هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار استقبال قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، للرئيس الإرتيري أسياس أفورقي، الثلاثاء بالقاهرة التساؤلات، خاصة وأن الزيارة تأتي وسط حالة من التوتر بين البلدين، وبين إثيوبيا والسودان، وعقب أنباء أيضا تواترت من الخرطوم عن حشد قوات عسكرية مصرية على الحدود الإرتيرية السودانية.
وتعد هذه الزيارة الخامسة للرئيس الإرتيري إلى مصر، حيث زار أفورقي القاهرة 4 مرات من قبل، كان آخرها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، لكن هذه الزيارة تتخذ أهمية خاصة على وقع تجدد التوترات بين القاهرة والخرطوم.
وخلال الأيام الماضية، أشارت وسائل إعلام سودانية، إلى وجود حشود عسكرية مصرية وفصائل دارفورية على الحدود الإرتيرية السودانية وأعلن والي كسلا، شرقي السودان، السبت، تشكيل لجنة عليا للتعبئة والاستنفار في الولاية الحدودية مع إريتريا.
والخميس الماضي، قامت الخرطوم باستدعاء سفيرها لدى القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، للتشاور، على خلفية التحرك المصري على حدود البلاد الشرقية والجنوبية.
اقرأ أيضا: في ظل التوتر مع السودان وإثيوبيا.. مباحثات مصرية إريترية
وأشار برلماني سوداني إلى أن حكومة بلاده لديها "معلومات تشير إلى لقاء قيادات عسكرية مصرية بالمتمرد السوداني، عبد العزيز الحلو، في عاصمة جنوب السودان جوبا، الأسبوع الماضي".
وجدد السودان، في وقت سابق الاثنين، الشكوى الخاصة بمثلث حلايب لدى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
وتتوتر العلاقات بين مصر والسودان من حين إلى آخر؛ جراء النزاع على مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد الحدودي، والموقف من سد "النهضة" الإثيوبي، إضافة إلى اتهامات سودانية للقاهرة بدعم متمردين مناهضين لنظام الرئيس عمر البشير، وهو ما تنفيه مصر.
فيما توترت العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا في الآونة الأخيرة بعد تعثر المحادثات الفنية المتعلقة بسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا وتخشى مصر أن يؤثر على حصتها من مياه نهر النيل.
مقامرة عمياء
وفي تعليقه يرى مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير عبدالله الأشعل، أن استقبال السيسي للرئيس الإرتيري بالقاهرة ليست رسالة ضغط من مصر على السودان وإثيوبيا بل هي استفزاز لكل من الخرطوم وأديس أبابا.
الأشعل، في حديثه لـ"عربي21"، وصف الزيارة في هذا التوقيت بأنها "عبث؛ يكشف الجهل بمبادئ العلاقات الدولية والمصالح المصرية"، مضيفا بل إنها "مقامرة عمياء ضررها مؤكد ونفعها معدوم".
مكايدة سياسية
الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، الدكتور السيد أبو الخير، اعتبر لقاء رأس النظام في إرتيريا والسيسي في القاهرة "نوعا من المكايدة السياسية"، مضيفا أن "الزيارة تأتي كمحاولة لفك الحصار الذى فرضه نظام الانقلاب على نفسه بسياسات خاطئة وأخطاء قاتلة تم إملاؤها على هذا النظام".
وأكد الأكاديمي المصري، لـ"عربي21"، أن "إريتريا لا تعمل ولن تعمل لصالح العرب؛ لأنها خانتهم من قبل بعد مساعدتهم ومساندتهم لها في التحرر والاستقلال عن إثيوبيا عام 1993، حيث رفضت (أسمرة) أن تنضم لجامعة الدول العربية وبتعليمات صريحة من أمريكا"، حسب قوله.
وحول جدوى التقارب المصري الإرتيري قال أبو الخير: "لا أعتقد أن التقارب المصري مع إريتريا مفيد لنظام الانقلاب كما هو متوقع؛ حيث أن سياسات أسمرة في السابق تؤكد ذلك"، مشيرا إلى أن "نظام الانقلاب غير جاد في حل أزمات مصر الخارجية لأنها من صنع يديه"، حسب رؤيته.
اقرأ أيضا: هل تدق طبول الحرب على حدود السودان وإريتريا؟
وأكد أبو الخير، مجددا أنه "لذلك فإن التقارب مع إريتريا لن ينقذ النظام الانقلابي من الوضع الذي صنعه بيده تنفيذا لأمر اللوبي اليهودي بالولايات المتحدة الأمريكية"، مضيفا أن "نظام الانقلاب يعرف ذلك جيدا ولكنها محاولة لتحسين الصورة أمام الشعب ولإلهائه وتخديره".
لا استراتيجية ومنطق رد الفعل
من جانبه قال الباحث السياسي عبدالله النجار: "يبدو أن الخارجية المصرية تدار بمنطق ردود الفعل وتفتقر إلى استراتيجة ثابتة لا تتغير بتغير النظم، وتفتقر إلى أهداف محددة تسعى لاستخدام أدواتها وما تملكه من قوى لتحقيق تلك الأهداف".
النجار، أضاف لـ"عربي21": "ولكن الملاحظ أن السياسة الخارجية حاليا تدار بمنطق ردود الفعل"، موضحا أنه "إذا كانت مصر لديها إمكانات لإرسال قوات لإريتريا فإنه كان ينبغي إرسال تلك القوات كرسالة تحذير لأثيوبيا بأن مصر قادرة على الوصول إليها لو عبثت بمقدار مصر من المياه".
وانتقد "الإعلان عن وجود قوات مصرية بإريتريا بعد الإعلان عن استغلال تركيا لجزيرة سواكن السودانية، مع أن مصر من الناحية الاستراتيجية كانت تملك جزيرتي (تيران وصنافير) الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية من سواكن".
وأكد أنه "وعلى كل حال؛ فإن العلاقات الطيبة مع إريتريا أمر جيد لمصر وخاصة أن القاهرة ومعظم العواصم العربية ساعدوا أسمرة بالمنظمات الدولية لنيل استقلالها عن أثيوبيا".
وقال إن "النقطة الهامة هي؛ أن العلاقات مع إرتيريا يجب أن تكون موجهة لخدمة مصالح مصر في مياه النيل وليس لمناكفة السودان الشقيق".