هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يرافق انطلاق مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، تخوفات من أن يكون بابا لتكريس النفوذ في ظل دولة عراقية ضعيفة، تعاني من فساد مالي مستشر في معظم مفاصلها، بحسب مراقبين.
وبدأت، الاثنين، أعمال مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، بمشاركة المئات من كبريات الشركات والمنظمات الدولية والمؤسسات المالية العالمية، حسبما أعلن التلفزيون الرسمي العراقي.
وفي حديث لـ"عربي21" قال عضو لجنة الاقتصاد في البرلمان العراقي، علي صبحي المالكي إن "العراق يشهد انطلاقة جديدة من خلال المؤتمر، وإنه يمثل انعطافة في العملية السياسية للبلد".
وقال النائب إن "هناك نفوذا لهذه الدول المانحة من خلال الأموال"، معربا عن اعتقاده أن التخوف الكبير يمكن في حالة "التدليس" لبعض من حضر المؤتمر (لم يسمهم)، وليس النفوذ السياسي للدول المانحة.
واتهم المالكي جهات لم يسمها بـ"إخفاء ما لا يقل عن 350 مليار دولار من خزينة العراق، لا نعرف قرارها"، لافتا إلى أن "من حضر المؤتمر سيدعي أن العراق بني بأموال خارجية".
اقرأ أيضا: انطلاق أعمال مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي وسام الكبيسي، إن "العراق منذ احتلاله وحتى اليوم، لا يمتلك سيادة حقيقية على أرضه وأجوائه ومياهه وحتى على الطبقة السياسية هناك تأثير كبيرة، وأجندات متعددة تعمل داخل العراق وغالبها لصالح جهات خارجية".
وأضاف لـ"عربي21" أن "استغلال إعمار العراق للنفوذ السياسي أمر متوقع في ظل الضعف الذي تعيشه الدولة العراقية، خاصة على المستوى الاقتصادي والسياسي، وحالة الفساد المالي الكبيرة التي اشتهر بها العراق ما بعد الاحتلال".
وأوضح مستشار مؤسسة أبعاد للأبحاث أن "العراق دخل في خزينته ما يقارب التريليون دولار في السنوات التي كان فيها نوري المالكي، رئيسا للحكومة (2006- 2014)، حسبما كشفت تقارير".
ولفت إلى أن "هذه الأموال الكبيرة لم يكن لها تأثير في البنى التحتية والحالة الاقتصادية والاجتماعية للعراقيين، فبالتالي كل هذه المعطيات تحتم أنه تحصل تأثيرات بلا شك، والدول التي تأتي لتمد يدها ليست جمعيات خيرية".
وأردف الكبيسي بأن "الدولة (العراق) التي ضيعت كل هذه الإمكانات الكبيرة ولم يحاسب فيها الفاسدون، فإنها بالتالي أعطت فرصة للتدخل في الشأن الداخلي أكثر مما هي متدخلة الآن".
واستذكر المحلل السياسي العراقي "مشروع مارشال بعد الحرب العالمية الثانية، الذي أعطى فرصة لأمريكا للتدخل في الكثير من الدول حتى الساعة، وأن بعض الدول مرتبطة باتفاقيات مع أمريكا نتيجة مشروع مارشال من ضمنها ألمانيا وهي دولة كبيرة".
وشدد في ختام حديثه على أن "هناك تأثيرات من المؤتمر الدولي المنعقد في الكويت ستلقي بظلالها على الوضع العراقي، وستؤثر على بنسبة أكبر مما توثر بها الآن على السيادة العراقية".
وأعلن وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي في افتتاح المؤتمر، أن بلاده بحاجة إلى 88.2 مليار دولار لإعادة بناء ما دمرته النزاعات وآخرها الحرب ضد تنظيم الدولة.
وذكر من جهته مدير عام وزارة التخطيط العراقية قصي عبد الفتاح أن إعادة إعمار العراق تتطلب جمع 22 مليار دولار بشكل عاجل، و66 مليار دولار أخرى على المدى المتوسط.
ويراهن العراق الذي دمرته الحروب منذ الثمانينات، والحصار منذ اجتياح الكويت عام 1990، على المانحين الدوليين وخصوصا القطاع الخاص لتجاوز تبعات هذه النزاعات والحصول على تعهدات مالية بمئات مليارات الدولارات.
وسبق للعراق، ثاني أكبر منتجي النفط في منظمة الدول المصدرة"أوبك"، أن كثف من دعواته للمستثمرين حول العالم للمساهمة في إعادة الإعمار. ويعتزم خصوصا الاعتماد على احتياطه من النفط، الذي لم يستغل بشكل كامل بعد.
وخلال المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس" نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، توقع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن يكلف المشروع الضخم لإعادة إعمار البلاد مئة مليار دولار، وهو المبلغ الذي يأمل العراق أن يجمعه من مؤتمر الكويت.
وأبدت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وتركيا وإيران والسعودية وقطر والكويت، ودول أخرى، على لسان مسؤوليها، استعدادهم للمساهمة في إعادة إعمار العراق، بعد خروج البلد من حرب ضد تنظيم الدولة.