تراجع تنظيم الدولة بشكل رسمي، عن البيان الذي أصدره في أيار/ مايو الماضي، بعنوان "ليهلك من هلك عن بينة"، واعتبر حينها أنه محاولة لاسترضاء التيار الأكثر تشددا داخل التنظيم.
وأعلن التنظيم أن البيان السابق احتوى على أخطاء منهجية، كما أنه قرر إرجاع بعض الكتب التي سحبها سابقا، بحجة ترويجها لـ"التميع".
التنظيم وفي بيان جديد كشف عن مفاجآت، وتخبطات داخل صفوفه، إذ إن البيان الصادر أيضا عن اللجنة المفوضة لإدارة شؤون التنظيم، ذيّل بختم "أبي عبد الرحمن الشامي" (الزرقاوي)، وهو الذي ظهر في تسجيل صوتي، بموقف لا يحسد عليه أمام عدد من الشرعيين الذين يمثلون التيار الأكثر تشددا، وعلى رأسهم "أبو مرام الجزائري".
"أبو عبد الرحمن الشامي" لم يكتف بالبيان المكتوب، وبدأ بنشر رسائل صوتية، توضح منهاج التنظيم، ومحاولة اختطافه من قبل تيار ربطه الشامي بالحكومة السعودية.
وبالرغم من سجن السعودية للشيخ أحمد الحازمي، أحد منظري هذا التيار، إلا أن "الشامي" توقع أن يكون سجنه محاولة لتلميعه من قبل السعودية.
وأضاف مخاطبا جنود التنظيم المتأثرين بهذا الفكر: "كيف تترك هذا المعين الصّافي، ثمّ تذهب لتأخذ دينك عن القاعدين بين أحضان طواغيت جزيرة العرب وغيرها، وما كفّرهم ولا أنكر عليهم، يخالط جنوده ورجال أمنه ومخابراته من غير أن يبيّن لهم ما ارتكبوه من نواقض"، حسب تعبيره
وتابع بأن "الطّاغوت الذي يؤوي أمثال هؤلاء المنظِّرين للغلو في التكفير ويسمح برواج بدعتهم هو نفسه الذي يؤوي أهل التجهّم والإرجاء ويعينهم على الترويج لبدعتهم، وما ذلك إلا لكون الطرفين والمنهجين يؤدّيان لنتيجة واحدة، وهي الطّعن في أهل الحقّ، وترك الهجرة والجهاد".
ويتهم أنصار التنظيم، التيار المتشدد الذي يقوده "أبو مرام الجزائري، وأبو حفص الودعاني، والحجي عبد الناصر"، وآخرون، بأنهم سبب في اغتيال "تركي البنعلي، وعمر القحطاني (أبو بكر)"، إذ إن اغتيال الشرعيين البحريني والسعودي جاء بنفس الطريقة، وهو قصفهما بطيران للتحالف، بعد استدعائهما من قبل رؤوس هذا التيار، للتحقيق معهما في اعتراضاتهما على بيان "ليهلك من هلك عن بينة".
وقبل البنعلي، والقحطاني، رد "أبو عبد البر الصالحي الكويتي"، على بيان اللجنة المفوضة، ما دفع التنظيم لزجه في أحد السجون التي قصفت من قبل التحالف، وقتل حينها الصالحي.
الأحداث المتناقضة، والمتسارعة التي يشهدها تنظيم الدولة، دفعت عددا كبيرا من جنوده للانشقاق، والهرب خارج المناطق، لا سيما أن الوضع الميداني للتنظيم يزداد سوءا.
الجديد في بيانات تنظيم الدولة الأخيرة، هو الإقرار بوجود معضلة حقيقية، تهدد استمراريته، وذلك بعد شهور من تجاهل ما يجري، ورمي الجنود والشرعيين المنشقين بالخيانة والنفاق، وغير ذلك من الأوصاف.
إلا أن انتصارات التنظيم حينها، والفترة الذهبية التي عاشها، لم تمكن التيار المتشدد من نشر أفكاره، أو الاعتراض على منهج التنظيم حينها.
يذكر أن الخلافات الحالية تقتصر على تيارين داخل تنظيم الدولة، ولا علاقة لها بالتيار الثالث الذي انشق عن التنظيم، ويرى بكفر "البغدادي" وجميع قادة التنظيم، وتياراته، بما فيها التيار الذي ينعت بـ"تيار الغلو".