أن سحر قد لاحظت بوادر تغير جذري في شخصية مولود بعد دخوله معهد الشرطة. وأوضحت أن مولود قضى سنته الأولى في المعهد بشكل طبيعي جدا، ولم تظهر عليه بوادر التغيير إلا في السنة الموالية، حيث أصبح يقضي معظم وقته في المسجد، ولا يخرج أبدا برفقة العائلة. علاوة على كل ذلك، أصبح مولود منطويا جدا على نفسه، ويفتعل أية مناوشات مع أفراد العائلة حتى يغادر المنزل وينضم إلى رفاقه.
وتحدثت سحر عن حالة القلق والشك التي ساورت كل أفراد العائلة، نظرا للتغير الكبير الذي طرأ على سلوك مولود في تلك الفترة. وقالت إنه في "آخر مرة، عندما جاء مولود للمنزل في شهر تشرين الأول / أكتوبر الماضي، كنت في إجازة".
وأضافت: "لاحظت أنه لا يخرج بتاتا من المنزل، ما استرعى فضولي وسألته عن سبب ذلك، ولماذا يرتدي ملابس رثة وقديمة، وطلبت منه الخروج للتسوق وشراء بعض الملابس الجديدة، ولكنه أبى، وقال إنه لا يريد ملابس جديدة، فهو لا يحتاجها أصلا".
وقالت أيضا: "ذهبت والدتي لزيارته في أنقرة أكثر من مرة، وكنت دائما أسألها: ألم تلاحظي شيئا؟ وكانت تجيبني بأنها قد قامت بترتيب المنزل وخزانته ولم تلاحظ أي شيء مريب، حيث لم تجد سوى القرآن الكريم، وبالتالي لم يكن هناك أي مبرر لمخاوفنا. لقد كان أمانة بيد الدولة وكان ينتقل باستمرار من مدينة لأخرى، ولذلك كان من المستحيل أن نعرف مع من يلتقي ويقضي جل وقته".
ونفت سحر أن تكون على علم بأن اسم مولود يوجد ضمن "القائمة الرمادية"، واعتبرت أن ذلك شبه مستحيل، حيث استمر مولود في عمله، في الوقت الذي اعتقل فيه الكثيرون وأوقفوا عن عملهم.
وذكرت الصحيفة أن طوال فترة بقائه في معهد الشرطة، نأى مولود بنفسه عن عائلته، ولم يكن يخبرهم بأية تفاصيل تخص تدريبه، على حد تعبير أخته. في المقابل، أشارت سحر إلى أن أحد أصدقائه، والذي رفضت الصحيفة الإدلاء باسمه لدواع أمنية، كان على صلة وثيقة به طوال الفترة الماضية.
ومن الملفت للنظر ما روته سحر عن أخيها، حيث ذكرت أنه خلال زيارته الأخيرة للمنزل، ألحّ عليها وعلى أمها بموضوع الزواج، وقال: "جدوا لي فتاة أريد أن أتزوج، زوجوني".
وأصرّ مولود على الموضوع كثيرا، فلم يخل يوم طيلة العشرة أيام التي قضاها في المنزل؛ دون التطرق للموضوع. وفي الوقت نفسه، تعتقد سحر أن الأيادي الخفية استخدمته لكونه أعزبا وغير متزوج، ومن المرجح أنه كان ينوي الزواج للتملص من هذه المهمة.
وعن الأنباء التي تحدثت عن مشاركة مولود ألتنطاش في فريق حماية رئيس الجمهورية، قالت سحر إنه فعلا دخل امتحانات "حماية رئاسة الجمهورية"، ونجح فيها، ولكن تأجل انضمامه، لأنه لم يتجاوز السنة في سلك الشرطة.
وتحدثت الصحيفة عن المشاعر التي ساورت سحر وعائلتها يوم وقوع العملية. وذكرت سحر أن مولود اتصل بوالدته التي كانت تتسوق، وأخبرته بأن هناك ضجة من حولها ولا تسمع شيئا وستتصل به فور عودتها إلى المنزل. وعندما وصلوا للبيت فاجأهم اتصال من قريب لهم، يعلمهم بأن السفير الروسي قد أردي قتيلا على يدي مولود ألتنطاش. وعلى الفور، أصيبت والدته بانهيار عصبي، وبعد دقائق داهمت الشرطة المنزل وأخذتهم، ولم يكونوا حينها على علم بأنه قد قُتل.
وأوردت الصحيفة في نهاية الحوار مع سحر؛ أنها قد أعربت عن رفض عائلتها استلام الجنازة، كما أتت على ذكر جميع المضايقات والضغوطات التي تتعرض لها، على غرار قيام الجهة التي تعمل لديها بفصلها من عملها، وأشارت إلى أن حياتها أصبحت معرضة للخطر، مشددة على أنه لا ذنب لهم في الجريمة التي اقترفها مولود.