نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن مدينة بوسيليغراد الواقعة جنوب
صربيا، والتي دبت فيها الحياة بعد استقرار
لاجئين من الشرق الأوسط فيها، علما بأنها كانت مدينة شبه منسية؛ مع عدد محدود من السكان.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن عمدة المدينة يعمل على استقطاب أكبر عدد من اللاجئين. ومنذ افتتاح مركز اللاجئين في كانون الأول/ ديسمبر سنة 2016، أصبحت بعض العائلات السورية تعيش في مدينة بوسيليغراد.
وأفادت الصحيفة أن 50 شخصا يستقرون حاليا في أحد أجنحة المشفى القديم، الذي تمت تهيئته خصيصا لاستقبالهم في المدينة. وهناك عائلات من سوريا والعراق وباكستان وأفغانستان، نصفهم من الأطفال، كما يوجد من بينهم خمسة مسيحيين.
ونقلت الصحيفة عن عمدة المدينة، فلاديمير زاهاريجييف، قوله: "لقد فتحنا لهم أبوابنا وقلوبنا، فهم في مدينة بوسيليغراد موضع ترحيب". وبالتالي، ساهم وجود اللاجئين في إحياء هذه المدينة الواقعة بين الجبال على الحدود البلغارية. وقال العمدة: "لقد جاؤوا وجلبوا معهم الفرح ونكهة جديدة للحياة".
وأكدت الصحيفة أن اللاجئين يعيشون بحرية وينعمون بالأمان في المدينة. ويقول محمد (أحد اللاجئين): "نحن نخرج لشراء الطعام، ونمارس الرياضة، وكل شيء يسير على خير ما يرام هنا". كما أشار محمد إلى أنه عادة ما يذهب إلى السوق بصحبة مجموعة من أصدقائه، ولا يمثل ذلك أي مشكلة بالنسبة لهم.
من جهتها، تقول إحدى البائعات، في إشارة إلى اللاجئين: "إنهم أناس شرفاء، فإذا وقع خطأ في الحساب مثلا يتم إخبارك فورا".
وفيما يخص اللغة، بيّن محمد أنهم يتواصلون مع السكان بالإشارات، لكن ذلك لم يمنعهم من التفاهم معهم.
وأفادت الصحيفة أن فقر المدينة يبدو واضحا من خلال مظهرها العام، حيث تنتشر السيارات القديمة على جانب الطرقات، بالإضافة إلى انهيار بعض المنازل القديمة. ويعزى ذلك إلى أن إغلاق المصانع مثل ضربة موجعة للبلدة، ما دفع بعدد كبير من السكان إلى مغادرتها. لكن، وصول اللاجئين، الذين تخصص لهم الدولة منحا شهرية متواضعة جدا، سيكون مفيدا في إحياء اقتصاد البلدة. كما تمكن المركز من توفير فرص عمل لأشخاص من السكان المحللين.
وأشارت الصحيفة إلى أن السكان واللاجئين تمكنوا من بناء علاقات ودية فيما بينهم. فعلى سبيل المثال، تقول برانسليفا إنها تترك ابنها يلعب مع أطفال اللاجئين، كما أنها تعرف الرياضي الأفغاني علي، البالغ من العمر 21 سنة، المشهور بمهاراته في ملاعب كرة القدم في كل المدينة. والجدير بالذكر أن علي أراد الانضمام إلى الفريق المحلي لكرة القدم، إلا أن مستشار مدير المركز أكد أنه لا يستطيع ذلك بسبب فقدانه الأوراق التي تثبت هويته، لكن ذلك لم يمنعهم من منحه اسما صربيا ليتمكن من اللعب.
ووفقا لما أدلى به عمدة المدينة، فهناك "العديد من اللاجئين غير سعداء، لكن يحتاجون لبعض الوقت للاندماج وسيفهمون أنهم مثلنا". وحسب أحد السكان المحليين الصربيين، التاجر جوفيكابينيف، فإنه "من الجيد أنهم يأتون إلى محلاتنا ويشترون منا، إلا أن هذا لن يغير شيئا. لقد غادر الكثير من أصدقائي ومعارفي وأنا في وقت قريب جدا سأغادر أيضا".
وأضافت الصحيفة، وفقا لستيفان، أحد سكان المدينة: "إن بوسيليغراد تشهد تحسنا حتى لو كان مؤقتا. فعندما أدخل إلى باحة المركز أشعر بالسعادة نظرا لمشاهدتي لمظاهر الحياة في المركز". وأكد ستيفان أنه سيتم استقبال المزيد من اللاجئين، لذلك يتم إعادة ترميم عدد من المباني لإيوائهم.
وأكدت الصحيفة أن اللاجئين في بلدة بوسيليغراد يعيشون في أمان، بعيدا عن عنف الشرطة البلغارية والمخيمات المكتظة في اليونان وبلغراد. ولكن البعض منهم يحلم بعبور الحدود المجرية. وخير مثال على ذلك اللاجئ سهيم، الذي دائما يقوم بارتجال قطع موسيقية في الهيب هوب باللغة الفارسية، وهو يحلم بمغادرة المدينة نحو فرنسا لدراسة الموسيقى. وفي هذا الصدد، قال العمدة: "نأمل في إقناع البعض منهم بالبقاء، أنا متأكد بأن بعضهم سيختار البقاء وسيسعدنا ذلك".
وأردت الصحيفة أنه قبل إغلاق المعابر الحدودية من قبل الاتحاد الأوروبي في آذار/ مارس 2016، أصبحت صربيا ممر عبور عبر البلقان، حيث مر عبرها الآلاف من
المهاجرين الذين بلغ عددهم سنة 2015 نحو 651 ألفا.
وأشارت الصحيفة إلى أن عدد اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل في صربيا يقدر بنحو 7500 شخص. ويخصص الاتحاد الأوروبي لصربيا نحو 20 مليون يورو لمجالات المساعدات الإنسانية، التي تقدم المساعدة إلى 16 مركز لجوء حكومي. وفي الأثناء، يظل الآلاف من اللاجئين في صربيا ينتظرون الإذن من الشرطة المجرية لأنها تمثل وسيلتهم الوحيدة للعبور إلى بقية الدول الأوروبية.