فتح تقرير مجلس الأمن حول
الصحراء المتنازع عليها بين
المغرب والبوليساريو (
الانفصالية)، المجال مجددا للحديث عن قرب حل المعضلة التي عمرت أزيد من 40 سنة، واستنزفت مقدرات المغرب ودول الجوار، كما أدخلت المنطقة في دوامة من الخلافات تتجدد وتتأجج باستمرار.
القرار الأممي 2351 المتعلق بقضية الصحراء، الصادر بصفة رسمية الثلاثاء 2 أيار/مايو الجاري، يدعو الطرفين إلى "العمل نحو حل سياسي مقبول من الطرفين، ينص على تقرير المصير لشعب الصحراء في سياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ومقاصد ميثاق
الأمم المتحدة، ويقدم مسارا واضحا للمضي قدما".
تقرير المصير
واعتبر أستاذ التعليم العالي، في القانون الدستوري وعلم السياسة، خالد يايموت، أن القرار الأخير لمجلس الأمن، يعني أن تقرير المصير سيصبح حلا على طاولة المفاوضة بين المغرب والجزائر ومعها جبهة
البوليساريو، خاصة أن تقرير المصير تطور مفهوميا في قاموس القانون الدولي المعاصر وأصبح يعني شكلا من أشكال الحكم المحلي.
وتابع يايموت في تصريح لـ"
عربي21"، أن القرار الأممي في عمومه جيد، لأنه فتح المجال لصالح إعمال المقترح المغربي حول الحكم الذاتي، وهذا ما يريده المغرب، الذي يريد مفاوضات مباشرة تقود إلى صيغة تجمع بين تقريرالمصير والحكم الذاتي.
وأفاد أن "تقرير المصير يعني، أولا: حكومة محلية، ثانيا: برلمانا محليا، ثالثا: دستورا وطنيا يحدد اختصاصات بعض المؤسسات محليا ومركزيا، وقد يكون هناك علم، وقوانين محلية".
وأضاف يايموت: "وعليه يمكن القول حاليا ووفقا للتقرير الجديد للأمم المتحدة، إن تجنب التقرير الحديث عن الاستقلال وتصفية الاستعمار وحديثه عن تقرير المصير وفق الاجتهادات القانونية المعاصرة للقانون الدولي مع استحضار لكلمات من مثل الحل السياسي الواقعي وخلق دينامية جديدة؛ كل هذا لا يمثل هزيمة نكراء للبوليساريو ولفكر الانفصال فقط".
وأوضح الباحث: "كل هذا يمثل بالدرجة الأولى توجها أمميا جديدا للبحث عن حل لقضية لا يطرح السلاح لحلها؛ ولا ترغب الدبلوماسية العسكرية الجزائرية أن نخرج من يدها".
من جهته اعتبر المحلل السياسي، ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية محمد بودن، أن القرار في صيغته النهائية تم اعتماده بالإجماع وهو ما يعني أن مضامينه توفر التوازن والضمانات.
الحكم الذاتي
وتابع محمد بودن في تصريح لـ"
عربي21"، أن "القرار ينصف الجهود المغربية ويصف مبادرة الحكم الذاتي بالجدية وذات المصداقية، وهي إشارة تكرس فشل بعض الأطراف في التأثير على تطور مواقف المجموعة الدولية بشأن المخطط المغربي".
وأضاف بودن أن "القرار يجبر البوليساريو على سحب ميلشياتها من منطقة الكركرات التي تصفها الأدبيات الأممية بـ(القطاع) ويقدم ترتيبات لعدم حدوث توترات".
وزاد الباحث أن "القرار يعمل لمصلحة المغرب، لأنه استطاع في نهاية هذه المرحلة إقناع المنتظم الدولي بدور الجزائر في النزاع المفتعل وكشف عن نوايا جبهة انفصالية تطمح للتضييق على إمكانية تطوير السلم والأمن بغرب أفريقيا".
وسجل أن "القرار ولو أنه جاء ببعض الصيغ المفتوحة إلا أنه حمل دول الجوار مسؤولية القيام بدورها في حلحلة النزاع وهي إشارة واضحة لمسؤولية الجزائر التي تنصلت من تحملها باستمرار".
وأفاد بأن "القرار يظهر أنه منفتح على بعض السوابق في القرارات السابقة، وبعض بنوده سياسية وليست اتفاقية وقد لا تنفذ في المدى القريب لارتباطها بالتوافقات".
وشدد على أن "القرار لا يساير الخط العام من العداء الذي تريد أن تفرضه الجزائر على المنطقة وخاصة بعد عودة المغرب للاتحاد الأفريقي".
وأوضح أن "القرار يتضمن عبارات فيها (غموض بناء) كهذه التوصية التي تؤكد إعادة إطلاق عملية التفاوض بدينامية جديدة تعكس قرارات مجلس الأمن الدولي وتوجيهاته، من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول".
وكانت الأمم المتحدة قد دعت المغرب والبوليساريو إلى الانسحاب من الكركرات، بعد تصاعد التوتر بين الجانبين، وطالبت باستتئناف المفاوضات بينهما.