هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طالب مركز الشهاب لحقوق الإنسان الحكومات والهيئات والمنظمات الدولية العمل والضغط على السلطات المصرية بتجريم الاختفاء القسري في قانون العقوبات المصري، كجريمة لا تسقط بالتقادم، وتشديد العقوبة بما يتلاءم مع جسامة هذا الانتهاك.
ودعا -في بيان له، الجمعة، بعنوان "أين هُم؟"، وصل "عربي21" نسخة منه- إلى تعديل قانون العقوبات، بحيث يتم اعتماد تعريف التعذيب الموجود في اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984، والانضمام لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998، والانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2006، مطالبا بإصدار قانون يمنع احتجاز المدنيين في مناطق أو سجون عسكرية أو أماكن سرية غير معلنة.
وأشار إلى ضرورة "الإفراج الفوري عن كل المختفين قسريا على يد القوات الأمنية، والإعلان عن أماكن احتجاز من هم على ذمة قضايا، وأن تُسير لجنة تقصي حقائق من قبل الأمم المتحدة بخصوص حالات الإخفاء القسري في مصر، خاصة الحالات التي تم قتلها، وفتح تحقيقات موسعة حول ما تم من جريمة الإخفاء القسري، وما تم بها من ممارسات مخالفة للقانون بناء على تقرير لجنة تقصي الحقائق".
كما طالب بمحاسبة المسؤولين عن ممارسة الإخفاء القسري من قيادات وزارة الداخلية والمخابرات والمسؤولين عن احتجاز أشخاص دون وجه حق داخل أماكن احتجاز غير قانونية أو سرية، وتفعيل دور الرقابة الدورية من قبل النيابة، والقضاء على المقرات السرية التابعة لجهاز الشرطة والسجون ومعسكرات الأمن المركزي والسجون العسكرية غير المعلومة".
اقرأ أيضا: كيف تحول الاختفاء القسري لعقوبة "إعدام" بمصر؟ خبراء يجيبون
وأكد أهمية "النظر في الإجراءات التي اتخذها ذوي المفقودين من بلاغات وشكاوى تثبت إخفاء ذويهم من قبل الأجهزة الأمنية، والبت فيها على وجه السرعة، والرد على أسر المختفين قسريا بخطاب رسمي يتضمن نتيجة البحث، والتحقيق في اختفاء ذويهم".
وقد ازداد الاختفاء القسري في مصر مؤخرا بشكل ملحوظ خلال الأعوام الأربعة الماضية، وأصبحت المنظمات الحقوقية تتلقى مئات الشكاوى من ذوي ضحايا المختفين قسريا على يد السلطات الأمنية، وتؤكد عدم توصلهم إلى مكان احتجازهم.
وقال: "تعرض مواطنون كثيرا للإخفاء القسري، واحتجزوا سرا دون إقرار رسمي من الدولة بذلك، وحرموا من الاتصال بأسرهم ومحاميهم، وتم احتجازهم لمدد كبيرة دون إشراف قضائي، وتعرضوا للتعذيب والمعاملة السيئة من جانب ضباط وأفراد الشرطة وجهاز الأمن الوطني والمخابرات العسكرية؛ لانتزاع اعترافات بأعمال لم يرتكبوها ولا تمت لهم بصلة".
وتابع: "وصل عدد الذين مورست عليهم جريمة الاختفاء القسري في مصر خلال خمس سنوات 6421 حالة تشمل كافة الأعمار السنية في المجتمع المصري، إلا أنه الغالب في فئة الشباب، فضلا عن كافة المهن والاتجاهات السياسية وغير السياسية، ما يؤكد أن هذا نهج متصاعد في هذه الظاهرة، وأنه استمرار للضرب بعرض الحائط للقوانين المحلية، فضلا عن الاتفاقات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وأن هذه السلطات اتخذت من هذا الخطف والاختفاء القسري وسيلة قمع وتخلص من أي معارض لها".
