أكدت "
جبهة الإنقاذ والتقدم" التي أعلن بتونس عن تأسيسها، مساء الأحد، عدم تحالفها مع حركة
النهضة وتفرعاتها وشركائها، واصفة إياها في بيانها الأول بـ"القطب الرجعي".
وضمت الجبهة -التي صنفت نفسها بالمعارضة- 10 أحزاب سياسية، على غرار: شق رضا بلحاج داخل حركة نداء
تونس، وحركة مشروع تونس، والاتحاد الوطني الحر، وحزب العمل الوطني الديمقراطي، وبعض الأحزاب الأخرى.
وكان بلحاج قد قال في كلمته بالمؤتمر التأسيسي للجبهة، إن "المشهد السياسي في تونس بدأ يختل لصالح حركة النهضة بسبب الانقسام في
نداء تونس"، معتبرا أن هذا الأمر "أصبح يهدد استقرار الحكم".
هيمنة "النهضة"
وأضاف بلحاج أن حركة النهضة "باتت تهيمن اليوم على الحياة السياسية؛ لأن الأحزاب مشتتة، وهو ما يقتضي تأسيس الجبهة، وذلك بهدف خلق التوازن المفقود".
من جانبه؛ هاجم رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، سليم الرياحي، حركة النهضة، متهما إياها بأنها "تسيطر على 13 ألف جمعية خيرية منتشرة في عديد الأحياء الشعبية والمدن المهمشة بالبلاد".
وخلص الرياحي إلى أن "النهضة" تهدف من وراء هذا العدد الكبير من الجمعيات، إلى "إبقاء التونسي فقيرا يعيش على المساعدات، وهذا ما يسمى بالإرهاب الاجتماعي، وهو الأب الروحي للإرهاب الديني الداعشي الذي تمارسه النهضة اليوم"، وفق تعبيره.
ووصف القيادي في حركة النهضة النائب أسامة الصغير "جبهة الإنقاذ والتقدم" بأنها "مشروع الضدية الذي ينتهي إلى الفشل"، مضيفا أنه "جُرب سابقا، وليس من مصلحة تونس اليوم الدعوة إلى الانقسام الذي لم يعد يخدم المواطن التونسي أو يقنعه".
وقال لـ"
عربي21" إن الساحة السياسية "مفتوحة اليوم للأفكار الجديدة بهدف تقديم مشاريع تشجع التونسي وتحثه أكثر على المشاركة في الانتخابات، فالأفكار بين مختلف الأحزاب إيجابية والتنافس ننصح به، لكن الدعوة إلى الانقسام لا تخدم أحدا".
ضد "النهضة"
وأضاف الصغير: "مشروعهم الأساسي أن يكونوا ضد النهضة، وهذا مشروع فاشل، وننصحهم بالتفكير في ما ينفع الناس، فالشعب يريد أن يرى الأحزاب متوافقة ومتحدة على اختلاف أفكارها ومشاريعها، بهدف إيجاد حلول لمشاكله اليومية".
ورأى أن مشكلة القائمين على هذه الجبهة؛ هي البحث عن مساحة سياسية لأنفسهم، لذلك فهم يحاولون إيجادها من خلال استعداء حركة النهضة، محاولين بذلك استقطاب جزء من الناخبين الذين صوتوا لنداء تونس بانتخابات 2014، والرافضين للتوافق الحاصل بين النداء والنهضة".
معركة
من جانبه؛ قال القيادي النهضوي النائب عبداللطيف المكي لـ"
عربي21": "سأرد على سليم الرياحي في الوقت المناسب.. كلامه مرفوض جملة وتفصيلا، وهو يدرك جيدا سر تركيزه على النهضة في تصريحاته".
أما الكاتب والمحل السياسي صلاح الدين الجورشي؛ فحدد ثلاثة تحديات ستواجه "جبهة الإنقاذ والتقدم"، أولها أنها تأسست وفق منطق تحديد الخصم "وبالتالي غلّبت المعركة التي ستقودها في المرحلة القادمة ضد النهضة".
واعتبر الجورشي في تصريح لـ"
عربي21" أن "جبهة الإنقاذ والتقدم كأنها تجمع آخر من أجل مواجهة النهضة، وتهميشها، واستضعاف وجودها على الساحة السياسية".
وتابع: "المشكل أن الجبهات أو الأحزاب التي تبنى على أساس مواجهة طرف ما؛ عادة ما تفشل في ذلك، بل ربما توفر عنصرا أو عاملا لتقوية من تراه خصما في المرحلة الحالية".
وأشار الجورشي إلى أن "جبهة الإنقاذ والتقدم" هي محاولة جديدة لتجميع الفسيفساء الحزبية التي تشكلت خارج إطار التحالف الأساسي الحزبي بين "النهضة" و"النداء"، مؤكدا أن هذا التحالف "يعاني من عديد الثغرات التي من شأنها أن تدفع الآخرين إلى التفكير في نوع من البدائل".
اختلافات وتناقضات
وثاني تحديات "جبهة الإنقاذ والتقدم" بحسب الجورشي، هي مدى قدرة هذه "الجبهة" على التغلب على الاختلافات والتناقضات بين مكوناتها، مشيرا إلى أنه "سبق لتجارب أخرى أن فشلت، ولم تصمد نتيجة العجز عن التحكم في التباينات والمصالح والأهداف بين مكوناتها".
وختم الجورشي بقوله: "أما التحدي الثالث؛ فيتعلق بمدى قدرة هذه الجبهة على تحقيق هزيمة فعلية لطرفين أساسين في الساحة؛ هما النهضة والنداء".
ورأى مراقبون أن المؤتمر التأسيسي لـ"جبهة الإنقاذ والتقدم" تحول إلى مساحة دعائية لـ"النهضة" و"النداء" لتكرر اسمي الحركتين خلال الاجتماع مرات كثيرة، بينما ذُكرت أسماء الأحزاب المكونة لـ"الجبهة" مرة واحدة فقط.
وأضافوا أن الخطاب الذي ساد في المؤتمر التأسيسي؛ هو نفسه الذي ركزت عليه حركة نداء تونس قبل انتخابات 2014، ومكنها من الفوز في "التشريعية" و"الرئاسية" آنذاك .
وعلق نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري، على صفحته في موقع "فيسبوك": "واحد يرقد سويعتين عشية أحد؛ يقوم يلقى موازين الكون تقلبت، الأرض تسطحت، ومحسن مرزوق وسليم الرياحي يحاربان الفساد!".
وكتب الإعلامي زياد الهاني على صفحته: "إنقاذ من وماذا؟ ممن ولماذا؟.. أية مصداقية لجبهة تلعب بورقة عداء النهضة لكسب أنصارها، والحال أن رموز هذه الجبهة كانوا من مهندسي التحالف مع النهضة في الحكم، وأسباب انقلاب مواقفهم معلومة؟".