في حدث يعد الأول من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية أقدمت طائرات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الذي تتزعمه الولايات المتحدة بإسقاط طائرة حربية للنظام السوري في ريف
الرقة الجنوبي.
وقد أعلن البنتاغون، الأحد، أنه أسقط مقاتلة سورية من طراز "سو-22" بعد شنّها هجوما على مواقع لقوات سورية الديمقراطية، في حين يقول النظام السوري إن الطائرة كانت تستهدف تنظيم الدولة.
والثلاثاء، أعلن التحالف الدولي أن مقاتلة أمريكية من طراز "إف-15 اي سترايك ايغل" أسقطت طائرة بدون طائرة مسلحة، بدون طيار، من طراز "شاهد 129" إيرانية الصنع في شمال شرق موقع التنف، قرب الحدود مع الأردن.
والشهر الماضي، قصفت طائرات أمريكية قافلة لمليشيات تابعة للنظام السوري كانت في طريقها إلى التنف.
وتأتي هذه التطورات، بينما أعلنت إيران الأحد؛ أنها أطلقت بضعة صواريخ متوسطة المدى على مواقع زعمت إيران أنها تابعة لتنظيم الدولة في شرق
سوريا، دون أن يثبت إصابتها لأهدافها.
ماذا يخفي إسقاط الطائرة؟
وطرحت هذه التطورات سؤالا حول احتمال المواجهة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، والنظام السوري وحلفائه من جهة ثانية، فإسقاط الطائرة يتزامن، وفق الخبير العسكري العقيد عبد الله الأسعد، مع "معركة البادية السورية التي أعلن الجميع بدء ساعة الصفر لتنظيفها من داعش، وبدأ الهجوم من عدة محاور، وتشكل البادية 40 في المئة من مساحة سوريا"، مشيرا في حديث لـ"
عربي21" إلى أن "النظام السوري يحاول إقحام نفسه في معركة الرقة".
وهنا يتهم ناشطون النظام السوري والروس بعرقلة معركة الرقة، من خلال قصف أرتال تنظيم الدولة الذي انسحب من الرقة بالاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
في المقابل، يرى هشام المصطفى، رئيس الهيئة السياسية للتجمع الوطني لقوى الثورة والمعارضة في الحسكة، أن "إسقاط الطائرة (السورية) مجرد غزل سياسي للأطرف العربية في قوات قسد، ولبعض الثوار السوريين، بأن الولايات المتحدة ضد النظام بدليل إسقاط طائرة له".
ويؤكد هذا الرأي إعلان قيادة الجيش أمريكي بأن واشنطن ستعمل على إعادة قناة الاتصال المباشر مع الروس في سوريا، وبيان التحالف الدولي بأنه "لا يسعى إلى قتال النظام السوري والقوات الروسية الموالية للنظام".
ويرى فريق ثالث أن الولايات المتحدة بدأت بوضع النقاط على الحروف، من خلال إبعاد الأكراد عن معسكر النظام وروسيا، تمهيدا للمعارك القادمة التي ستتمايز فيها الخطوط والألوان.
معركة دير الزور حاضرة في الحادثتين
ولا تغيب معركة معركة دير الزور عن هذه الأجواء، حيث يرى العقيد الأسعد أن "الولايات المتحدة دخلت بها فعليا وبشكل كبير"، وقال إن الصواريخ التي أعلنت إيران إطلاقها على المنطقة؛ تحمل رسائل سياسية للولايات المتحدة والخليج، "فإيران متورطة بالحرب السورية ولا تحتاج لصواريخ بالستية".
وأضاف: "الصواريخ رسالة لأمريكا بأن إيران موجودة ولا يمكن الاعتماد على غيرها، ورسالة للخليج بأن صواريخنا تصلكم، وماضون في دعم الأسد للنهاية"، على حد قوله.
كما يرى هشام مصطفى أن "القصف هدفه معركة دير الزور، فإيران تريد القول بأنها لاعب أساسي لا يمكن تغييبه عن معركة دير الزور، حيث المخزون النفطي الكبير"، مضيفا: "هدف أمريكا أيضا السيطرة على منابع النفط".
نقص المقاتلين مشكلة الجميع
وتعاني الأطراف جميعها نقصا في المقاتلين للسيطرة على دير الزور، لذلك يجهد النظام بالتعاون مع المليشيات الطائفية للسيطرة على البادية، ووصل الحدود السورية العراقية، تمهيدا لدخول قوات الحشد الشعبي إلى سوريا والمشاركة في معركة دير الزور.
يقول هشام مصطفى: "الحشد الشعبي العراقي أداة إيران، وتحاول من خلاله فرض نفوذها في المنطقة"، وفق تقديره.
أما الولايات المتحدة، فستحاول الدمج بين القوات الموالية لها والأكراد، كما فعلت في الرقة، حيث أدخلت قوات النخبة التابعة لأحمد الجربا.
ويقول رئيس تحرير موقع فرات بوست، أحمد رمضان: "القوات التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في البادية هي تجمع الشهيد أحمد العبدو، وجيش أسود الشرقية، وجيش العشائر، ومغاوير الثورة".
ويضيف لـ"
عربي21" أن هذه القوات، ولا سيما مغاوير الثورة، "ركيزة أساسية للمشروع الأمريكي في المنطقة"، مستبعدا دخول قسد إلى دير الزور.
ويرى العقيد الأسعد أن الولايات المتحدة تعتمد على قسد ثم على بعض الفصائل، ويقول: "حددت أمريكا الحيز الجغرافي لمناطقها، وحددت هامشا معينا للنظام ممنوعا تجاوزه".
المواجهة المنتظرة
وتدلل التحركات العسكرية لكل الأطراف على احتمال المواجهة، فقوات النظام سيطرت على الرصافة جنوب الرقة، وتضع عينها على السخنة القريبة من تدمر والبادية. وكل هذه المناطق تشكل بوابات لدير الزور، ما يشير إلى "السباق المارثوني" لمعركة دير الزور، وفق العقيد الأسعد.
ويرى هشام مصطفى أن المرحلة القادمة "ستشهد اصطفافات أخرى، حيث ستحاول الدول الإقليمية والدولية أخذ حصتها من الكعة السورية"، وفق تقديره.