هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في ضوء التداعيات السياسية التي تواجه السلطة الفلسطينية داخليا وخارجيا منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة لإسرائيل"، وقطع كافة المساعدات المالية، ينهي الفلسطينيون هذا العام في ظل معطيات تشير إلى تراجع الدور الأوروبي الداعم للسلطة سياسيا وماليا.
وأظهرت بيانات حديثة لوزارة المالية الفلسطينية تراجعا بنسبة 24 بالمئة من المساعدات الأوروبية للموازنة العامة للسلطة الفلسطينية بواقع 612 مليون شيكل (سعر صرف الدولار مقابل الشيكل 3.7)، مقارنة بـ 814 مليون شيكل للعام الماضي 2017.
ويحلّ الاتحاد الأوروبي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة كأكثر الدول تقديما للمساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، بمتوسط يقدر بـ 300 مليون دولار سنويا، ولكن هذا العام انخفضت قيمة هذه المساعدات إلى النصف.
التأثر بالسياسة الأمريكية
وفي ضوء ذلك، اعتبرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي، أن "حضور القضية الفلسطينية على أروقة السياسية الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي تأثر بشكل كبير منذ وصول ترامب لسدة الحكم قبل عامين، وتمثّل هذا التراجع في خسارة الفلسطينيين في كثير من المحطات للموقف الأوروبي المساند لها في المنظمات والمحافل الدولية".
وأضافت عشراوي في حديث لـ"عربي21": "كما تأثر الاتحاد الأوروبي بالرواية الإسرائيلية التي تتحدث عن تمويل السلطة لنشاطات إرهابية من خلال دفع رواتب الأسرى ومنفذي العمليات، وهذا ما ترجم على الأرض بانخفاض قيمة المساعدات الممنوحة للموازنة بصورة تدريجية خلال العامين الأخيرين".
ولكن في المقابل نوهت عشراوي إلى أن "الشراكة الأوروبية الفلسطينية ما زالت في مستوى جيد من العلاقات السياسية والدبلوماسية والثقافية بين الطرفين؛ ولكن أزمة الشرق الأوسط وثورات الربيع العربي، وتباين مصالح بعض الدول في المنطقة، قوضت الدور الأوروبي من مساندة للفلسطينيين إلى الاكتفاء بدور الحياد، أو الميل للموقف الأمريكي بخصوص بعض الملفات".
الضغوط الداخلية
من جانبه أعتبر أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأمريكية، نصر عبد الكريم، أن "الأوروبيين بات لديهم قناعة بأن الاستمرار في دعم السلطة الفلسطينية ماليا هو أمر بلا جدوى، وهذه القناعة تشكلت نتيجة الضغوط التي تتعرض لها الحكومات الأوروبية من دافعي الضرائب والمواطنين عن جدوى تقديم هذه المساعدات في ظل توقف مفاوضات التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ خمس سنوات".
وأضاف عبد الكريم لـ"عربي21": "يؤمن الاتحاد الأوروبي بأن إنشاء السلطة هي أحد أهم نتائج مؤتمر مدريد للسلام، لذلك فإن التوجهات الأوروبية وفقا لسلوكها السياسي وتصريحات مسؤوليها يتمثل في دعم هذا الإنجاز من خلال تسيير جزء من المساعدات الممنوحة للموازنة إلى دعم مشاريع اقتصادية لتوفير فرص العمل، ودعم القطاع الخاص والمنظمات الأهلية بما يمهد الطريق أمام إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة تستطيع ممارسة مهامها دون الاعتماد على المساعدات الخارجية".
ونوه الخبير الاقتصادي إلى أن "السلطة الفلسطينية رغم توقف المساعدات الأمريكية وتراجع قيمة المساعدات الأوروبية لم تتأثر بشكل كبير بهذا التراجع في قيمة المساعدات وفق بيانات الموازنة بسبب اعتمادها على الإيرادات الداخلية من الضرائب والجمارك كمصدر أساسي لإيرادات الخزينة العامة بنسبة 84 بالمئة مقارنة بـ65 بالمئة قبل ثلاث سنوات، بالتزامن مع تقليل قيمة النفقات الحكومية التي كانت موجهة لقطاع غزة منذ آذار/ مارس 2017".
في المقابل، اعتبر أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش، أن "دول الاتحاد الأوروبي لا تقدم دعما سياسيا أو ماليا مجانيا للسلطة الفلسطينية، فهنالك اشتراطات تبنتها دول الاتحاد منذ مؤتمر مدريد للسلام، وهي تحقيق استقرار سياسي وأمني في الأراضي الفلسطينية، كشرط لاستمرار هذا الدعم، ولكن في هذا العام تدهورت الأوضاع الداخلية بين حركتي حماس وفتح، وتعمقت حدة الخلافات بين السلطة والطرف الإسرائيلي".
وأضاف الأقطش لـ"عربي21" أن "هناك ضعفا في تقديم الرواية الفلسطينية أمام الرأي العام الأوروبي، وهذا ما يستغله اللوبي الصهيوني في الدول الأوروبية لإقناع حكومات هذه الدول بعدم الجدوى من استمرار الانحياز للفلسطينيين".