شنت السلطات
الجزائرية بالآونة الأخيرة، حملة توقيفات، طالت
مدونين ومستخدمين لوسائل
التواصل الاجتماعي، بينما دق محامون ومنظمات حقوق الإنسان ناقوس الخطر إزاء ما وصفوه بـ"خنق حرية التعبير" في البلاد.
ووجهت للمدونين المعتقلين تُهم مختلفة، تخص في أغلبها المساس بالأمن، والإساءة لهيئات نظامية.
وقد دفعت هذه الحملة فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الإستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، التابعة لرئاسة الجمهورية بالجزائر، السلطات التي تقف وراء حملة ملاحقة المدونين بالتزام الهدوء والتعقل، معتبرا أن "تبعات مثل هذه الإجراءات التي باتت تشوه بشكل بالغ سمعة الجزائر دوليا".
وشددت السلطات الجزائرية الرقابة على المدونين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل صارم، حيث أوقفت في الآونة الأخيرة، مدونين وصحفيين بسبب منشورات على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي.
وتم توقيف الناشط صهيب قرفي يوم 10 كانون الثاني/ يناير الجاري، بمحافظة الطارف شرق الجزائر، بتهمة إهانة هيئة نظامية والإساءة إلى رئيس الجمهورية، إثر تبادله مع أصدقاء منشورات تنتقد النظام.
وفي إحدى أبرز الحالات، اعتقلت السلطات في 11 تموز/ يوليو الماضي، المدون محمد تامالت، ثم صدر بحقه حكم بالسجن لعامين، بتهمة الإساءة للرئيس عبد العزي بوتفليقة، والقائد العام للجيش الفريق أحمد قايد صالح، وأبنائه، والوزير الأول عبد المالك سلال، وابنته.
غير أن تامالت توفي بالسجن يوم 11 كانون الأول/ ديسمبر، بسجنه في العاصمة، إثر إضرابه عن الطعام.
وينظم نشطاء حقوق الإنسان بالجزائر حملة لدعوة السلطات للكف عن ملاحقة المدونين.
واستنكر مصطفى بوشاشي، الناشط السياسي والحقوقي الجزائري، حملة التوقيفات التي استهدفت في الآونة الأخيرة؛ مجموعة من المُدونين بسبب تعبيرهم عن آرائهم ومواقفهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال بوشاشي لـ"
عربي21" إن "هذه الملاحقات التي تتم بالجملة تعطيل علني ومباشر لحرية التعبير المكفولة دستوريا".
وكان وزير العدل، الطيب لوح، قد رد الخميس الماضي؛ على أسئلة نواب بالبرلمان الجزائري حول اعتقال المدونين، بقوله إن "من استهدفتهم المتابعات القضائية هم أولئك الذين تعدوا على القانون"، مذكرا بوجود "نصوص قانونية تجرم القذف والسب والتحريض على أعمال العنف والإتصال بجمعيات أو شبكات محددة الصفة"، كما قال.
وذكر لوح أن "مصالح الأمن تقوم في إطار الضبطية القضائية بالاستماع إلى هؤلاء لتقديمهم بعد ذلك إلى العدالة في حال وجود أدلة تُدينهم"، على حد قوله.
غير أن الحقوقي مصطفى بوشاشي أكد لـ"
عربي21"؛ أن "تبريرات وزارة العدل بإجراء اعتقال مجموعة من المدونين لا أساس لها، باعتبار أن أكثر من 90 في المئة من المستهدفين بالمتابعات الجزائية عمدوا إلى التعبير عن مواقفهم حول الشأن العام بكل حرية مثلما يكفله الدستور الجزائري".
وأضاف: "الملاحظ أنه ليس هناك أي شكوى من أي جهات أو أطراف متضررة ضد المتابعين، وإنما بموجب مبادرات من مصالح النيابة العامة أو مصالح الضبطية القضائية"، وفق قوله.
ويعتقد بوشاشي أن السلطات الجزائرية "تحاول السيطرة على وسائل التعبير الجديدة من خلال ملاحقة المدونين والنشطاء الحقوقيين، وذلك بعد أن تمكنت عن طريق ضغوط متعددة من فرض بعض القيود على وسائل الإعلام المختلفة".
"تخابر مع قوى أجنبية"
وفي حالة أثارت جدلا بسبب حساسيتها، شرعت السلطات القضائية بمحافظة بجاية، شرق الجزائر، بالتحقيق مع ناشط بشبكة التواصل الاجتماعي، تم توقيفه الأحد، حيث وُجهت له تهمة "التخابر مع قوى أجنبية".
واعتقل المدون مرزوق تواتي، (30 سنة) في أحد شوارع بجاية، قبل أن يُعرض على النيابة العامة، بعدما نشر في صفحته على "فيسبوك"؛ حديثا جمعه بالمتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، حسن كعبية"، بحسب تحقيقات الشرطة المحلية.
وأوردت التحقيقات، بحسب محامي المعتقل، صالح دبوز، أن المدون مرزوق تواتي، تحادث مع الدبلوماسي الإسرائيلي حول ثورات الربيع العربي، وما إذا كانت إسرائيل تقف وراءها فعلا، أو إذا كانت الجزائر مستهدفة من طرف إسرائيل".
وتابع دبوز، الذي زار موكله في السجن، في حديث لـ"
عربي21": "الدبلوماسي الإسرائيلي نفى في المحادثة مع المدون المعتقل أن تكون إسرائيل مهتمة بالشأن الداخلي الجزائري، وأن إسرائيل ليس لها حدود مع الجزائر حتى تهتم بشأنها أو نتحدث عن علاقة حسنة أو سيئة مع هذا البلد".