هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر خبراء ومراقبون من استمرار مسلسل انهيار العلاقات المصرية-السودانية لصالح إثيوبيا وإسرائيل؛ بسبب الخلاف على المثلث الحدودي حلايب وشلاتين على البحر الأحمر.
وأعلن السودان، الخميس، استدعاء سفيره لدى مصر، عبد المحمود عبدالحليم، لـ"مزيد من التشاور"، فيما قالت القاهرة إنها بصدد "تقييم الموقف؛ لاتخاذ الإجراء المناسب".
وأرجع رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، هاني رسلان، الخطوة السودانية إلى "أن السودان يريد التغطية على الأحداث الداخلية الاقتصادية لديه، فلا يوجد سبب وجيه آخر لافتعال أزمات مع مصر".
وأضاف لـ"عربي21" أن "السودان يخشى من ردود فعل الشارع السوداني على زيادة الأسعار لثلاثة أمثالها بعد ارتفاع سعر الدولار الجمركي ثلاثة أضعاف، وارتفاع سعر الدولار في البنك المركزي لثلاثة أضعاف أيضا، فبالتالي كانت هناك حاجة لخلق أزمة خارجية لإلهاء المواطنين".
اقرأ أيضا: هل خدم خلاف مصر والسودان إثيوبيا؟ .. ما علاقة إسرائيل؟
وحمل الخرطوم تدهور العلاقات بين البلدين على المستوى السياسي، قائلا: "السودان ضحى بعلاقته مع مصر بانخراطه في التحالف الثلاثي مع قطر وتركيا، وهو ليس بالجديد، إنما منذ 30 يونيو 2013، بالإضافة إلى موقف السودان في قضايا المياه الموجهة لكيد الدولة المصرية، ولا يكتفي بالتحالف مع إثيوبيا إنما أيضا بالتحريض ضدها".
من المستفيد؟
أستاذ العلوم السياسية وخبير الشؤون الأفريقية، بدر شافعي، أكد لـ"عربي21" أن "ما حدث يأتي في إطار التصعيد المستمر بين الطرفين، وهو إجراء للتعبير عن الاحتجاج وليس قطع العلاقات، خاصة بعد أن تردد طلب مصر من إثيوبيا عدم مشاركة السودان في المفاوضات، وهو ما نفته مصر رسميا، ولا يتصور أن تقوم بذلك؛ بناء على الاتفاقية الثلاثية الموقعة في الخرطوم".
وأضاف لـ"عربي21" أن "ما يحدث من توتر في العلاقات بين البلدين يصب في مصلحة إثيوبيا لكسب السودان إلى صفها في موضوع سد النهضة، ومن ثم إسرائيل التي تريد انشغال مصر بالجنوب بعيدا عن الشمال الشرقي (شبه جزيرة سيناء)".
ولفت إلى أن "الأزمة الأخيرة بين البلدين تتحمل مصر المسؤولية فيها بسبب طريقة تعاملها مع الملف السوداني الخاطئة"، مشيرا إلى "أطماع إسرائيل في الحصول على حصة من مياه النيل لري صحراء النقب بعد أن تتدخل كوسيط بين القاهرة وأديس أبابا في أزمة سد النهضة".
مصر والسودان
أما كبير الباحثين في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة برلين الحرة، أحمد بدوي، فرأى أن "تصعيد حدة الصراع بين الدولتين الجارتين يضرهمها معا، ويجب على الخرطوم والقاهرة أن يجدا حلول وسط لمشاكلهما وهو أمر صعب ولكنه ليس مستحيلا إذا توفرت الحكمة والإرادة السياسية لدي الطرفين".
وقال لـ"عربي21": "ليس من مصلحة مصر أن ترتمي السودان في حضن التحالف التركي القطري المناوئ لمصر. السودان يرى أن الدولة المصرية في لحظة ضعف تاريخية، وبالذات بعد تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وهو ما شجع السودان على إعادة المطالبة بفرض سيادتها على مثلث حلايب وشلاتين".
اقرأ أيضا: هل اقتربت العلاقات السودانية المصرية من منطقة الخطر؟
وتابع: "فبينما تعكس التصريحات الرسمية المصرية حرص القاهرة وتثمينها للعلاقات المصرية السودانية، نجد الإعلام المصري الموالي للدولة، وتصريحات مسؤولين حاليين وسابقين، تهاجم السودان وحكومته بطريقة مهينة وغير مقبولة".
ولفت إلى أن "هذا الهجوم شبه الرسمي على السودان يعزز من رؤية السودان أن مصر تتعامل معها دائما بقدر كبير من التعالي والاحتقار وهذا شيء مؤسف يحسب على صانع القرار في مصر".
وخلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، اتخذت السلطات المصرية، بشكل لافت وغير مسبوق، سبعة إجراءات، ثلاثة منها في يوم واحد، مقابل إجراء سوداني واحد، بشأن مثلث حلايب وشلاتين.
وتنوعت الإجراءات المصرية، بين إعلان مصر التوجه بشكوى لمجلس الأمن ضد السودان، وبناء 100 منزل بحلايب، وبث لبرنامج تلفزيوني، بخلاف بث خطبة الجمعة الماضية من المنطقة المتنازع عليها، وإنشاء سد لتخزين مياه السيول، وميناء للصيد في "شلاتين"، في ما يعكس تكريسا للسيطرة المصرية القائمة بالفعل على المثلث الحدودي.