هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
روشتة الصندوق للإقراض تتطلب دواء مرا قد يزيد من احتقان الشارع التونسي، حيث طلب الصندوق صراحة خفض دعم الوقود رغم تراجع القدرة الشرائية لعموم التونسيين، وطلب كبح فاتورة الأجور في القطاع العام الحكومي، وخفض عجز الموازنة وخفض نسبة الدين العام، ومرونة سعر الصرف
هذا الفهم الواسع يفسر لنا سر خنق وسحق ومحق الربيع العربي، وولادة الثورة المضادة التي سخرت كل شياطين الأرض وأموالهم لخنق مخرجاته وتحويله إلى "شتاء دام" وعواصف هوجاء، ولا يمكن فهم انقلاب تونس ومن قبله انقلاب مصر خارج هذا الفهم!
قال الرئيس التونسي، قيس سعيد، إنه سيتخذ قرارات "هامة" جديدة قريبا، مؤكدا في اتصال مع نظيره الجزائري السبت، أن بلاده تسير "في الطريق الصحيح" لتكريس الديمقراطية والتعددية..
الحقيقة أن الحل لن يكون إلا بالمقاومة.. وإلا فليجهز كل من هو ضد مشروع نادي الديكتاتورية العربية نفسه للمشنقة، أو المعتقل، أو المنفى!
تونس تحتاج إلى خارطة طريق تعيد هندسة المشهد السياسي وتعيد للثورة مضمونها الاجتماعي بعيدا عن منطق الإقصاء أو التعامل الانتقائي (من لدن الرئيس وأنصاره)، وبعيدا أيضا عن سياسة الهروب إلى الأمام وعدم تحمل المسؤولية ورفض المراجعات الجذرية (من لدن النهضة وقياداتها التوافقية التي أثبتت الوقائع فشل سياساتها)
على الإسلاميين تدبر شأنهم، لأن هذه معركة بلا حدود وسقف، والبحث عن تحالفات سياسية أوسع ورهانات مؤسسات أقوى وإدارة حوار بناء واضح وجلي مع أطراف إقليمية ودولية، وفوق كل ذلك الارتباط مع قضايا الشعب والانحياز للمواطن، فهذا مناط السياسة.. والتأكيد بحزم على العملية الديمقراطية بكل تقلباتها ومنزلقاتها
غير حزب "التيار الديمقراطي" في تونس، الخميس موقفه من انقلاب الرئيس، قيس سعيد، معربا عن "تفهمه" لإجراءاته "الاستثنائية"، داعيا إياه إلى "تقديم خارطة طريق تضمن العودة إلى الوضعية الدستورية الاعتيادية"..
بالإمكان إنقاذ الديمقراطية التونسية إذا تحالفت القوى السياسية الحزبية على اعتبار إجراءات قيس السعيد انقلاباً على الديمقراطية، لا على أنها فرصة لتخلصها من خصوصها السياسيين، فإن لم تتوحد القوى الحزبية بمواجهة تلك القرارات، لن يمر وقت حتى نشهد سيناريو إجراءات جديدة تصفي أدوارها، وتعيد مشهد الحكم الفرد
نبرة التصريحات الصادرة من المسؤولين الأتراك تشير إلى أن تركيا لن تندفع لاتخاذ موقف متقدم للغاية في رفض الانقلاب كما فعلت في انقلاب السيسي على الرئيس المصري محمد مرسي؛ لأنها تدرك أن هذه معركة الشعب التونسي، ويجب أن يخوضها هو ذاته لحماية إرادته، ولا يمكن أن يخوضها غيره نيابة عنه.
من أهم ما ينبغي أن تلتفت إليه النخب الدعوية والتربوية والفكرية، هو أثر الانقلاب في إذكاء الغلو والتطرف، فالغلو والانحراف المتشدّد يقتاتُ على الانقلابات، كما لا يقتات على غيرِها لإثبات صوابيته، وذلك من خلال مهاجمة الدّيمقراطيّة والعمل السياسي وإثبات خطأ الطروحات الأخرى، وتسفيه التوجهات الوسطية.
الحقيقة أنّ حال تجارب الإسلاميين في واقعنا المعاصر بمختلف تياراتهم لا يكاد يسر صديقا ولا يغيظ عدوا، ولا يوجد نموذج متكامل النجاح في أي قُطر من أقطارنا
دعونا نعود للوراء قليلا لنركز على بعض البديهيات داخل المشهد التونسي، ونحاول فهم ما يجري دون الجنوح لاختزال القضايا المركبة في ثنائيات عبيطة.
هذا الأمر الذي نشهده، إنما يشكل اعتداء على كل أصول الحياة المدنية، وبالضرورة تجفيف السياسة الحقيقية ومحاولة صياغة المجتمع على شاكلة المطالب العسكرية ورؤيتها لعملية تسيير حياة المجتمع والمواطنين،
وجهت المحكمة العسكرية بتونس استدعاء للنائب عن ائتلاف الكرامة، ماهر بن محمد الطاهر زيد، وذلك عقب الانقلاب الذي نفذه الرئيس قيس سعيد، وشمل رفع الحصانة عن النواب.
ولمثل هذه الأحداث والحوادث، يكون التيار الوطني المنشود الذي ينحاز للديمقراطية والقانون والوطن، بعيدا عن حسابات الأحزاب والجماعات والتنظيم والنظام، فالديمقراطية أولا.
يمكن وصف براغماتية كثير من الإسلاميين بالفهلوة السياسية؛ التي لا تُلاحِظ موقع التكتيك في خدمة الاستراتيجيا، ولا أهمية الإنجازات الراهنة بالنسبة للأهداف البعيدة..