هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يستفيق المزارعون الفلسطينيون في غزة خلال هذه الأيام، على صوت هدير طائرات إسرائيلية مخصصة لرش مبيدات حشرية عالية السمية على طول الحدود، تتسبب بتلف محاصيلهم، وتحيلها إلى خراب.
وبحسب مراقبين ،فإن الخشية الدائمة لدى الاحتلال من حدوث عمليات تسلل للمقاومة في تلك المناطق يدفعه لتدمير تلك المحاصيل، الأمر الذي ينعكس سلبا على المزارعين الذين يعتاشون على الزراعة، وتمثل مصدر دخل وحيد للعديد منهم.
ويستذكر المزارع الفلسطيني إياد قديح الخسارة الفادحة التي لحقت به العام الماضي بفعل رش هذه المبيدات، والتي منعته من الزراعة هذا العام خشية تعرض محاصيله مجددا لنفس المصير.
ويقول قديح الذي يملك أرضا زراعية حدودية شرق محافظة خانيونس: "زرعت العام الماضي 10 دونمات بمحصول البازيلاء الموسمي، لكن قيام طائرات الاحتلال برش المنطقة الزراعية بالمبيدات أدى إلى هلاك المحاصيل بالكامل ".
وأوضح قديح لـ"عربي21" أنه تكبد خسارة بلغت نحو 25 ألف دولار، وبسبب ما حل به؛ فإنه امتنع عن زراعة أرضه خلال الموسم الحالي، خاصة أن الاحتلال لا يخطر المزارعين بمواعيد رش المبيدات، فضلا عن بقاء آثار تلك المبيدات في التربة لفترات طويلة تحول دون نجاح زراعة المحاصيل مجددا.
وتمثل الزراعة بالنسبة للمزارع قديح والكثير من المزارعين في غزة مصدر دخل وحيد يتشبثون فيه، هربا من وحش البطالة، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بقطاع غزة المحاصر.
اقرأ أيضا: توقعات إسرائيلية بمواجهة مفتوحة في غزة قبل نهاية 2018
ويشكل القطاع الزراعي جزءا أساسيا من الاقتصاد الغزي إذا ما قيس بحجم المنتجات الزراعية، وتشكل الأراضي الزراعية في المناطق الحدودية من قطاع غزة مصدرا مهما للإنتاج الزراعي كونها مصنفة ضمن الأراضي الأكثر خصوبة في القطاع.
من جهته قال مدير عام الإرشاد الزراعي في وزارة الزراعة، المهندس نزار الوحيدي إن الاحتلال الإسرائيلي يرش المبيدات الحشرية مرتين في السنة، دون إخطار مسبق؛ الأولى في الشتاء، وبدأت خلال اليومين الماضيين، والأخرى في أواخر فصل الربيع.
وأشار في حديث لـ"عربي21" أن هناك مجموعة من الآثار الخطيرة التي تترتب على هذه الإجراءات؛ فعلى الصعيد الاقتصادي فإن خسارة المحاصيل تضيع جهد المزارعين وأموالهم، وعلى صعيد الجانب الصحي والبيئي، فإن المواد الكيميائية السامة التي تحتويها تلك المبيدات تضر بصحة الإنسان، وممكن أن تصيب سكان تلك المناطق بأمراض خاصة الجهاز التنفسي، ويحتمل أن تصل إلى السلسلة الغذائية وتؤدي إلى أمراض خطيرة.
وتابع :" هذه المواد تعلق في التربة، ويترتب على ذلك مشاكل بيئية تؤثر على الخزان الجوفي للمياه، وأحيانا تنقل الرياح هذه المبيدات إلى المدن والقرى، حيث تتعمد طائرات الاحتلال رش تلك المواد حين تكون الرياح قادمة من الشرق إلى الغرب أي باتجاه الأراضي عمق قطاع غزة".
وعن حجم المناطق التي تطالها عمليات الرش قال "إن المساحة تتراوح بين 45 كيلومترا إلى 50 على طول الحدود مع الاحتلال، وعموما فإن ما لا يقل عن 23 ألف دونم تتعرض لخسارة المحصول نتيجة عمليات رش المبيدات السامة وهي المنطقة المحاذية للسياج الفاصل".
اقرأ أيضا: "الحمى القلاعية" سلاح جديد تستخدمه إسرائيل ضد مزارعي غزة
وفيما يتعلق بالخسائر المادية أضاف: "حجم الخسائر السنوية تبلغ نحو 50 مليون دولار، حيث تبلغ تكلفة كل دونم يتم زراعته في تلك المناطق ما لا يقل عن 2000 دولار أمريكي، فضلا عن الخسارة التي تلحق بالقطاع الحيواني والحياة البرية".