أواخر ثمانينيات القرن الماضي - وعلى امتداد ما يقرب من أربع سنوات - قاد المرحوم الدكتور صوفي أبو طالب، من موقعه كرئيس لمجلس الشعب، أكبر مشروع لتقنين الشريعة الإسلامية في التاريخ.
في الأدب السياسي الحديث، أصبح لمصطلح "الأمة" معناه المحدد الذي نطالعه في الأعمال الفكرية التي تدرس القوميات والأمم، من حيث النشأة والتطور والشروط والسمات والقسمات.
من الأمانة مع أعلام الفكر، ومن الإنصاف لهؤلاء الأعلام، تتبع مسيرتهم الفكرية، ورصد ما حدث لهذه المسيرة من تطورات، ذلك أن تجاهل هذه التطورات، وما شهدت من مراجعات، إنما يمثل "خيانة للأمانة" في كتابة الأفكار.
لقد نشرت دار الكتب والوثائق القومية ست مجلدات كبيرة فيها مقالات طه حسين - من عام 1908م حتى عام 1968م - فقدمت خدمة جليلة للباحثين في فكر عميد الأدب العربي، وأخرجت هذا المشروع الكبير تحت عنوان "تراث طه حسين"، كما نشرت مجلدين فيهما مراسلاته وأوراقه الخاصة.
كان طه حسين صاحب موقف اجتماعي، انحاز فيه إلى الفقراء والمحرومين، ضد الأغنياء والمترفين، ولقد زاد هذا الموقف التقدمي وضوحا بعد أن تحول طه حسين - منذ حقبة الثلاثينيات - إلى حزب الوفد، وتخلى عن أحزاب الأقليات التي كان كاتبها الأبرز في حقبة العشرينيات.
كان حزب الأمة – بزعامة فيلسوفه أحمد لطفي السيد (1289 – 1382 هـ ، 1872 – 1963م) – يدعو إلى الوطنية المصرية المجردة من العروبة والإسلام، ويرى أن الجامعة الإسلامية أو العربية كلاهما إستعمار مثل الإمبراطوريات الإستعمارية الغربية!.
أغلب الذين يتمسحون بفكر طه حسين (1307 – 1393 هـ، 1889 – 1973م) ويتعصبون له، يكرهون الوهابية، ويرفضون فكرها، ويرون في إمامها الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1115 – 1206 هـ، 1703 – 1792م) رمزا للتحجر والجمود والرجعية والتقليد!
في تاريخنا الفكري عدد من الكتب التي فجرت معارك فكرية كبرى، منها على سبيل المثال كتاب "الإسلام وأصول الحكم" عام 1945م للشيخ علي عبد الرازق، الذي حاول علمنة الإسلام، بجعله مثل النصرانية يدع ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وذلك بتصويره دينا لا دولة، ورسالة لا حكما، وشريعة روحانية محضة لا علاقة لها بالقانون
في المسيرة الفكرية لطه حسين تطورات ومتغيرات تبدلت فيها آراؤه، بل وانقلبت من النقيض إلى النقيض، وكان ذلك دليلاً على حيوية فكر الرجل، وبعده عن التحجر والجمود.
كثيرون هم الذين يتحدثون عن الخطاب الديني، وضرورة التجديد والتطوير للخطاب الديني، ويوجهون اللوم إلى الأزهر الشريف، وإلى وزارة الأوقاف، وإلى السلفيين، وما يسمى بالإسلام السياسي، على ما في خطابنا الديني من تشدد أو من قصور.. لكن، لا أحد يتنبه إلى أن لوزارة الثقافة – هي الأخرى – خطابا دينيا..
لقد ولد الإمام الشافعي في مدينة غزة، وله فيها مسجد من أكبر مساجد القطاع، ولقد قامت إسرائيل – في حربها الأخيرة على غزة – بتدمير مسجد الإمام الشافعي، مع عشرات من المساجد في القطاع، الأمر الذي يطرح مبدأ الموقف من المقدسات الدينية على بساط البحث التاريخي..
كتب محمد عمارة: في وحدات الجيش الإسرائيلي حاخامات معينون، يحملون رتبا عسكرية، مهمتهم تعليم الجنود والضباط الفكر والعقيدة القتالية التي يواجهون الفلسطينيين وغيرهم من غير اليهود، وهم يصدرون الفتاوى التي تطبع وتوزع على الضباط والجنود، كما يجيبون على الأسئلة المتعلقة بالعقيدة القتالية..
في كل حروب إسرائيل – منذ عام 1948 وحتى 2014 – هناك ظاهرة وقاعدة وسنة متبعة تمارسها الآلة الحربية الصهيونية وهي عدم الوقوف عند استهداف المقاتلين الذين يقاتلونها، وإنما تعميم القتل والإبادة والتدمير ليشمل البشر والشجر والحجر.