شكك إعلاميون وباحثون في شؤون الصحافة والإعلام بمصر، في نجاح قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، في تأسيس إعلام موال يضاهي إعلام الرئيس الراحل
جمال عبدالناصر، في ظل ثورة إعلام "السوشيال ميديا".
وجدد السيسي أمنيته في أكثر من مناسبة بأن يحظى بإعلام كإعلام عبدالناصر، وقال في كانون الثاني/ يناير الماضي، خلال مداخلة هاتفية مع
الإعلامي الموالي للنظام عمرو أديب، في برنامجه "كل يوم"، إن "الإعلام في فترة عبدالناصر كان مع الدولة في حربها، ولكنه الآن لا يقف مع مصر في حربها ضد الإرهاب".
انتهاء دور الأمين
وكشفت مصادر إعلامية مقربة من مخابرات الانقلاب لـ"
عربي21" عن "عزم نظام السيسي على الاستمرار في الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من
القنوات الفضائية والإذاعية، وإعادة هيكلة مبنى ماسبيرو (التلفزيون المصري)، بالإضافة إلى مواقع إلكترونية وصحفية".
وأضاف المصدر أن "رجل الإعلام الموالي والمقرب من النظام، محمد الأمين، رئيس غرفة الإعلام المرئي والمسموع، ومالك قنوات سي بي سي، سوف يختفي عن الأنظار، ولن يكون له أي دور في المستقبل، وسيفقد قنواته، وصحيفته الورقية والإلكترونية (الوطن) لصالح جهة أخرى سيادية، أو تابعة لها".
إعلام عبدالناصر لن يتكرر
وفي هذا الصدد؛ قال مدير قناة "مصر 25" السابق، الإعلامي حازم غراب، إن "السيسي يريد التدليس وغسل الأدمغة، كما كان يفعل سلفه الطاغية عبدالناصر" على حد وصفه، مضيفا أن "قلة العقل -ولا أقول قلة الخبرة السياسية- تصور له إمكانية العودة إلى تقنيات دعايات الخمسينيات والستينيات".
وأضاف غراب لـ"
عربي21" أن "السماوات المفتوحة، والفضاء الإلكتروني، والميديا الجديدة الفردية والجماعية؛ كلها تجعل العودة إلى تقنيات دعايات غسل الأدمغة والتدليس مستحيلة".
من جهته؛ قال الإعلامي شريف منصور، إن "السيسي يرغب بتهيئة الجماهير لقبول التطبيع مع العدو الصهيوني، وإعادة تشكيل النظام وفق المنظومة العالمية الجديدة، وجعل العدو الرئيس هو ما يسمى بالإرهاب الإسلامي".
وأضاف لـ"
عربي21": "لذلك؛ فهو يحاول استعادة نفس التجربة عبر احتكار وسائل الإعلام، وتوجيهها، ولنتذكر أن توقيت الحديث حول إعادة هيكلة وسائل الإعلام كان في 24 أيار/ مايو 2016، وهو استعادة لتاريخ إصدار قانون تأميم الصحافة في 24 أيار/ مايو 1960".
ولكن منصور استبعد إعادة عجلة الزمن إلى الخلف، مؤكدا أنه "لا يمكن استعادة تجربة عبدالناصر في عصر السوشيال ميديا، فالثورات رغم تقهقرها وتراجعها؛ إلا أنها أوجدت أجيالا لن تتراجع على الأقل عن فضح النظم الفاشية المستبدة".
إشادة في محلها
وفي المقابل؛ رأى عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجامعة جنوب الوادي، عبدالعزيز السيد، أن إشادة السيسي بإعلام عبدالناصر "كان في محله، حيث إنه كان يقصد أنه إعلام تنموي تعبوي؛ يقف خلف مشروعه الناصري في وقتها".
وقال لـ"
عربي21" إن "مصر تشهد حالة فوضى إعلامية، ضررها أكبر من فوائدها، وتتميز هذه الحالة بأنها تركز على بعض القضايا الفرعية، وتمارس المعالجة بشكل خاطئ، وتفتقر للمهنية والموضوعية"، مضيفا أنه "من الطبيعي أن تمتلك الدولة وسائل صحفية وإعلامية تتمثل في الصحف القومية، ومبنى ماسبيرو، وتعد منصات إعلامية للوطن والشعب".
ونفى السيد أن يكون النظام الحالي قد أنشأ قنوات خاصة، قائلا: "لا يوجد دليل واحد على امتلاك الدولة قنوات خاصة، ولم يخرج بيان رسمي من الدولة يؤكد مثل هذا الحديث، بما فيها قنوات (دي إم سي) المملوكة لشركة المتحدة"، مشيرا إلى أن وجود قنوات خاصة حريصة على إنجاح سياسة الدولة "شيء جيد يصب في صالح العموم" وفق تقديره.
معركة كسب ثقة الجماهير
من جهته؛ أكد المحلل السياسي أسامة الهتيمي أن "عملية الاستحواذ، أو تملك بعض القنوات ووسائل الإعلام؛ تأتي تحسبا لتخلي
الأذرع الإعلامية عن دعم السيسي، أو طرح رؤى متباينة، لتصبح القنوات والمواقع الجديدة بدائل يمكنها القيام بالدور الجديد على أكمل وجه".
وقال الهتيمي لـ"
عربي21": "لكن يبقى أن هذه السياسات لن يمكنها على الإطلاق أن تستنسخ تجربة عبدالناصر مع الإعلام بشكل دقيق، فثورة الإعلام والاتصالات والتقنيات الحديثة كسرت الكثير من الحواجز التي تجعل من الإعلام ووسائله حكرا على طرف دون طرف، الأمر الذي يرجح استعار المعركة الإعلامية بين النظام ومناوئيه لكسب ثقة الجماهير".