هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا يزال الموقف الروسي من أزمة الوقود، التي
يمر بها النظام السوري، هو موقف المتفرج، رغم الحديث عن بحث حلول، في ظل تحديد
كميات تعبئة المحروقات للسيارات، بالعاصمة دمشق، وما خلفه القرار من طوابير طويلة
من السيارات، ولجوء البعض لاستخدام الخيول للوصول إلى أشغالهم.
ولم يخرج النظام السوري من أزمة أسطوانات الغاز وانقطاعها، التي ولدت حالة سخط كبيرة بين مؤيديه، حتى دخل في أزمة المحروقات،
التي أصدر فيها عدة قرارات، بتحديد كميات التعبئة.
وعود روسية
وأصدرت وزارة النفط والثروة المعدنية، التابعة للنظام تعميماً، ينص على
تخفيض الكمية اليومية المسموح بھا للسيارات الخاصة، من 40 لترا إلى 20 يومياً. ثم
عادت وخفضت في تعميم آخر الكمية إلى 20 ليتراً، كل يومين، على أن لا تتغير الكمية المسموح باستھلاكھا شھرياً عن 200 ليتر، وھي الكمية المدعومة من النظام.
وأثار موقف موسكو علامات استفهام، حول السماح
بوقوع هذه الأزمة في ظل نفوذها الواسع في سوريا، وتحكمها بمناطق الساحل وطرق
الإمداد، وما إذا كان لذلك ارتباط بصراعها مع النفوذ الإيراني بسوريا.
واكتفت موسكو بتقديم ما أسمته مقترحات، تتعلق
بحل أزمة أزمة الوقود، خلال زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف إلى
دمشق قبل يومين، ولقائه برئيس النظام بشار الأسد.
ونقلت وكالة روسيا اليوم عن المسؤول الروسي،
قوله للصحفيين: "منابع النفط الرئيسية في سوريا، الآن بعيدة عن متناول
الحكومة السورية، وبالطبع جرى نقاش هذه المسألة ".
وأضاف أن "هناك مقترحات محددة نوقشت أيضا،
وعلى الجانب السوري التوصل إلى قرار".
إقرأ أيضا: من يملك نفط سوريا؟ نظام الأسد يعاني وقسد تفاوضه.. تفاصيل
المحلل السياسي والمختص بالشأن الروسي، رائد
جبر، قال إن النظام السوري "لم يتقدم بطلب رسمي من الروس، لحل الأزمة والأمر
برمته سياسي، وأكبر من مسألة نقص إمدادات مؤقت، نتيجة خسارة النظام، حقول النفط
لصالح قوات "قسد".
وأوضح جبر لـ"عربي21" أن موسكو، تشعر
بالامتعاض من سلسلة ممارسات للنظام السوري، تعتبرها "ارتماء في الحضن الإيراني،
بدءا من الزيارة التي قام بها بشار الأسد إلى طهران، دون تنسيق كامل معها، مرورا
بالتنافس الكبير على عقود المشاريع الاستراتيجية، في سوريا والنقاشات بشأن مينائي
اللاذقية وطرطوس".
ورأى أن موسكو "ليست على عجلة من أمرها
لإنقاذ النظام السوري، لكنها في المقابل لا ترغب بقلب قواعد اللعبة، هناك والدخول
في صراح واضح مع إيران، وإنهاء النظام برمته بل إنها طلبت من دول عربية، خلال لقاء
بموسكو إعادة العلاقات مع الأسد".
وشدد جبر على أن ما يجري "صراع نفوذ، ونحن
أمام مشهد متطور تراقبه موسكو بدقة، لمعرفة إلى أي درجة تتجاوب طهران فيه والنظام
كذلك، مع الرغبات الروسية، في ظل اقتراب عقد مباحثات بأستانة، وفتح العديد من
الملفات".
ولفت إلى أن أحد المسؤولين الروس الكبار، خلال
زيارته إلى دمشق، قبل أيام، ركز في مباحثاته على ميناء طرطوس، وبحث مسألة العقود
التي يمكن إبرامها لاستغلال الميناء، لكن من غير المعروف إلى أي مستوى، تم تقديم
وعود من جانب موسكو، لتحسين الوضع الاقتصادي الراهن، وما هي أوراق الضغط التي
استخدمت ضد دمشق.
النقل من لبنان
من جانبه قال المحلل الاقتصادي، الدكتور سراج
الدين فضل إن روسيا بمقدورها حل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها النظام في سوريا،
عبر تفعيل خطوط الإمداد القادمة من لبنان، والتي تعد أقل كلفة ماديا من طرق أخرى.
ورأى فضل في حديث لـ"عربي21" أن
المانع أمام حل المشكلة "إداري"، بعيدا عن ممارسة ضغوط على دمشق، نتيجة
حالة التنافس مع إيران على الفوز بمشاريع اقتصادية.
وأضاف: "شاحنات نقل النفط تعمل بين
البلدين، ولبنان لم يمانع في تزويد دمشق بالوقود، طالما أنه يحصل على حصته من أجور
النقل والتي تعد منخفضة اقتصاديا، مع تكاليف نقلها من مواقع أخرى".
ونفى أن يكون الموقف الروسي "سلبيا من
الأزمة التي يمر بها النظام"، لكن العديد من الظروف والمعيقات بشأن حقول
النفط التي خسرتها دمشق شرق البلاد وتتحكم بها الولايات المتحدة، هي ما يتسبب
بتفاقم الأزمة.