هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرح السياسي المصري، محمد محي الدين، عضو مجلس الشورى السابق، مبادرة جديدة للحوار والمصالحة الوطنية الشاملة تتكون من عشرة بنود. وقال إنها تهدف إلى وقاية المجتمع المصري من أي هزات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.
وأوضح "محي الدين" – في تصريح لـ"عربي21" أن مبادرته تهدف لرسم "خارطة طريق محددة المعالم للحفاظ على الدستور، والمؤسسات، وقيم العدل والمساواة، والتداول السلمي للسلطة بما يسمح للمصريين بأن يعودوا مجتمعين على أسس واضحة نحو دولة مدنية ديمقراطية ناهضة اقتصاديا وعلى كل المستويات الأخرى، وبما يحصر أي خلاف تحت تصنيف الخلاف السياسي المقبول دون العداوة أو الخصومة".
ودعا قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وسلطات الدولة ومؤسساتها وكافة قوى المعارضة للتعاطي مع مبادرته، مؤكدا أنها "واقعية بما يسمح لجميع العقلاء والمخلصين أيا كان توجههم بقبول إطارها العام".
ونوه "محي الدين"، الذي شغل منصب نائب رئيس حزب غد الثورة الليبرالي، إلى أنه سيقدم مبادرته بصورة رسمية في الأيام القليلة القادمة للفاعلين الرسميين وغير الرسميين في المشهد السياسي المصري.
اقرأ أيضا: حسن نافعة يطرح عبر "عربي21" رؤية "الخروج من الأزمة" بمصر
وهذا هو نص المبادرة التي تنفرد "عربي21" بنشر تفاصيلها:
شعب مصر الكريم:
إن إنكار الأزمة السياسية المصرية أو تجاهلها أو التعامي والتغافل عنها لا يعني حلها أو عدمها، كما لا يعني خفوت أو خفاء نيرانها التي تجذو تحت الهشيم صواب سلطة أو صلاح معارضة، لأن استمرار الانقسام هو وقود أعدائنا لتتحقق مصالحهم على حساب مصالح الأمة المصرية.
ومن الغريب أن الفاعلين والمهتمين بالشأن العام من المصريين وهم عشرات الملايين قد انقسموا على أنفسهم في أعقاب ثورة يناير المجيدة ولوقتنا هذا صعودا وهبوطا، بل تبديلا وتحويلا، بين قيادات شتى لا يعون أنهم لا يملكون لأنفسهم ولا لوطنهم نفعا ولا ضرا إلا فقط بوحدة الهدف والطريق إليه والساعين نحوه.
وعلى خلاف المنطق والفطرة وجدنا أن هناك من احتكر الوطنية وخون مخالفيه فيها، وهناك من احتكر الدين وخون مخالفيه فيه، ولكل شيعته ومحبوه وأعداؤه وكارهوه، وهو ما فتح الباب واسعا لسقوط دماء مصرية بريئة من رجالات الجيش والشرطة ومن المدنيين، وكذا أمام أصحاب المنافع الشخصية والذاتية والوقتية وأصحاب الهوى الذين لا يعنيهم إلا أنفسهم.
لقد اختلط الحابل بالنابل وأذيبت الفتن في مياه نيلنا عمدا أو جهلا أو كليهما حتى باتت المعارضة خيانة للدولة وعمالة للخارج من طرف البعض، وباتت عداوة الدولة والمؤسسات بل وتمني سقوطها هي معارضة البعض الآخر، حتى المؤسسات تشابكت أدوارها وتضاربت صلاحياتها فلم تعد تستطع أن تميز أيها تشريعي، وأيها أمني، وأيها سياسي، وأيها توجيهي، وأيها رقابي، وأيها يحكم، وأيها يعاون في الحكم، وأيها خارج معادلات وحسابات الحكم؟
وما زاد الأمر حدة وارتباكا وترقبا هو تعدي مرحلة الاختناق السياسي إلي أعتاب اختناق اقتصادي محتمل على خلفية ما بات المصريون مطالبين به، وهو تحمل تبعات ما يسمى بالإصلاح الاقتصادي على حساب سلامتهم ومتطلباتهم النفسية والمادية والأسرية حتى كادت طبقات كاملة أن تذوب، من أجل الدولة التي غابت عموم مؤسساتها عن مشاركة الشعب في هذه المعاناة والتخفيف عنه، بل تبارت في التنكيل به اقتصاديا المرة تلو الأخرى، اعتمادا على صبر قارب على النفاد وعلى وطنية باتت تحمل وجوه تعريف متناقضة أحيانا.
لقد غاب عن الجميع إلا من رحم ربي سلطان العقل والعلم الذي وحد المصريين منذ آلاف السنين على عبادة رب واحد بلسان واحد على مذهب واحد، حيث ذابت فيهم كل الأديان والمذاهب والأعراق والأجناس وصارت مصر بوتقة للتاريخ والجغرافيا معا.
اقرأ أيضا: 11 مبادرة للمصالحة بين نظام السيسي والإخوان.. هذا مصيرها
لكل ما سبق فقد وجدت أنه بات واجبا علي وعلى غيري العمل على نزع فتيل كل صدام أو أزمة ومحاولة إصلاح ما أفسدناه بأيدينا لسنوات، ساعين لجعل خلافاتنا واختلافاتنا التي هي من سنن الطبيعة في طور الخلاف السياسي المقبول.
لذلك، أعرض مبادرتي لحل الأزمة السياسية المصرية، متمنيا أن تلقى الاهتمام والتعاطي من الجميع ولصالح الجميع وبنودها كما يأتي:
الإقرار بواقع سياسي داخلي يلقى اعترافا دوليا ويعبر عن شريحة معتبرة من الشعب المصري يتمثل في رئيس جمهورية يعترف به ويدين له بالولاء مؤسسات وسلطات الدولة الثلاث.
