أحبط رئيس الوزراء
العراقي خطوة اتخذتها فصائل موالية لإيران في حكومته كانت تريد الرد على
حظر السفر الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويظهر هذا الصراع الموقف الصعب الذي وجد الزعيم العراقي نفسه فيه، فهو بين مطرقة أقوى جيرانه وسندان الولايات المتحدة تحت حكم ترامب.
بالنسبة لحيدر العبادي بدا الموقف صعبا ليل الأحد؛ فخلال اجتماع لأقوى زعماء الشيعة وممثليهم واجه دعوات للرد بالمثل على حظر دخول الولايات المتحدة، الذي يشمل سبع دول ذات أغلبية مسلمة منها العراق.
وأصر من يُعتبرون الأقرب إلى
إيران على أنه يجب أن يرد العراق بحظر دخول المواطنين الأمريكيين إليه، على غرار ما فعلته طهران قبل ذلك بيوم.
لكن تم حل المسألة بسلاسة لصالح العبادي. وحذر رئيس الوزراء زعماء الشيعة من أن حظر دخول الأمريكيين، سيعرض دعم واشنطن للحرب على تنظيم الدولة للخطر، وبالتالي أصبحوا مستعدين في الوقت الحالي على الأقل لرفض مطالب الفصائل الموالية لإيران.
وفي حين اتفق زعماء الشيعة على أن الأمر الأمريكي جائر، فإن من المفهوم أن حلفاء إيران لم يكن لديهم خطة بديلة لكيفية إنهاء المعركة في الموصل آخر مدينة كبيرة تحت سيطرة الدولة دون مساعدة الولايات المتحدة.
وقال العبادي في مؤتمر صحفي الثلاثاء، إن من مصلحة العراق الحفاظ على تحالفه مع الولايات المتحدة. وأضاف: "لا نريد اتخاذ أي شيء من هذا القبيل. لكن ندرس كل القرارات. لدينا معركة ولا نريد الإضرار بالمصلحة الوطنية."
وقال أحمد يونس أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بغداد، إن حلفاء إيران يستعدون للدفاع عن مطلبهم مرة أخرى إذا ازدادت العلاقات بين واشنطن وإيران تدهورا بعد معركة الموصل.
تصويت رمزي
وحذر عضو شيعي بارز بالبرلمان من تغير الموقف إذا تم مد الحظر.
وقال النائب حسن الخلاطي المقرب من رجل الدين والسياسي الشيعي البارز السيد عمار الحكيم، الذي استضاف اجتماع الأحد: "هم قد وعدوا أن الخارجية الأمريكية سوف تراجع القرار وأن القرار مؤقت لثلاثة أشهر وخاضع للمراجعة. إذا استمر القرار سيكون ضغطا بالتأكيد" على الحكومة لترد.
وفي علامة على استمرار عدم الرضا، أظهر تصويت برفع الأيدي في البرلمان يوم الاثنين أن أغلبية النواب كانوا يفضلون الرد بمنع دخول الأمريكيين للعراق. وكان التصويت رمزيا لأن زعماء الشيعة كانوا قد تراجعوا عن موقفهم في الاجتماع الذي عقد يوم الأحد.
وزادت واشنطن الجمعة الضغوط على إيران وفرضت عقوبات على 13 فردا وكيانا، بعد أيام من تحذير البيت الأبيض لطهران بشأن تجربة صاروخ باليستي.
وضعف النفوذ الإيراني على الساحة السياسية العراقية بعد أن هزمت الدولة الجيش العراقي في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي كان حليفا وثيقا لطهران.
لكن حظر السفر الأمريكي الذي يمنع دخول المواطنين من العراق وسوريا وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن، دعم حجة الفصائل السياسية الموالية لإيران التي تسعى لزيادة نفوذ طهران على حساب واشنطن.
ويعلن المسؤولون الإيرانيون دعمهم للعراق في الحرب على تنظيم الدولة، لكنهم لا يدلون بتصريحات علنية عن الشؤون الأمريكية العراقية تجنبا لإحراج بغداد.
الاحتفاظ بمسافة
وخلافا للمالكي احتفظ العبادي بمسافة بينه وبين إيران. وبعد أن أشرف الميجر جنرال الإيراني قاسم سليماني على تشكيل وحدات الحشد الشعبي اختفى عن الأنظار في منتصف 2015.
لكن عددا من صناع القرار السياسي والمحللين، قالوا إن حظر السفر يغير مجريات الأمور خاصة عبر تمكين الفصائل الموالية لإيران.
وتساءل النائب إسكندر وتوت من كتلة المالكي- وهي الأكبر بالبرلمان- لماذا يجب أن يثق العراق في الإدارة الأمريكية الجديدة، وقال إن من حق بلاده التقارب مع إيران باعتبارها حليفا آمنا للحفاظ على المصالح القومية العراقية.
وأشار سياسي عراقي مخضرم طلب عدم نشر اسمه، إلى أن علاقة بغداد بواشنطن ليست انعكاسا مباشرا للمساعدات التي قدمتها للعراق.
وقال: "حين تنظر إلى مستوى الدعم العسكري والمالي الذي يحصل عليه العراق من واشنطن، تتوقع أن يكون حليفا مقربا من الولايات المتحدة على غرار الأردن أو المغرب.
"لكن العراق يبدو حليفا مترددا للولايات المتحدة. نادرا ما نسمع المسؤولين العراقيين يشيدون بالأمريكيين حين يتحدثون إلى الجماهير العراقية."
مقاومة الضغط
في الوقت الحالي نجح العبادي في إقناع الفصائل الموالية لإيران بالتراجع عن موقفها.
وخلال الاجتماع الذي عقد يوم الأحد، حسم العبادي النقاش لصالحه مع من كانوا يريدون الرد على الولايات المتحدة بالمثل بدعم من الحكيم، الذي يقود التحالف الوطني وتنضوي تحت لوائه الجماعات الشيعية الرئيسية.
ولم يتسن الوصول للحكيم للتعليق، لكن أحد مساعديه قال إن الزعيم مقتنع بالحاجة الماسة لهزيمة الدولة بالاستعانة بالقوة العسكرية الأمريكية.
وسمح تأييد الحكيم للعبادي بالتصدي للضغط الذي مارسه ممثلو أكثر الفصائل تطرفا داخل الحشد الشعبي، وهي الفصائل المسلحة التي دربتها إيران لمحاربة تنظيم الدولة. وكانت هذه الفصائل تريد من العراق أن يحذو حذو إيران في فرض حظر على دخول الأمريكيين إلى العراق."
وقال النائب العراقي خلاطي: "العراق لن يصبح ساحة لتصفية الحسابات ما بين أمريكا وإيران. فإيران دولة تدعم العراق وأمريكا تدعم العراق. نحن مصلحتنا أن نتخلص من الجهات الإرهابية."
وعقب الاجتماع، طلب وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري من السفير الأمريكي بالعراق توصيل طلب لإعادة النظر في الحظر، يشير للحاجة للتعاون في التصدي لتنظيم لدولة وإلى أنه لم يشترك عراقيون في هجمات على الأراضي الأمريكية.