نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا؛ سلطت من خلاله الضوء على الأزمة القائمة بين عدد من بلدان الاتحاد الأوروبي وتركيا، والتي من شأنها أن تخدم المصالح الروسية.
وجاءت الأزمة بعدما منعت دول أوروبية تجمعات لأتراك كان يفترض أن يحضرها مسؤولون أتراك، قبل أن تذهب هولندا إلى طرد وزيرة الأسرة، فاطمة بتول كايا، ومنع طائرة وزير الخارجية مولود تشاويش أوغلو من الهبوط.
وأشارت الصحيفة إلى أن موسكو اعتبرت أن حل النزاع بين
تركيا وهولندا لا يتطلب تدخل وسطاء. وفي الأثناء، وكرد فعل دبلوماسي، دعت
روسيا كلا من الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى ضبط النفس، كما وجهت روسيا نداء لكل من هولندا وتركيا بضرورة تجنب التصعيد في المواقف السياسية بينهما.
وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، إنه "من المستبعد أن يكون هناك حاجة لتدخل وسطاء بين الدولتين لفض الخلاف، إلا أن على كل من هولندا وتركيا ضبط النفس لتجاوز هذه الأزمة".
وبينت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، أن هذا الوضع المتوتر بين تركيا وأوروبا من المرجح أن يستمر في مرحلة ما بعد الاستفتاء التركي، وقد يزداد سوءا. فبعد نهاية الاستفتاء ستجد
أوروبا نفسها أمام تحديات جديدة، خاصة في ظل الخلافات القديمة بينها وبين روسيا بشأن العديد من القضايا الشائكة، فضلا عن
العلاقات الغامضة التي تجمعها مع ترامب ونواياه تجاه أوروبا التي من الصعب التنبؤ بها، علما أن كلا من الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، يعتبران أردوغان حليفا مهما لهما في الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة أن أوروبا عاجزة عن التأثير فعليا في تركيا، نظرا للنزاع القائم بين كلا الطرفين، الأمر الذي يصب في مصلحة روسيا، وذلك حسب تصريحات الخبير في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، كيريل كوكتوش، خاصة أن تدهور العلاقات الأوروبية التركية قد تزامن مع عودة العلاقات الروسية التركية. وفي هذا السياق تأتي الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لموسكو.
وقالت الصحيفة إن العلاقات الروسية التركية لم تعد إلى الوتيرة التي كانت عليها قبل الأزمة التي شهدتها في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، إلا أن كلا البلدين قد وضعا أهدافا جديدة بغية تنمية التعاون بينهما في مجالات عديدة. ولطالما مثل التقارب الروسي التركي تهديدا كبيرا بالنسبة لأوروبا، خاصة وأن علاقاتها مع تركيا لم تكن في أحسن حالاتها.
وفي هذا الصدد، أوردت الصحيفة تصريحات المحلل التركي، طلعت جتين، الذي أقر أن "التقارب بين موسكو وأنقرة لن يعود بالنفع على الاتحاد الأوروبي، بل على العكس تماما سيؤثر ذلك سلبا على مصالحها، وربما هذا ما يفسر العصبية وردود الفعل العنيفة تجاه أنقرة؛ من قبل دول الاتحاد الأوروبي على خلفية الاستفتاء الذي ستقوم به تركيا والذي يعد شأنا داخليا".
وأكدت الصحيفة أن الخلاف التركي الأوروبي لن ينتهي بعد الاستفتاء، بل على العكس تماما، لا تزال هذه المواجهة في بدايتها. وفي هذا السياق، أقر طلعت جاتين بأن أردوغان لديه أيضا الآليات الكافية للرد على أوروبا، بل ومن الممكن أن تصل المواجهة التركية الأوروبية إلى مستويات أشد خطورة وحدّة، خاصة إذا ما قرر أردوغان إلغاء اتفاق اللاجئين. في واقع الأمر، هذه الخطوة لوحدها كفيلة بخدمة المصالح الروسية التي ستستفيد بشكل كبير من حالة الفوضى التي من المرجح أن يغرق فيها الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب.
وأوضحت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي على يقين تام من أن عدوته القديمة، روسيا، ستستفيد بشكل واضح من هذا الخلاف القائم مع تركيا، نظرا لأن الدول الأوروبية قد تواجه تحديات وعواقب كارثية محتملة في ظل تفاقم الأزمة مع أنقرة، مما سيؤدي إلى ضعف دورها تدريجيا في الساحة الدولية.