هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد اقتصاديون ونقاد فنيون، أن قرار السلطات المصرية بحجب ثمانية مواقع إلكترونية متخصصة في عرض مسلسلات رمضان 2019، يأتي في إطار حملة تجييش الدولة لخدمة شركات الإنتاج الفني التابعة لأجهزة المخابرات المصرية التي أصبحت المسيطرة الأول على الأعمال الدرامية المصرية.
ويشير المختصون الذين تحدثوا لـ"عربي21" إلى أن شركة "إعلام المصريين" المملوكة للمخابرات المصرية، لم تكتف بتوجيه الضربات الاقتصادية للتليفزيون المصري الذي كان يعد شهر رمضان موسمه الاقتصادي الأساسي، وإنما استخدمت نفوذها وصلتها بالمخابرات في محاربة المنافسين لها سواء في مجال الإنتاج أو البث.
وكانت الصفحة الرسمية لموقع "إيجي بيست" لمشاهدة الأفلام والمسلسلات مجانا، أعلنت أنه تم حجب مواقع: "عرب ليونز، أكوام، موفيز لاند، عرب سيد، مزيكا توداي، شاهد فور يو، شاهد فور أب، سيما فور أب"، وجميعها مواقع معروفة تقوم بتوفير المسلسلات والأفلام العربية والأجنبية للجمهور المصري مجانا.
ويتزامن ذلك مع قرار سابق لشركة إعلام المصريين التي احتكرت 15 عملا دراميا من مسلسلات رمضان، بمنع عرض هذه المسلسلات عبر اليوتيوب أو من خلال موقعها الإلكتروني، أو مواقع القنوات التابعة لها، أو من خلال منصاتها الموجودة بمواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقت الشركة تطبيقا خاصا بها، لمن يريد مشاهدة المسلسلات التي قامت بإنتاجها بمقابل اشتراك مالي.
اقرأ أيضا: أسر مصرية فرقها الاعتقال برمضان .. هذه أبرزها
من جانبه، أصدر المجلس الأعلى للإعلام بيانا بالمخالفات التي شهدتها الأعمال الدرامية، في الأسبوع الأول من رمضان، ويتم عرضها على شاشات القنوات المختلفة، وجاءت الإيحاءات الجنسية والألفاظ المتدنية ولغة الحوار السوقية، في مقدمة المخالفات التي تحدث عنها البيان.
ولم يوضح المجلس في بيانه الإجراءات التي اتخاذها ضد هذه المخالفات، ولكنه اكتفى بتحذير المنتجين من الاستمرار فيها، وطالبهم بضرورة معالجتها للحيلولة دون توقيع العقوبات التي تتراوح بين الغرامة حتى وقف بث العمل.
استنزاف
وفي تعليقه على هذه الإجراءات، أكد الناقد الفني سامح المهدي لـ"عربي21" أن قرار حجب المواقع التي تقدم خدمة المسلسلات المجانية، لا يترجم فقط هدف النظام المصري بالسيطرة على الأعمال الدرامية، وإنما هدفه كذلك أن يكون هو المستفيد الأول والأخير من هذه الأعمال على المستوى المادي، وهو ما يحول الدراما في النهاية من صناعة لخدمة المشاهد، إلى "صناعة لاستنزاف وابتزاز المشاهد".
وأضاف المهدي: "على المستوى الفني لمعظم الأعمال التي عرضها حتى الآن، فإن المستوى العام في انخفاض وتراجع، سواء في ما يتعلق بالكتابة أو المحتوى، أو على مستوى الإخراج، بالإضافة إلى أن غياب النجوم الكبار مثل يحيى الفخراني وعادل إمام، أثر بالسلب على المنافسة التي اعتاد عليها المشاهد كل عام".
وعن تأثير الضوابط التي وضعها المجلس الأعلى للإعلام، للأعمال الرمضانية، أوضح الناقد الفني أن المجلس وضع ضوابط سياسية وليست أخلاقية، كما أنه حدد الأطر العامة للمسلسلات بعد البدء في تنفيذها، ما عرضها للقص والتغيير في اللحظات الأخيرة، لتخرج في النهاية منزوعة الدسم.
وأشار المهدي إلى أن تدخل الأجهزة السيادية في الإنتاج الدرامي، لضمان السيطرة على أحد أهم قوى التغيير الناعم في المجتمع المصري، أضر بهذه الصناعة بشكل لافت، حيث أصبح الاعتماد على نجومية الممثل بصرف النظر عن المحتوى الذي يتم تقديمه للجمهور، وهل يرتبط بالواقع المصري أم لا.
تعويض الخسائر
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير، أن السبب الأساس في حجب مواقع المسلسلات المجانية اقتصادي، لخدمة شركة الإنتاج التابعة للمخابرات، خاصة وأن نسبة مشاهدة المسلسلات من خلال الإنترنت، تفوق بكثير مشاهدتها من خلال شاشات التليفزيون، نتيجة تزاحم الأعمال، وكثرة الإعلانات أثناء عرض المسلسل، وهو ما كان يدفع الجمهور لهذه المواقع للمشاهدة الكاملة والمختصرة في الوقت ذاته.
وأضاف أبو الخير لـ "عربي21" أن شركة "إعلام المصريين" تسيطر على 15 مسلسلا، من بين 24 مسلسلا، يتم عرضها خلال شهر رمضان، وقد أنفقت ما لا يقل عن مليار جنيه على هذه الأعمال، سواء في أجور الممثلين أو عملية الإنتاج برمتها، وفي المقابل تراجعت نسبة الإعلانات بشكل كبير بالمقارنة بالعام الماضي، نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها مصر، ما جعل الشركة في النهاية تعمل على تعويض نفقاتها بشتى الطرق.
اقرأ أيضا: برنامج بـ"MBC" يُسقط قطر من دول الخليج.. وردود (شاهد)
وعن استغلال "إعلام المصريين" إمكانيات الدولة لصالحها، أكد الخبير الاقتصادي، أن سيطرة نظام الانقلاب العسكري لم تقف عند حدود السياسة، وإنما امتدت للاقتصاد والرياضة والدراما، وأصبحت المؤسسات السيادية التابعة للمخابرات، أو القوات المسلحة، رقما أساسيا في أي نشاط تجاري بمصر، وبالتالي، فإن تسخير كل أجهزة الدولة لخدمة هذه السيطرة أمر طبيعي في دولة لا يحكمها القانون.
وأشار أبو الخير إلى أن "الدولة تخلت عن نفسها عندما سحبت البساط من تحت أقدام التليفزيون المصري لصالح شركات المخابرات المسيطرة على الإعلام بحجة التطوير، بينما الحقيقة أنها كانت لاستكمال السيطرة الاقتصادية والسياسية والثقافية على كل المجالات والأنشطة في مصر".