وأضاف: "تصل عشرات الشكاوى يوميا لمنظمات حقوق الإنسان المهتمة بالملف الحقوقي المصري تفيد تعرض مواطنين مصريين للاختفاء القسري على يد رجال الأمن، مع تأكيد ذويهم على عدم توصلهم إلى مكان احتجازهم، حتى أصبحت تلك الظاهرة متكررة بشكل يومي منذ الـ3 من يوليو من العام 2013، وزادت وتيرتها بشكل مريب ومتصاعد خلال العام الحال".
اقرأ أيضا: اعتقال 1080 مصريا واختفاء 379 قسريا في 6 شهور
وأوضح أن "بعض الأشخاص بعد ظهورهم لا يعودون لمنازلهم، فيعرضون على نيابات ترفض تسجيل أي تفاصيل عن اختطافهم، ويتم إخفاؤها لشهور، وتعرضهم للتعذيب، والبعض الآخر قد يُصاب بعلة مستديمة، فقد سجلت بعض الحالات أصابتها بشلل كلي أو نصفي، وأخرى أصابها عجز في أداء الوظائف الجسدية، كالنطق والحركة؛ بسبب ما لاقوه أثناء اختطافهم".
وأكمل: "يتم تلفيق قضايا لهؤلاء لا صلة لهم بها، وإنما لإظهار قوة السلطات، وأنها تقدم متهمين لجرائم كبرى لم تستطيع الدولة الوصول جديا للفاعلين الحقيقيين لمرتكبي هذه الجرائم"، مضيفا: "ربما يلقى المختطف مصيرا آخر كالموت، إما تحت وطأة التعذيب، أو لتوريطهم في تهم ملفقة بعد قتلهم، لكي لا يتمكنون من إنكارها".
وأكد أن "مثل هذه الجريمة لا تتفشى إلا في ظل أنظمة ديكتاتورية قمعية تعتمد بشكل واضح على الأمن والقوة الأمنية في تعاملاتها مع المواطنين والمطالبين بالحريات العامة وحقوق الإنسان "، لافتا إلى "تزايد ارتكاب هذه الجريمة بشكل غير مسبوق في مصر للدرجة التي وصل معها إلى أن أصبح الإخفاء القسري يمارس بشكل نمطي مستمر وواسع الانتشار وبشكل يومي".
وقال مركز الشهاب إن "هذه الظاهرة المخيفة للإنسانية ينبغي أن يضع العالم حدا لها، وأن يضغط كل ذي مسؤولية على السلطات المصرية أن تكف عن ممارسة هذه الجريمة التي ترقى لجريمة ضد الإنسانية".
وفي السياق ذاته، قالت منظمة كوميتي فور چستس، في بيان لها، الخميس، إن "الممارسة البغيضة للاختفاء القسري تم اللجوء إليها كنمط من أنماط القمع الممنهج، قصد تخويف وبث الرعب من قبل السلطات المصرية لدى المعارضين السياسيين والمجتمع".
وبحسب رصد وتوثيق فريق كوميتي فور چستس في الفترة الزمنية من آب/ أغسطس 2017 إلى آب/ أغسطس 2018، فإن عدد حالات الاختفاء القسري في مصر بلغت 1989 حالة وعدد الحالات التي تم رصد ظهورها بعد الاختفاء القسري 1830 حالة، وعدد الحالات التي تم توثيقها من قبل فريقها بلغ 318 حالة، فيما بلغت عدد الشكاوى التي قدمت إلى اللجان الدولية لمساعدة ضحايا الاختفاء القسري 141 شكوى، فيما لم يحل بلاغ واحد من مئات البلاغات المقدمة من الضحايا أو ممثليهم إلى التحقيق الجدي.
وأكدت أن "جريمة الاختفاء القسري في مصر شهدت ازدهارا في الفترات التي اعتلت فيها قيادات عسكرية سدة الحكم بعد ثورة يناير 2011، وبعد الثالث من تموز/ يوليو 2013، وهو ما يلقي بظلاله على المشهد الحقوقي في مصر، الذي تعرض فيه الحقوقيين للإسكات والتوقيف في سبيل عدم الحديث عن هذه الجريمة تحديدا".
وطالبت كوميتي فور چستس الجهات المعنية بفتح تحقيق جدي لوقف جريمة الاختفاء القسري في مصر وغيرها من الجرائم التي تمثل جرائم بحق الإنسانية، وفقا للقانون الدولي.