بعيدا عن التحركات العسكرية الهادفة إلى الوصول إلى المدينة من جهات عدة، يعاني سكان الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام في مدينة
دير الزور، والواقعة تحت
حصار تنظيم الدولة للعام الثالث على التوالي، من نقص حاد في المستلزمات الطبية، وفقدان في بعض أصناف
الأدوية، وارتفاع أسعار ما توفر منها.
وقال الطبيب أنس فتيح: "الوضع الصحي في المدينة سيئ للغاية، مقابل ارتفاع كبير في أسعار المستلزمات الطبية، وفقدان في بعض أصناف الأدوية، مثل أدوية السكري والقلب".
وبالرغم من الحصار الشديد الذي تتعرض له مناطق النظام من قبل التنظيم، اتهم فتيح في حديث لـ"عربي21"؛ النظام بـ"المتاجرة بالأدوية، ورفع أسعارها، بغية إذلال وإفقار الأهالي، البالغ عددهم نحو 70 ألف مدني بشكل ممنهج"، على حد تعبيره.
وأوضح فتيح، وهو من مدينة دير الزور لكنه يقيم حاليا في تركيا، أن النظام هو من يحاصر، عمليا، هذه الأحياء وليس التنظيم؛ لأنه "يستطيع تقديم ما يلزم السكان عبر المطار العسكري، لكنه يصر على زيادة معاناتهم"، كما قال.
ونقل الطبيب فتيح شهادات من الأهالي داخل الأحياء المحاصرة، تشير إلى ارتفاع سعر بعض أصناف الأدوية إلى ما يقارب العشرة أضعاف عما هي عليه خارج تلك الأحياء.
وقال: "في أحياء دير الزور يشتري المرضى الدواء بالحبة الواحدة فقط، ويصل سعر الحبة الواحدة من أدوية السكري إلى ما يقارب الـ200 ليرة سورية".
وأشار فتيح إلى انتشار أوبئة جديدة داخل أحياء دير الزور المحاصرة، من بينها إصابات جلدية معدية وغير مشخصة من قبل، مبينا أنه "لا زال الأطباء يجلهون سببها، وهي ناجمة غالبا عن الهواء الملوث بمخلفات العمليات البدائية لتكرير النفط، وكذلك بسبب عدم تعقيم مياه الشرب، وبسبب قلة المناعة لدى الأهالي الناجمة عن سوء التغذية".
من جانبه، أشار مدير "منظمة العدالة من أجل الحياة"، جلال الحمد، في حديث خاص بـ"عربي21"، إلى نقص الكوادر الطبية في الأحياء المحاصرة. وقال في هذا السياق: "من الطبيعي اليوم أن يتولى ممرض رئاسة قسم طبي في مشفى الأسد".
وأكد الحمد خلو المساعدات الأممية التي تلقى من الجو على الأحياء بوتيرة "مقبولة"؛ من الأدوية والمستلزمات الطبية، والمكملات الغذائية الضرورية للأطفال.
ونقلا عن مصادر طبية من داخل المدينة، ذكر الحمد، أن نسبة 60 في المئة من أطفال دير الزور يعانون من حالات سوء التغذية.
وعن المشافي داخل المدينة، أشار الحمد إلى وجود مشفى مدني وحيد، وهو مشفى الأسد، يعمل بنصف طاقته الطبيعية، بسبب استهدافه لأكثر من مرة من قبل التنظيم، في أثناء المعارك، على حد تأكيده.
وبالإضافة إلى المشفى، هناك ثلاثة مراكز صحية (مستوصفات) "لا تؤدي إلا الحد الأدنى من الخدمة الطبية، ولا توجد منظومة إسعافية إلا لدى الهلال الأحمر، وغالبا ما تكون هذه المنظومة في خدمة جيش النظام"، وفق الحمد.
ماذا عن مناطق التنظيم؟
وحسب مصادر محلية، فإن المعاناة التي يعيشها أهالي الأحياء المحاصرة في مدينة دير الزور مشابهة تماما لمعاناة الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة.
وفي هذا الإطار، حذرت مصادر طبية من خطر انتشار وباء شلل الأطفال في ريف دير الزور الشرقي، مشيرة إلى تشخيص عشرات الإصابات بهذا الوباء مؤخرا.
وتحدثت مصادر إعلامية عن وجود حالات إصابة بهذا الوباء، في قرى وبلدات صبيخان وغريبة والكشمة، شرق دير الزور.
لكن في المقابل، رفض الطبيب أنس فتيح الجزم بذلك، وقال: "يجب على منظمة الصحة العالمية التأكد من وجود هذه الإصابات، وفي حال التحقق من ذلك، فإن عليها قرع ناقوس الخطر، ووضع خطط للتدخل السريع"، بحسب تعبيره.