على غرار
المؤتمر الدولي حول الأزمة الأفغانية، الذي عقد في مدينة "بون" الألمانية، في العام 2001، يتطلع ناشطون وسياسيون وكتاب سوريون إلى عقد مؤتمر مماثل، يكون مخصصا لبحث الحل في
سوريا، بعيدا عن تأثير قيادات طرفي الصراع من المعارضة والنظام، وعن الإملاءات السياسية، التي تفرضها الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة في الملف السوري، بحسب أصحاب المبادرة.
"سوريون يدعون الأمم المتحدة وألمانيا لعقد مؤتمر وطني"، هو اسم المبادرة التي يؤكد القائمون عليها، على أنهم قطعوا أشواطا بعيدة في التحضير لها، وأن مبادرتهم التي كانت نتاجا للفشل في التوصل إلى حل للمأساة السورية، قد تبصر النور قريبا.
وفي هذا الصدد، كشف البرلماني الألماني السابق ذو الأصل السوري، جمال قارصلي، وهو أحد القائمين على هذه المبادرة، عن قرب الإعلان عن تاريخ انعقاد المؤتمر التحضيري الأول للمبادرة؛ التي وصفها بـ"الوطنية".
وأشار قارصلي، في تصريحات لـ"
عربي21"، إلى ما وصفه بـ"الإقبال الشعبي السوري المتميز" على المبادرة، مرجعا ذلك إلى الإحباط الذي أصاب الشعب السوري، نتيجة الفشل في التوصل إلى حل سوري، على حد تعبيره.
وقال: "صحيح أننا نحن، أنا والأستاذ طلال الجاسم، من أطلق هذه المبادرة، ولكنها الآن أصبحت ملك لجميع السوريين الوطنيين المحبين للسلام والعدالة والحرية".
واعتبر أن هدف المبادرة هو "إنقاذ سوريا من المأساة التي تمر بها الآن، والتي تعتبر أكبر مأساة بعد الحرب العالمية الثانية"، على حد قوله.
وحول الجدول الزمني للمبادرة، بيّن قارصلي أنهم في طور التواصل مع كل السوريين الذين يعنيهم التوصل إلى حل، تمهيدا لمؤتمر تحضيري سيجمع نحو 200 شخصية سورية على الأقل، تمثل كل الأطياف السورية، الإثنية والسياسية، كما قال.
وأكد أن المؤتمر المقترح سيخرج بتوصية لتشكيل لجان لمتابعة كل النواحي، مشددا على أنه "لا نريد إلا المظلة السياسية الدولية التي تتبنى مخرجات هذا المؤتمر، ولا يهمنا الدعم المادي مطلقا".
وأوضح قارصلي أن "العمل مستمر واللقاءات متواصلة، وأستطيع أن أقول إن توقيت البدء سيكون قريبا، وقد تتم دعوة اللجنة التحضيرية للمؤتمر خلال أسابيع قليلة، لتحديد تاريخ انعقاد المؤتمر المصغر، والمؤتمر العام الجامع فيما بعد".
وقال قارصلي: "لم يحصد الشعب السوري من سبع جولات من مفاوضات سياسية في جنيف وخمس مثلها في أستانة، إلا الفشل والإحباط، ولم تفض هذه الجولات إلى بر الأمان الذي بات مطلبا رئيسيا للسوريين، بالتالي النظام وقيادة المعارضة فشلا في تحقيق السلام، بسبب عدم استقلالهما، وبسبب الإجندات المختلفة لكل منهما، فالنظام قراره مرهون لدول وجهات عدة، من بينها روسيا وإيران و حزب الله اللبناني، وكذلك الحال مع المعارضة ومنصاتها الكثيرة، مثل منصة القاهرة، ومنصة موسكو، ومنصة الرياض"، على حد تعبيره.
وأضاف: "نتطلع من خلال المبادرة إلى هدفين: الأول استرداد القرار السياسي ليكون بيد السوريين، والثاني جمع السوريين فيما بينهم دون النظر إلى الخلافات السياسية"، مشددا على "استثناء المبادرة لكل من تورط في الدماء السورية، أو المال السياسي الفاسد، سواء من طرف النظام أو المعارضة"، كما قال.
وردا على الانتقادات التي وجهت للمبادرة، من قبيل "الطوباوية"، قال قارصلي لـ"
عربي21": "نعمل ما بوسعنا في الوقت الحالي لطرق كل الأبواب، ولذلك وجهنا دعوات للأمم المتحدة لتبني المؤتمر، الذي سيكون بحامل ألماني".
وأكمل في هذا الخصوص، سنقول للأمم المتحدة أننا اجتمعنا كسوريين، وهذا ما خرجنا به كخارطة طريق لحل الأزمة التي تعصف ببلادنا، وما عليكم إلا تبنيها وتحويلها إلى خارطة ملزمة بموجب قرار أممي تحت البند السابع.
أما عن الأسباب التي قادت إلى اختيار ألمانيا تحديدا، فقال: "لألمانيا تجربة سياسية رائدة في حل النزاعات الداخلية الدولية، من الأزمة الأفغانية إلى أزمة كوسوفو، وكذلك غلب الحياد على موقفها من الأزمة السورية، وهي تتمتع بسمعة جيدة في الوسط السوري والعربي والدولي"، مضيفا أن "الأهم من ذلك كله، أن ألمانيا معنية بالحل في سوريا؛ لأنها تحولت إلى طرف بعد احتضانها لعدد كبير من اللاجئين السوريين"، وفق تقديره.
وأضاف في هذا الإطار: "لقد تحولت ألمانيا بطريقة ما إلى شريكة في المأساة، ونحن نوجه خطابنا للساسة الألمان، ونقول لهم إن حل الأزمة السورية، قد يساهم في حل جزء كبير من المشاكل التي تواجه الدولة الألمانية، وعلى الأقل سيعود نصف اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وخصوصا الشريحة التي فشلت في الاندماج بالمجتمع الألماني".
ومضى قائلا: "من المعروف بأن لألمانيا دور ضاغط على روسيا وإيران. لم يتم اختيار إحدى الدول الإقليمية لأنها لم تعد كلها صالحة بأن تلعب دور الوسيط بين السوريين لأن جميعها أصبحت طرفا في هذا الصراع"، على حد قوله.
واختتم قارصلي حديثه لـ"
عربي21"، بالإشارة إلى تلميحات قال عنها أنها "تلميحات شبه رسمية مطمئنة" أرسلت للقائمين على المبادرة من قبل الحكومة الألمانية، من دون أن المزيد من التفاصيل.