على بعد كيلو مترات قليلة من الحدود الأردنية الشمالية الشرقية؛ يقبع
مخيم الركبان في المنطقة "منزوعة السلاح" بين الأردن وسوريا، والذي يضم قرابة 80 ألف لاجئ، تزيد معاناتهم في
شهر رمضان للعام الثاني على التوالي، في ظل البيئة الصحراوية التي يعيشون فيها، وشح المساعدات، وقلة مياه الشرب النظيفة.
وأسس المخيم عام 2015، بعد أن حاولت أعداد غفيرة من
اللاجئين العبور إلى الجانب الأردني، الذي أغلق الحدود أمامهم بداعي عدم المقدرة على استيعاب هذا العدد الكبير من الفارين من الحرب في
سوريا، وتوقفت في وجههم المساعدات لاحقا، على أثر "تفجير الركبان" الذي وقع في 21 حزيران/ يونيو 2016 وأدى إلى مقتل سبعة من عناصر حرس الحدود الأردني، بشاحنة مفخخة تبناها تنظيم الدولة.
اقرأ أيضا: الركبان.. خاصرة الأردن الرخوة
وضع مأساوي وتهريب للطعام
ووصف الطبيب عماد غالي وضع المخيم في شهر رمضان بـ"الصعب" بسبب "ارتفاع معاناة اللاجئين، لوجود التزامات إضافية على الأسر، من توفير الطعام والمياه والاحتياجات المرتبطة بالشهر".
وقال غالي الذي يعمل صحفيا مع منظمة "جسور الأمل" التي نشطت في المخيم بداية 2017، إن "معاناة اللاجئين زادت مع توقف المساعدات والإغاثة منذ ثلاثة أيام لأسباب غير معروفة، إلى جانب عدم وصول الإغاثة إلى نسبة كبيرة من اللاجئين في المخيم".
وأوضح لـ"
عربي21" أن "الكثافة السكانية للمخيم تتركز بين الساترين الأردني والسوري؛ بسبب تركز المياه هناك، وندرتها في المنطقة الصحراوية، وبعدها عن العمق السوري"، مضيفا أن "المواد الغذائية، كالخبز والبطاطا والبندورة والزيت، تهرب إلى المخيم من العمق السوري بدرعا ودمشق والرقة، إلا أنها محدودة وغالية الثمن؛ بسبب صعوبة إدخالها، كما أنها غير كافية مقارنة بالعدد السكاني".
وتابع: "لا تتناسب أسعار هذه السلع مع القوة الشرائية المعدومة داخل المخيم، حيث يقتصر الإقبال على سوق المخيم؛ على بعض العوائل التي لها موارد من الخارج".
وبحسب القائمين على مخيم الركبان؛ فإن "معظم قاطني المخيم يعيشون داخل خيم من الخيش أو النايلون أو الشوادر المهترئة البالية، ما دفع نسبة محدودة لا تتجاوز الثمانية بالمئة، إلى تشييد جدران من حطام الحجارة، أو من الطوب المصنوع من الطين، لإيواء أنفسهم وأفراد عائلاتهم، وحمايتهم من برد الشتاء القارس، وحر الصيف الشديد".
غالبية اللاجئين دون خط الفقر
من جهته؛ قال عضو مجلس عشائر تدمر والبادية السورية، بدر الرقاوي، إن "أهالي غالبية المخيم يعيشون دون خط الفقر، ويفتقرون للماء، وللخبز الذي وصل سعر ربطته إلى 500 ليرة سورية، أما الخضروات فهي حلم اللاجئين المنتظر في الجنة الموعودة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الوضع في المخيم مأساوي للغاية، حتى إن كيس المعونة الذي يصل للاجئي الركبان من قبل هيئات الإغاثة؛ لا يظفر به قاطنو المخيم سوى كل ستة أشهر"، متسائلا: "هل ترتضي المنظمات الإنسانية مثل هذا الوضع، أم إن هذا المخيم بات في رحاب المجهول؟".
وأوضح الرقاوي إن "الغالبية المطلقة من اللاجئين يواصلون صيامهم بعد المغرب لأنهم لا يجدون طعاما يأكلونه، وهم في الوقت ذاته لا ينتظرون فرجا سوى من الله، بعد أن خذلتهم المنظمات الإغاثية".
توقف المساعدات القادمة من الأردن
بدورها؛ أكدت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هالة شملاوي، أن "مساعدات اللجنة للمخيم توقفت نهائيا العام الماضي".
وأضافت شملاوي لـ"
عربي21" أن "الصليب الأحمر قام بتقليص برامجه في الأردن على خلفية إغلاق الحدود في 2016 بعد تفجير الركبان، ولا يوجد تواجد للجنة الدولية للصليب الأحمر على الساتر الترابي".
وقامت الأردن بعد حادثة الركبان مباشرة بإغلاق الحدود مع سوريا بطول الشريط الممتد على 378 كم، ما فاقم معاناة قاطني المخيم الصحراوي بعد توقف دخول الإغاثة ومعالجة الجرحى.
وبحسب تقرير أعده الطبيب عماد غالي؛ فإن المخيم يشهد هجرة عكسية إلى العمق السوري؛ بسبب صعوبة الحياة داخله.
وأوضح تقرير غالي أن "إغاثة المخيم في الأشهر الثمانية الأخيرة أصبحت شبه معدومة، وإن وجدت فإنها لا تعدو مسألة فض حاجة الجوع لأسبوع، ما أدى إلى الهجرة العكسية (...) والقبول بالعودة، والرضوخ للموت بأشكاله".