رغم
الهجوم الأمريكي المفاجئ على
سوريا، وما نتج عنه من ضجة وردود فعل عالمية متباينة؛ إلا أنه مازال مبكرا الحديث عن تغير استراتيجي في نهج إدارة ترامب تجاه ما يجري في سوريا.
ترامب لا يخشى بوتين
رأى يوسي ميلمان؛ خبير الشؤون الأمنية في صحيفة "معاريف" العبرية؛ أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبعد ثلاثة أشهر من دخوله البيت الأبيض "تمكن من إعادة مكانة الولايات المتحدة إلى الصدارة - رب البيت وشرطي العالم –بعد الهجوم الصاروخي الذي قرره بسرعة" ضد قاعدة الشعيرات التابعة للرئيس السوري بشار الأسد.
وحول قرار ترامب بقصف سوريا قال: "مشكوك أن يكون أحد ما توقع أن يكون هذا.. لكنه أظهر أنه لا يخشى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يمسك عليه مادة محرجة (فضائح جنسية) من الفترة التي زار فيها موسكو كرجل أعمال، وبكلمات أخرى، يقول ترامب لبوتين: أنا لا أخشاك ولست قابلا للابتزاز".
وأوضح ميلمان، إلى أن "الهجوم الأمريكي يمس بالعلاقات بين أمريكا وروسيا ويعمق عدم الثقة بين الزعيمين والدولتين، ويقلص الاحتمالات – بحسب محللون كثيرون – بأن يتوصلا إلى نوع من التسوية لتقسيم العالم بينهما إلى مناطق نفوذ".
وأشار الخبير إلى تصريح وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان؛ والذي كشف النقاب عن أن "إسرائيل" تمتلك أدلة على أن الأسد هو الذي أمر باستخدام غاز السارين، كجزء من المخزون الصغير نسبيا الذي نجح في إخفائه عن عيون المراقبين الدوليين.
تجاوز الخط الأحمر
وقال: "يمكن التقدير بأن ليبرمان يستند إلى معلومات استخبارية"، مرجحا أن تكون "الاستخبارات الإسرائيلية نجحت في اعتراض أمر العملية بالهجوم بالغاز السام أو غيرها من التعليمات الصادرة عن مكتب الأسد لقياداته العسكرية"، مشيرا أن الأمر المثير للاهتمام هو؛ "هل أطلع الأسد الرئيس الروسي على الهجوم الكيميائي".
وأضاف: "وحتى لو قرر الأسد الهجوم بالغاز بناء على رأيه الخاص دون أن يضطر إلى الإذن من سيديه روسيا وايران، فقد سارعت الدولتان بإسناده وستواصلان عمل ذلك لأنه أصبح بالنسبة لهما ذخرا استراتيجيا، بات من الصعب التخلص منه أو استبداله".
ويدل الهجوم الأمريكي "كم كان سلف ترامب، براك أوباما، هزيلا وضعيفا وتراجع في اللحظة الأخيرة ولم يهاجم الأسد، رغم تأكيده بأن استخدام الأسد للسلاح الكيميائي عام 2013 ضد شعبه هو تجاوز للخط الأحمر، ورغم أيضا أن سلوك أوباما أدى إلى نزع معظم السلاح الكيميائي من سوريا، إلا أنه سمح لروسيا بأن تكون سيدة الأسد والدولة الأهم في الحرب السورية"، بحسب خبير الشؤون الأمنية.
نتنياهو وغضب ترامب
ورجح أن يساهم الهجوم في "تحسن صورة ترامب لدى الجمهور الأمريكي، ولعله أيضا يصرف الانتباه عن التحقيقات ضده"، معتبرا أن الهجوم "سيكون بداية عابرة إذا لم يبلور ترامب سياسة واضحة تجاه سوريا والشرق الأوسط، ورغم أهمية الهجوم لكنه لا زال لم يؤشر إلى تغيير استراتيجي في نهج إدارة ترامب من المعركة في سوريا، واحتمالات إسقاط بشار الأسد وإنهاء الحرب بقيت بعيدة مثلما كانت قبلها".
وأشار ميلمان، أن الهجوم الأمريكي بالنسبة للدول "العاقة" للولايات المتحدة مثل؛ كوريا الشمالية وإيران، هو "مؤشر على أن الرجل الذي يجلس في البيت الأبيض غير متوقع ومصمم، وشفتاه وقلبه يمكن أن يكونا متساويين".
وتابع: "يمكن أن تكون خطوة ترامب مؤشرا لإسرائيل أيضا، بأن ترامب جاد ويعتزم ويؤمن بالاحتمالات لتحقيق الصفقة المثلى لتسوية إسرائيلية – فلسطينية"، مؤكدا أن "هذا هو السبب الذي جعل نتنياهو ووزير تعليميه نفتالي بينيت يوافقان على تجميد جزئي للبناء في المستوطنات –بحسب زعم الخبير-، بعد أن تلقيا أكثر من تلميح من الإدارة الأمريكية وخافا من غضب ترامب".