هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تثير قرارات واشنطن بفرض عقوبات على فصائل مسلحة عراقية، وآخرها ضد زعيم مليشيات "كتائب الإمام علي" العراقية، شبل الزيدي، تساؤلات حول كيفية تعاطي حكومة العراق معها، وما إذا كانت هذه القرارات ملزمة لها.
وأعلنت واشنطن، الثلاثاء الماضي، اتخاذها إجراءات لاستهداف أربعة عناصر مرتبطين بحزب الله يقودون أنشطة عملياتية ومالية واستخبارية في العراق، وهم كل من شبل محسن عبيد الزيدي ويوسف هاشم وعدنان حسين كوثراني ومحمد عبد الهادي فرحات.
واتهمتهم وزارة المالية الأمريكية بتهريب النفط من أجل إيران وجمع المبالغ المالية لأجل حزب الله وإرسال المقاتلين العراقيين لصالح فيلق القدس إلى سوريا.
اقرأ أيضا: "الحشد" يرد على واشنطن لوضع أحد قادته بلائحة الإرهاب
وفي اتصال مع "عربي21" قال الباحث في شؤون التطرف والإرهاب هشام الهاشمي، إنه "يجب إدراك ضرورة حاجة العراق لاستثنائه من أن يكون أداة بيد محور على حساب المحور الآخر، والعمل بحرص على منع تصدير أو تمرير جعل العراق ورقة للضغط على الآخر".
وأردف: "هذا إذا حدث لن يفضي أبدا إلى مكسب لأي طرف إقليمي مهما كانت حساباته صحيحة على المدى القصير، ولكنه سيفضي فقط إلى خسارة كبيرة سيعاني الجميع آثارها على المدى المتوسط والطويل".
وأوضح الهاشمي أن "العراق لا يزال أضعف من أن يفرض على التحالف الدولي والولايات المتحدة شروطه، ولكن بإمكان العراق أن يحسن وسائله للتحاور الدبلوماسي مع التحالف الدولي وطبيعة الوجود العسكري الأمريكي في العراق".
وشد على ضرورة "العمل على توسيع المشاركة الدولية للعراق وخاصة في الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية والتسليح والتدريب والتنمية الصناعية وتعدد مصادر الدخل القومي، بعد خفض المخاطر الأمنية، ومن ثم توسيع الدور الدولي في العراق في موازاة تأهيل وتطوير مؤسسات الدولة العراقية نفسها، بما يؤدي إلى استقلال العراق وتحسين صورته وأدائه في المجتمع الدولي في آن واحد".
وأشار الهاشمي إلى أنه يبقى أن الدور الأهم والأخطر ستلعبه حكومة عبد المهدي، بوصفها مالكة القرار التنفيذي الأكبر على الفعل وأحد أكثر الأطراف تضررا في حال تحققت "الانتكاسات الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية السوداء في العراق".
وتابع قائلا إن هذا الدور يتطلب اعتبارا للتجارب الدولية السابقة التي بنيت فيها السياسات على دعم أو استخدام "المجتمع المدني" بمرتكزات وطنية يعتقد بـ "قدسيتها" و"حتمية انتصارها"..
"كما أنه يتطلب التصرف في ثروات العراق ليس بوصفها غنيمة حزبية أو هوياتية، ولكن بوصفها ثروات شعب منكوب يحتاج إلى إسعاف وإغاثة لهفان، وتوقع المخاطر يبدو أوضح من أن يتم تجاهلها حكوميا وتشريعيا، كما أنها تبدو أثقل من أن يتم احتمالها شعبيا"، بحسب الهاشمي.
قرارات غير ملزمة
من جهته، قال مستشار مركز أبعاد للأبحاث وسام الكبيسي لـ"عربي21": "من حيث الإلزام القانوني، بما أنها ليست عقوبات دولية وإنما أمريكية، فهي ليست ملزمة على مستوى القانون الدولي، لكن بما أن العراق ليس بالقوة التي تستطيع الرفض، فهو ملزم اضطراريا".
وأضاف: "أظن أن الحكومة العراقية ستلتزم بالظاهر ولكنه قد يكون من الصعب أن تلتزم حرفيا بالقرار، لأنها تريد تجنب هذه الفصائل التي لها سطوة واضحة في الشارع العراقي، وربما تسبب لها مشاكل في المرحلة المقبلة".
وأوضح الكبيسي أن "الحكومة ما زالت على أرشيفية سائلة وهشة وتحتاج إلى إجماع سياسي، وأن الفصائل والحشد الشعبي ممثلة بكتلة الفتح لهم مقاعد في البرلمان العراقي ليست قليلة وهم حصلوا على المرتبة الثانية بعد كتلة سائرون".
ولفت إلى أن "الحكومة بحاجة للاستقرار في المرحلة الحالية، وكذلك لا يخفى علينا أن هناك قوة حقيقية تتحرك على أرض الواقع، وفي بعض الأحيان ربما يفوق دورها بعض القطعات العسكرية الحكومية الرسمية".
اقرأ أيضا: عبد المهدي يعلن إجهاض محاولات لعبور تنظيم الدولة من سوريا
ورأى الكبيسي أن "قرارات واشنطن هي نوع من الضغط وتدخل في سباق لي الأذرع بين أمريكا والعراق، وبالتالي فإلى أين تريد أن تصل أمريكا بهذا القرار، هل هي تريد أن تطبقه حرفيا بكل الأحوال أم إنها تريد استخدامه ورقة للضغط على إيران وتحقيق مصالح معينة تكتفي بها، ثم تجمد القرار أو تقلل من تأثيراته على أرض الواقع، هذا ما ستكشفه الأيام".
وبين أن الحكومة العراقية بالتأكيد ستقرأ الوجهة الأمريكية والمدى الذي تريد أن تنقذ من خلاله العراق والأهداف التي تريد أن تحققها أمريكا من هذا القرار.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، أعلنت وسائل إعلام أمريكية عن تصويت الكونغرس بالإجماع على تشريع يلزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على مسؤولين تتحكم بهم مليشيات "عصائب أهل الحق" و"النجباء" العراقيتين.
وجاء هذا القرار بالتزامن مع صعود مليشيات "العصائب" بزعامة قيس الخزعلي المنضوية تحت قائمة الفتح التي كسبت المرتبة الثانية بعد قائمة "سائرون" في الانتخابات البرلمانية التي جرت في أيار/ مايو الماضي.