تطورات عسكرية لافتة تتمثل في تراجع
تنظيم الدولة فيما يشبه الانهيار، بعدما أعلنت قوات
سوريا الديمقراطية عن سيطرتها على كامل مدينة
الرقة السورية، فيما أعلن النظام السوري سيطرته على مدينة الميادين في محافظة
دير الزور دون معارك كبيرة مع تنظيم الدولة.
ولكن رغم هذا التراجع، يرى المعارض والمحلل السياسي السوري، أسامة البشير، أن ذلك التراجع لا يعني موت التنظيم أو اقتراب نهايته.
ويبدو لافتا التناغم بين تقدم قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية، فتقدمهما يتم وفق خطوط متوازية دون حدوث صدامات كبيرة بينهما، رغم أن التقسيم، وفق ما يذهب إليه أسامة البشير، هو "تقسم وهمي، فالطرفان لا يثقان ببعضهما، إنما الوضع العسكري يتطلب ذلك".
وفي المقابل، يرى الناشط الإعلامي، وسام العربي، أن ما يجري على الساحة السورية من تطورات "تنفيذ للاتفاق الروسي الأمريكي، فالشامية لقوات النظام، والجزيرة لقسد"، على حد قوله لـ"
عربي21".
ويشير العربي إلى تقدم قوات النظام في الأيام السابقة في الريف الشرقي لدير الزور "على خط الشامية" تحديدا. فقد سيطرت على مدينة الميادين وبقرص فوقاني وبقرص تحتاني وسعلو. ويتوقع مراقبون امتداد السيطرة لاحقاً للموحسن والمريعية والبوليل، وكل المناطق الواقعة بين مدينة الميادين ومطار دير الزور العسكري. فالنظام، وفق الناشط العربي، يهدف لفتح الطريق بين الميادين والمطار العسكري.
وفي الجهة المقابلة، لم يقتصر تقدم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على الرقة، إذ سيطرت في ريف دير الزور الغربي على بلدة المحيميدية (بلدة الشيخ نواف البشير الذي ترك صفّ المعارضة مؤخرا منحازا للنظام السوري)، إضافة للتقدم في محيط مدينة الصور شمال مدينة دير الزور، والسيطرة على قرى المشطح والحصين وغيرهما.
ويشير الناشط وسام العربي لوجود تنافس وسباق بين النظام وقسد للوصول لحقل العمر النفطي، الذي يعد من أهم الحقول في الشرق الأوسط. وقد ذكر وزير خارجية النظام، وليد المعلم؛ صراحة وجود هذا التنافس، خلال لقاء جمعه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
ومع اقتراب نهاية سيطرة تنظيم الدولة على الأرض، يقترب النظام وقسد من الصدام، فالسباق على مناطق تنظيم الدولة في مراحله الأخيرة، ويحاول كل طرف تسجيل ما يمكنه من نقاط لصالحه. فقد تقدمت قوات النظام في مناطق محسوبة ضمن نفوذ قسد، حيث سيطر على حطلة والصالحية، في مدخل دير الزور الشمالي عند جسر السياسية، حيث يؤكد العربي أن حطلة والصالحية تقعان وسط خط سيطرة قسد من الجهة الغربية، باتجاه الرقة، ومن الشرقية باتجاه حقل كورنيكو. وبهذا يخطو النظام خطوة للأمام ويقتنص نقطة بين الريف الشرقي والغربي.
وثمة ارتباط بين ما يجري على الساحة السورية ومجمل التطورات الإقليمية، ومن ذلك التدخل التركي في إدلب؛ الذي جعل الأكراد بين فكي كماشة في عفرين، مما اضطرهم لمهادنة النظام بعد ارتفاع صوتهم مؤخرا، بل سيدفعهم ذلك لاحقاً لتقديم مزيد من التنازلات، كما أكد أسامة البشير، ولا سيما أن ذلك جاء مع فقدان الكرد في العراق مدينة كركوك لصالح الحكومة العراقية المركزية".
ويضيف البشير لـ"
عربي21": "لقد أقيمت صلاة الجنازة على مشروع الانفصال بدخول الجيش التركي إدلب، وفي العراق فشل مشروع الاستقلال"، بحسب تعبيره.
وكل هذه التطورات قد تسهم في انتعاش تنظيم الدولة في مناطق جديدة، كما يقول البشير، مضيفا: "قد نرى داعش في كركوك أو أي مكان في الشرق الأوسط".
ويرى البشير في ما جرى في كركوك "رسالة واضحة للبرزاني أن أمريكا تخلت عنه، وهو الذي أعتقد أنها ستقف إلى جانبه. فالبرزاني والكرد فاجأهم تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ بأن واشنطن لن تقف مع أحد الطرفين، ما يعني حقيقة التخلي عنهم، وسيحدث الأمر ذاته في حال حدثت مواجهة عسكرية بين الكرد والجيش التركي"، معتبرا أن السلاح الذي مُنح للكرد من قبل الولايات المتحدة "قادر على مواجهة داعش لا الأتراك"، وفق تقديره.