الإقرار بوقوع مظالم حقيقية نالت الكثير من أبناء هذا الشعب لتبنيهم خطا فكريا أو سياسيا بعينه أو لمعارضتهم إجراءات أو ما بعد خارطة طريق 3 يوليو 2013 أو حتى لمعارضتهم سلبيات أدوات ومؤسسات نظام الحكم مع اعترافهم بشرعيته.
اعتراف الجميع بارتكاب أخطاء انتهت بنا إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية الحالية بقبول مبدأ الحوار الوطني كآلية وحيدة للتخلص من كل معوقات الماضي وأخطائه والتطلع لمستقبل واعد وحقيقي ومؤسسي للدولة المصرية.
الحوار الوطني لا يستثني أحدا من القوى السياسية والشخصيات العامة المخاطبة بالمبادرة والمطالبة بالوصول إلى اتفاق سياسي والقادرة على تحقيقه وتذليل العقبات وصولا إليه، أخذا في الاعتبار أنه لا يجب تأجيل الحوار الوطني انتظارا لموافقة فصيل سياسي أو شخصيات ذات أثر للانضمام إليه، مع بقاء الباب مفتوحا لانضمام ذوي الشأن من التيارات والشخصيات العامة دون إعادة النظر في ما تم التوافق حوله في غيابهم.
اقرأ أيضا: الإخوان: هذا هو موقفنا من مبادرات حل الأزمة المصرية
الحوار الوطني يشمل سلطات الدولة ومؤسساتها، وفي القلب منها مؤسسة الرئاسة، وكذا أجهزة الدولة الأمنية.
قبول الجميع بفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر كراع وبمؤسسة الأزهر الشريف كحاضنة لهذا الحوار الوطني الجامع.
القبول بمبدأ "التحصين مقابل العفو" كوسيلة ناجزة للانتهاء سريعا من كل مثالب الماضي وسوءاته تطلعا إلى خير هذه البلدة الطيب شعبها.. من خلال الإجراءات التالية:
أ- تحصين كل قيادات الدولة المدنية (من مستوى عضو الحكومة انتهاءً بمنصب رئيس الجمهورية) وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وكبار المسؤولين والقادة الذين يري طرح أسمائهم أو وظائفهم والذين كانوا في مناصبهم منتصف ليلة 12 فبراير 2011 وكل من تولى هذه المناصب تباعا حتى حينه من أي اتهامات أيا كان نوعها وما يترتب عليها من عقوبات، وذلك دون تحصين القرارات الصادرة عنهم.
ب- العفو الشامل وإسقاط كافة التهم ورد الاعتبار للرئيسين السابقين محمد حسني مبارك ومحمد مرسي.
ت- العفو الشامل عن كل المحكومين وإسقاط كافة التهم عن كل المتهمين في كافة القضايا السياسية غير المقترنة بأعمال عنف تمت اعتبارا من 25 يناير 2011 وحتى حينه.
ث- إعادة محاكمة كل المحكومين أو المتهمين في قضايا العنف ذات البعد السياسي أو الأمني أو كليهما معا، والتي ارتكبها مواطنون عاديون أو منتسبو المؤسسات الأمنية، والتي تمت في الفترة من 25 يناير 2011 وحتى حينه أمام دوائر جديدة.
ج- تلتزم الدولة بتعويض -بدفع الدية الشرعية إلى- من لم يسبق تعويضهم (دفع الدية لهم) من أهالي كل من سقط صريعا من المدنيين غير متلبس بحمل سلاح أو استخدامه في كافة التجمعات والاعتصامات والمظاهرات والمسيرات وغيرها، والتي أعقبت ثورة 25 يناير مرورا باعتصامي رابعة والنهضة وكافة الأحداث الأخرى حتي تاريخه تعويضا عادل.
اقرأ أيضا: الهلباوي يطلق مبادرة جديدة لإنهاء أزمة مصر.. هذه تفاصيلها
دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 2012 والمعدل في 2014 هو الضابط لما يجب أن ينتجه الحوار الوطني، وفي هذا الصدد لا يجوز مطلقا طرح أية تعديلات دستورية من جانب لجنة الحوار الوطني أو أي من سلطات الدولة المعنية.
الحوار الوطني مدعو أيضا لمناقشة القضايا السياسية الشائكة أو ذات الحساسية أو ذات الأهمية بمكان تفعيلا للدستور ولدفع الدولة والشعب معا نحو دولة ديمقراطية مدنية ومنها:
أ- التوافق على وضع الأطر القانونية والسياسية بما يسمح بتشكيل مجلس نواب 2020 معبرا عن التيارات السياسية المختلفة والممثلة للأمة المصرية.
ب- التوافق السياسي بين حضور الحوار الوطني على ثلاثة أسماء كحد أقصى لمرشحين رئاسيين توافقيين يخوضون جميعا أو اثنان منهم أو أحدهم انتخابات الرئاسة القادمة بعد انتهاء المدة الثانية والأخيرة لرئيس الجمهورية الحالي، وبما لا يحرم أي مواطن من حقه في الترشح منافسا للمرشحين التوافقيين.
ت- التوافق القانوني والسياسي على كيفية تشكيل المحليات بما يسمح بلامركزية الإدارة وتقديم خدمات لائقة للمواطنين وبما يقضي على الفساد الضارب بجذوره في ربوعها (وهو هدف لاحق للهدفين السابقين).
طرح كل ما يخرج عن الحوار الوطني على الشعب في استفتاء عام ليكون ملزما للكافة مواطنين ومؤسسات وسلطات.