هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكك خبراء في قدرة اقتصاد مصر على التعافي من عثراته المتلاقة، بينما أشادت مدير عام صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، بالاقتصاد المصري معربة عن تفاؤلها بأن اقتصاد مصر يُظهر علامات قوية على التعافي، وأنه يأتي ضمن الاقتصاديات الأعلى نموا بالشرق الأوسط، مؤكدة على استمرار التزام الصندوق بدعم مصر وشعبها.
جاء ذلك بيان صحفي للصندوق على خلفية لقاء لاجارد، برئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بمقر إقامته في نيويورك أثناء مشاركته بأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأكدت لاجارد أنها اتفقت مع السيسي على "أهمية الاستفادة من مكاسب الاقتصاد الكلي بمصر لتعزيز الإصلاحات الهيكلية للحكومة، وأن هذه الإصلاحات تساعد على تحقيق نمو أكثر استدامة وشمولية ويقوده القطاع الخاص، ما سيساعد بخلق فرص عمل لشباب مصر، مع ضمان توفير الموارد الكافية للحماية الاجتماعية".
على خطى اليونان
وحول مدى مطابقة تلك التصريحات من مسؤولة دولية كبيرة لأرض الواقع، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد خزيم، أنها "نوع من التملق السياسي تقوم على أساس تقارير تصل إلى مسؤولي الصندوق من المسؤولين المصريين"، مؤكدا أنها "كلها تقارير غير حقيقية".
خزيم، أشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن هذا السيناريو والتقارير المغلوطة المجافية للواقع "يسير تماما كما حدث مع اليونان حتى انفجرت أزمة الدولة الأوروبية"، مضيفا: "وللأسف هذا هو ما يحدث بمصر الآن".
وأكد الأكاديمي المصري، أن الوضع الحقيقي والأرقام الصحيحة، تمثل بكل المقاييس كارثة؛ حيث أن "إيرادات الدولة السنوية تلاقت مع قيمة الأقساط والفوائد السنوية للقروض"، مؤكدا أن هذا "هو الإفلاس اقتصاديا بعينه".
وفي9 أيلول/ سبتمبر الجاري، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي زيادة الدين الخارجي لـ( 92.64 مليار دولار) نهاية تموز/يونيو الماضي، وأن نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي 37.2 بالمئة في نهاية السنة المالية 2017-2018، مبينا أن سبب زيادة الدين هو "توسع الدولة بالاقتراض الخارجي لسد الفجوة التمويلية، وحل أزمة نقص العملة الأجنبية".
وعاشت اليونان العقد الأخير على وقع أزمة الدين الحكومي التي كادت تصل بالبلاد إلى هاوية الإفلاس والخروج من الاتحاد الأوروبي مع ارتفاع معدل عجز الموازنة وتصاعد حجم الدين العام وارتفاع معدلات الفائدة على السندات اليونانية، وهو ما تعاني منه مصر الآن، حسب المحللين.
تحسن صوري
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، إن "تصريح لاجارد يأتي في إطار المجاملات السياسية، لانعقاد اللقاء على هامش اجتماعات الأمم المتحدة".
الصاوي أكد لـ"عربي21"، أن "الاقتصاد المصري سعى لتحسين بعض المؤشرات المالية والنقدية على حساب تنمية القطاعات الإنتاجية، فضلا عن ارتفاع تكاليف تحسين بعض المؤشرات النقدية والمالية".
وأكد الباحث الاقتصادي، أن "تكوين الاحتياطي النقدي بالمركزي المصري (44.3 مليار دولار)، تم من خلال الاقتراض الخارجي، أو استقدام استثمارات الأجانب في الدين العام المحلي".
اقرأ أيضا: السيسي يتعهد بمواصلة تنفيذ طلبات صندوق النقد.. والأخير يرد
وأوضح الصاوي أنه "ومن هنا وجدنا أن فوائد الديون تقفز إلى 541 مليار جنيه، وأن خدمة الدين من أقساط وفوائد تمثل 82 بالمئة من إجمالي الإيرادات العام للدولة".
وفي آب/ أغسطس الماضي، أعلن البنك المركزي ارتفاع أرصدة الاحتياطي من النقد الأجنبي لمصر، لمستوى غير مسبوق، بـ(44.3 مليار دولار)، من مستوى (36.1 مليار دولار) في نهاية يوليو 2017، ولكن محللون وخبراء أكدوا أنها زيادة وهمية جاءت مع مواصلة الدولة لسياسة الاقتراض الخارجي.
شرعنة روشتة الصندوق
ويرى المحلل الاقتصادي، محمد النجار، أن "لاجارد، تحاول أن تعطي شرعية لروشتة الصندوق، قبل أن تكون إشادة بالاصلاحات الاقتصادية في مصر".
وعن واقع الحال الاقتصادي أكد النجار لـ"عربي21"، أن "هناك زيادة في النمو الاقتصادي نعم؛ ولكن بالمقابل فإن مستويات البطالة مثلا كما هي، بجانب أن التضخم ارتفع الشهر الماضي".
ومن المثير أنه في الوقت الذي أعلن فيه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء 10 أيلول/ سبتمبر، أن معدل التضخم السنوي لآب/ أغسطس الماضي، 13.6 بالمئة؛ أعلنه البنك المركزي المصري 8.8 بالمئة فقط.
وأضاف النجار أيضا أن "العملة المصرية تعيش تحت ضغوط عنيفة ما بين أقساط القروض المستحقة وفوائدها"، مضيفا أنه "ولولا تأجيل بعض الدول العربية لسداد ديون مستحقة على مصر، ولولا تحويلات المصريين في الخارج؛ لوقعت العملة المصرية تحت ضغوط حادة مثل تركيا والأرجنتين".
وفاة إكلينيكية
وبالتزامن مع تصريحات لاجارد، كشف الخبير الاقتصادي المصري محمود وهبة، عن أزمة تواجه الموازنة العامة لمصر التي بدأت في تموز/يوليو 2018 وتنتهي حزيران/يونيو 2019، بقوله: "البقية في حياتك؛ توفيت اليوم الميزانية إكلينيكيا بمرض الديون".
اقرأ أيضا: للمرة الرابعة.. مصر تلغي عطاءات سندات بعد طلب عوائد مرتفعة
وأضا ف عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن بند الديون يبلغ (817 مليار جنيه) من ايرادات تبلغ (989 مليار جنيه) تأسيسا على سعر فائدة 14.7 بالمئة ولكن الفائدة ارتفعت اليوم إلى 19.84 بالمئة ففتكت بالإيرادات كلها"، موضحا أن "أي إيراد جديد لابد وأن يخصص لدفع الفوائد فقط كلها"، في إشارة إلى أن زيادة عائد أذون الخزانة إلتهم (172 مليار جنيه) كانت متوفرة بالموازنة العامة بعد سداد الديون.
وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري استمرار ارتفاع العائد على أذون الخزانة لأجل ثلاثة وتسعة أشهر في عطاء أمس الأحد.، وزاد العائد على أذون الخزانة لأجل 91 يوما إلى 19.62 بالمئة من 19.43 بالمئة في العطاء السابق وارتفع العائد على أذون 266 يوما إلى 19.84 بالمئة من 19.75 بالمئة في العطاء السابق.