للمرة الأولى السيسي يقر: أوشكنا على الإفلاس قبل 3 سنوات
القاهرة- عربي21- محمد أحمد21-Jul-1802:55 PM
2
شارك
السيسي قال إن الشعب المصري تحمل تبعات الإجراءات الاقتصادية المؤلمة- جيتي
أقر قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، في تصريح هو الأول من نوعه لأعلى مسؤول في البلاد، بأن مصر كانت على وشك الإفلاس قبل ثلاث سنوات، أي خلال فترة حكمه الأولى، وعزا الفضل في تجاوز تلك المرحلة إلى الشعب المصري الذي تحمل تبعات الإجراءات الاقتصادية المؤلمة.
وخلال لقائه بعدد من المفكرين السودانيين، في اليوم الثاني والأخير من زيارته للسودان، الجمعة، أكد "أنه لن تستطيع أي دولة تحقيق الإصلاح الاقتصادي دون أن يتحمل شعبها هذا الإصلاح". وأوضح أن "الدولة المصرية كانت مهددة منذ ثلاث سنوات بالدخول في إفلاس"، وفق صحيفة الأهرام الرسمية، أكبر صحيفة قومية في البلاد.
وأكد خبراء اقتصاد ومحللون سياسيون لـ"عربي21" أن ما قاله السيسي حق أريد به باطل، حيث أراد أن يقول إنه كان المنقذ لمصر، ولكنه كشف أن سياسته الاقتصادية أوردت البلاد مستنقع الإفلاس، وأن كل ما قام به هو تأجيل حدوثه فقط.
وفندوا تصريحات السيسي التي أشاد فيها بالشعب المصري، وقدرته على تحمل الإجراءات الاقتصادية القاسية؛ لأن الشعب لم يكن له خيار في ما حدث طوال الفترة الماضية، وأن تلك الإجراءات فرضت فرضا على المصريين جميعا.
تأجيل الإفلاس
أستاذ الاقتصاد، أشرف دوابة، أكد أن "مصر بالفعل كانت مهددة بالإفلاس، ولكن السيسي استطاع فقط تأجيل الإفلاس عن طريق قرض صندوق النقد الدولي، البالغ 12 مليار دولار"، مضيفا أن "إفلاس مصر لم يكن مستبعدا، بل وما زال متوقعا عاجلا أم آجلا، والإفلاس هو عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية وهو متوقع مستقبلا".
وأوضح لـ"عربي21" أن السيسي لم يقل جديدا، وقال ما كان خافيا على العامة، وكل ما حدث هو تأجيل هذا الإفلاس، فالدولة لم تشهد زيادة في الإنتاج، أو تحسنا في مستوى المعيشة، الشيء الوحيد الذي يفعله السيسي هو جلب القروض من أجل تحقيق إفلاس أكبر ومدو في الفترة القادمة".
العلامة الكاملة في الإفلاس
من جهته؛ قال أستاذ إدارة التغيير والتخطيط الاستراتيجي الزائر بجامعة كامبردج المؤسسية بسويسرا، حسام الشاذلي، "لـ"عربي21": "إن مصر فشلت في تجاوز المؤشرات التي تقيس إمكانية إفلاس الدول، مثل الاستقرار السياسي والأمني، واستقرار المنظومة المالية للدولة من خلال قيمة الدين العام والخارجي، ووضع التمويل الخارجي، وهو ما يقصد به مدى سيطرة البلاد على مصادر التمويل، ومدى صحة القطاع المالي للدولة الذي يقيس تحسن المؤشرات الائتمانية للبنوك، وأخيرا الاستعداد لسداد القروض".
واستدرك بالقول: "وهذا المؤشر الأخير يقيس ما إذا كانت الدولة بمؤسساتها تنتهج سياسة حكيمة لزيادة الإنتاج والموارد من أجل تسديد القروض، أو تسديد قرض بآخر، ورسم صورة غير حقيقية لاقتصادها الكلي من أجل الاقتراض المستمر بدون خطط واضحة للتسديد. وعليه فإنه يتضح مما سبق أن منظومة الاقتصاد المسموم التي يتبناها السيسي تأخذ البلاد إلى منعطف اقتصادي خطير يضعها على حافة الإفلاس، وسيطرة أصحاب القروض في الخارج".
واختتم حديثه بالقول إن "الشعب المصري هو من يدفع الثمن ليل نهار حيث بات أكثر من 40% من الشعب المصري يعيشون تحت خط الفقر، ويتجرعون سم اقتصاديات السيسي في كل يوم، في حين أن السيسي يوظف جميع أجهزته الأمنية لكي يمرر جميع القرارات الاقتصادية المشبوهة، ويعتقل كل من يعترض عليها أو حتى يناقشها".
مشاريع "فنكوش"
وعزا المحلل السياسي والاقتصادي، محمد السيد، سبب الإفلاس الوشيك لمصر قبل ثلاث سنوات إلى "فنكوش (قناة السويس الجديدة) الذي كلف 8 مليارات دولار، وكان رصيد مصر آنذاك لا يتجاوز الـ17 مليار دولار، والديون الخارجية الواجب سدادها لكل من تركيا وقطر وليبيا كانت تقدر بـ 11 مليار دولار، وأذون الخزانة تبلغ 8.5 مليار دولار، وهذا يعني أن رصيد البنك المركزي من العملات الحرة بالسالب أي إن البلاد كانت في وضع الإفلاس".
وفي حديثه لـ"عربي21" أكد "أن شبح الإفلاس قائم وبشدة؛ بسبب انهيار الصناعة والسياحة، وضعف الصادرات، والاعتماد بشكل كبير على الواردات، وارتفاع حجم الدين الخارجي والعام"، محذرا في الوقت نفسه "من سياسة سد عجز الموازنة بالاقتراض المستمر".
لا دور للشعب
رأى الناشط السياسي والخبير الاقتصادي، محمد نبيل، أن "السيسي كان يقصد أنه استلم مصر وهي على حافة الهاوية، وأنه قام بإنقاذها"، لافتا إلى أن "الكارثة هنا أنه يرى أن الإنقاذ هو مضاعفة ديون مصر خلال 4 سنوات فقط".
مضيفا لـ"عربي21" أن "مصر تجنبت سيناريوهات الإفلاس عن طريق الاقتراض، وحتى هذه اللحظة لا توجد أي عوائد لهذه القروض؛ فلا توجد أي مشاريع تحقق أي إيرادات لتغطية تكلفة القروض خلال فترة حكمه".
واعتبر أن "التوصيف الصحيح لما فعله السيسي هو تأجيل لحظة إفلاس مصر، وتأكيد تحققه، ما أراه أن السيسي ونظامه في حالة إنكار تام لحالة الفشل والانهيار التي تعيشها مصر"، مشيرا إلى أن "الشعب ليس له الفضل في المرور من المأزق؛ لأننا لم نعبر من المأزق أصلا، ولم يكن للشعب أي اختيار في أي من الإجراءات التي فرضها السيسي".