نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتبين روبرت كيغان وميشيل دان، يحثان فيه أمريكا على مراجعة شاملة للعلاقات مع
مصر.
ويقول الكاتبان: "سيتم الاحتفاء بالرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي في واشنطن يوم الاثنين، بصفته حليفا رئيسيا في الحرب على الإرهاب والتطرف الإسلامي، بالإضافة لكونه مؤيدا للجهود الأمريكية لجلب السلام والاستقرار للمنطقة.. ولسوء الحظ فإنه ليس أيا من ذلك".
ويضيف الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "قمع السيسي الوحشي جعل من مصر منشأة إنتاج للعنف والتطرف بكميات ضخمة، وزادت الحوادث الإرهابية ولم تتراجع منذ ان استحوذ على السلطة عام 2013، أما بالنسبة للمنطقة فإن السيسي يدعم نظام بشار الأسد في سوريا، ويوافق دون شروط على الوجود العسكري الروسي في الشرق الأوسط".
وتتساءل الصحيفة قائلة: "هل هو صديق للولايات المتحدة؟ عندما يتعلق الأمر بالحصول على التمويل الأمريكي، نعم، فالسيسي سعيد أن يأخذ أكثر من مليار دولار أمريكي يصوت له الكونغرس عليها سنويا دون سؤال، وفي الوقت ذاته فإن إعلامه، الذي تدعمه الحكومة، مليء بالتهجم اللاذع ضد الغرب، بالإضافة إلى أن الأمريكيين العاملين في مصر والمصريين العاملين مع مؤسسات غربية يواجهون تهما مصطنعة بحسب قوانين صارمة، تجرم ليس فقط التمويل، لكن حتى الاتصال بين المصريين والأجانب".
ويستدرك الكاتبان بأنه "مع ذلك، فإن العديد في الإدارة والكونغرس يصرون على رؤية السيسي حليفا قويا، فيجب عليهم الإمعان في النظر، فإن سجون مصر الملآى بالشباب والشابات الذين تم اعتقالهم بشكل تعسفي، وتم الاعتداء عليهم جسديا وعذبوا، أصبحت بمثابة حاضنات للتطرف، فالمفجر الانتحاري، الذي قتل 29 شخصا في كنيسة في القاهرة في كانون الأول/ ديسمبر مثلا، هو نتاج نظام السجون الوحشي، حيث يصبح الأشخاص الذين لم يكونوا متطرفين عند دخولهم السجن متطرفين عند مغادرته".
وتشير الصحيفة إلى أن "الإسلاميين ليسوا وحدهم من يعانون من القمع، فالسيسي قام بقمع المجموعات العلمانية من منظمات حقوق الانسان المصرية إلى المجموعات الشبابية، وأحد الضحايا، ومثلها آلاف الضحايا عدا أنها مواطنة أمريكية، آية حجازي، التي سجنت دون ذكر سبب لمدة ألف يوم بتهم مصطنعة تتعلق بعملها مع أطفال الشوارع".
ويبين الكاتبان أن "الخطر الأكبر على استقرار مصر يأتي من الاقتصاد الكارثي، هنا يحصل السيسي على درجات عالية في أمريكا؛ بسبب اتخاذه إجراءت لطالما تم تأجيلها، مثل تعويم العملة، وتخفيض الدعم على الطاقة، لكنه فشل في اتخاذ الخطوات اللازمة لتدريب القوى العاملة المتزايدة، وتشجيع إيجاد الوظائف في القطاع الخاص".
وتنوه الصحيفة إلى أنه "بحسب الإحصائيات الرسمية، فإن مؤشر البؤس في مصر وصل في شهر شباط/ فبراير إلى 45%: 33% تصخم أساسي و12% بطالة، والبطالة بين المصريين تحت سن الثلاثين أعلى من ذلك بكثير، وبدلا من ذلك قام السيسي بتوجيه المليارات للإمبراطورية التجارية للجيش المصري، فمشاريع البناء الضخمة، من توسيع قناة السويس بميزانية 8 مليارات دولار، وبناء العاصمة الجديدة في الصحراء بتكلفة 45 مليار دولار، تبقي الجنرالات سعداء، وتبقي السيسي آمنا من الانقلاب".
ويذكّر الكاتبان بالسجل الطويل لأمريكا في دعم من يمسك بزمام الأمور في القاهرة، لافتين إلى أنه "خلال السبع سنوات الماضية فقط، دعمت نظام حسني مبارك والحكومة العسكرية، التي استلمت مكانه، وحكومة الإخوان المسلمين برئاسة محمد مرسي والآن نظام السيسي، وأهملت فشلهم، ونظرت للجانب الآخر، في الوقت الذي قاموا فيه بإغراق مصر في حفرة سياسية واقتصادية، وقامت أمريكا طيلة الوقت بتوفير المستوى ذاته من المساعدات وبالشكل ذاته دون طلب أي شيء في المقابل، حيث قدمت الأسلحة الثقيلة التي ليست لها أي فائدة في مكافحة الإرهاب أو تأمين الحدود، لكن ببساطة لإبقاء الجيش المصري راضيا، وتعاملت مع مصر كونها شريكا في السلام، مع أن مصر أصبحت لا قيمة لها في جهود السلام في المنطقة".
وتجد الصحيفة أن "وجود إدارة جديدة يوفر فرصة لنظرة جديدة على هذه العلاقة القديمة، التي يتزايد حجم الاختلال فيها، فقد آن الأوان للتوقف عن أوتوماتيكية العلاقة".
ويقول الكاتبان: "يأتي السيسي إلى واشنطن للمطالبة بالمزيد: المزيد من الدعم المالي، والمزيد من الأسلحة، والمزيد من الاحترام، وعلى الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب أن يسأل بعض الأسئلة الصعبة حول ما تحصل عليه الولايات المتحدة مقابل السبعة وسبعين مليارا التي أنفقتها، وقد يصر على السيسي أن يغير تكتيكات مكافحة الإرهاب ليجعلها أكثر فعالية وأقل قمعا، وقد يصر عليه أن يطلق سراح الأمريكيين من سجونه، بالإضافة إلى أنه يمكنه أن يصر على السيسي أن يكف إعلامه الذي لم يعد حرا عن تشويه صورة أمريكا، وقد يقترح عليه بأن تؤدي سياسات مصر الاقتصادية إلى توظيف الشباب العاطل عن العمل، بدلا من دعم المشاريع والشركات العسكرية، وقد يطالب السيسي بأن يدعم أمريكا في مسألة سوريا والقضايا الإقليمية الأخرى".
ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إن "ترامب لا يخجل من سؤال حتى أقرب الحلفاء عما فعلوه لنا مؤخرا، ويمكن خلال هذه الزيارة أن يسأل هذا السؤال للسيسي".