هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" في لندن مقالا لمحررة " ديلي نيوز إيجيبت" في الفترة ما بين 2006- 2012، رانيا المالكي، تحت عنوان "وفاة مرسي: المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية"، تقول فيه إن وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي الدرامية ربما كانت خاتمة لثورة 25 يناير 2011، إلا أنها قد تكون بداية للحديث عن مستقبل مصر.
وتقول المالكي في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إن "وفاة مرسي، الرئيس الأول المنتخب ديمقراطيا، لم تكن مفاجئة، لكن الغرابة أو المفارقة أنها جاءت قبل أسابيع من الذكرى السادسة على الإطاحة به بانقلاب عسكري بعد عام من الحكم".
وتشير الكاتبة إلى أنه "حتى عام 2010 كان مرسي أستاذا للهندسة في جامعة الزقازيق. وفي عام 1982 حصل على الدكتوراة في الهندسة من جامعة ساوثرن كاليفورنيا، وعين أستاذا مشاركا في جامعة ولاية كاليفورنيا في نورثبريدج، وهو منصب ظل فيه حتى عام 1985 حيث عاد إلى مصر، وانتخب عضوا في البرلمان في الفترة ما بين 2000- 2005، ومثل بقية عناصر الإخوان المسلمين ترشح مستقلا نظرا لحظر الجماعة من العمل السياسي في ظل حكم حسني مبارك، الذي استمر 30 عاما، الذي أطاحت به ثورة شعبية في عام 2011".
وتفيد المالكي بأنه "مرسي كان قبل انتخابه شخصية غير معروفة في حزب العدالة والتنمية، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، التي فازت في أول انتخابات رئاسية نزيهة وانتخابات برلمانية في الفترة ما بين 2011- 2012، وكان صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة محلا للاستهداف من قيادة الجيش، التي سددت سلاحها بدقة الليزر على مرسي، الذي لم يرمز لانتمائه الإسلامي، بل وقف ممثلا لمطالب تعزيز الحكم المدني".
وتلفت الكاتبة إلى أن "المؤسسة القضائية والأمنية قامت بتعبئة الإعلام للإطاحة بمرسي في بداية تموز/ يوليو 2013، وقاد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الانقلاب، مع أن مرسي هو الذي اختاره ليكون وزيرا للدفاع".
وتورد المالكي نقلا عن تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" نشر عام 2017، قوله إن مرسي اعتقل بعد الانقلاب، ووضع في مكان مجهول، دون توجيه اتهامات له، أو إجراءات قانونية لمدة 23 يوما قبل أن تعلن السلطات الجديدة اتهامات ضده، مشيرة إلى أنه واجه سلسلة من الاتهامات المزيفة، بما فيها التجسس لصالح قطر وحركة حماس، ولاقتحامه السجون في الفوضى التي تبعت انتفاضة عام 2011، التي اندلعت بعد يومين من اعتقاله بشكل غير قانوني.
وتذكر الكاتبة أن مرسي ظهر أمام المحكمة بعد أربعة أشهر، حيث كان محتجزا في قفص مضاد للصوت، ولم يسمح له بالاتصال مع محاميه، في انتهاك واضح لحقوقه القانونية، لافتة إلى أن مرسي ظل طوال السنوات الثلاث الأولى محتجزا في زنزانة انفرادية، تم عزله فيها بشكل تام عن العالم الخارجي، ولم يسمح لعائلته بزيارته إلا مرتين في أول أربع سنوات من احتجازه، الأولى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، والثانية في حزيران/ يونيو 2017، فالتقى مع زوجته وابنته لمدة نصف ساعة، فيما منع أولاده الأربعة وأقاربه من زيارته.
وترى المالكي أن "معاملته تعد صورة عن الطريقة التي يعامل فيها النظام المصري ما يقدر عددهم بـ60 ألف سجين في السجون المتزايدة في مصر".
وتنوه الكاتبة إلى أن صحة مرسي، الذي كان يعاني من مرض السكري والكبد، تدهورت، فيما اعتقد أنها استراتيجية مقصودة لقتله عبر الإهمال الطبي، مشيرة إلى أن فريق المحامين الذين يدافعون عنه تقدموا في حزيران/ يونيو 2017 بشكوى للنائب العام، وطلبوا نقله إلى عيادة طبية خاصة لفحصه، بعدما اشتكى في ظهور له في المحكمة في آب/ أغسطس 2015.
وتقول المالكي إنه "في الوقت الذي كان فيه مرسي شخصا مثيرا للانقسام، إلا أن احدا لا يشك في انتخابه بطريقة حرة وعادلة، وتحدي الجيش كان أمرا مثيرا للانقسام، فهناك من يمقتون الإسلاميين من الألوان كلها، لكن هناك من لم يروا أي خطأ في مرسي أو حزب العدالة والتنمية".
وتستدرك الكاتبة قائلة: "لكن ما لم أتوقعه هو حجم المنطقة الرمادية بين الطرفين، والتعاطف والحزن لما عاناه والغضب على الظلم الذي واجهه".
وترى المالكي أن "الرد المحلي والعالمي على رحيل مرسي المفاجئ سيكون إرثه الحقيقي، ففي الوقت الذي انزلقت فيه مصر إلى دولة ديكتاتورية عسكرية، فإن الأعمى هو الذي سيرى الكيفية الظالمة التي تعرض لها مرسي، مقارنة مع المعاملة التي عومل بها الديكتاتور الذي حكم 30 عاما".
وتشير الكاتبة إلى أن مبارك قضى معظم الوقت محبوسا في مستشفى عسكري، وعومل معاملة ملكية، وكان محاطا بعائلته، وتمت تبرئته لاحقا من التهم كلها، بما فيها التآمر على قتل المتظاهرين عام 2011، وأفرج عنه عام 2017.
وتقول المالكي: "لو مات مبارك اليوم فمن المحتمل تشييعه بجنازة عسكرية نظرا لخلفيته العسكرية، وبالمقارنة فإن مرسي، الذي خدم لعام مثير للجدل، واعترف حتى أعداؤه بأنه كان واحة من حرية التعبير والحريات المدنية، حكم عليه بالسجن المؤبد والإعدام بناء على اتهامات مزيفة، وأجبر على النوم على الأرض في زنزانة منفردة، وحرم من الحصول على العناية الطبية اللازمة".
وتذكر الكاتبة أن "مرسي لم يحصل على جنازة رسمية، بل دفن بحسب التقارير سريعا، دون تحقيق مناسب لأسباب الوفاة، ورفض طلب عائلته بتشييعه في قريته، ولم يسمح إلا لأولاده بحضور الدفن، ومنعت زوجته".
وتجد المالكي أن "من الصعب فهم الظلم الذي تعرض له بشكل ستكون له تداعيات عكسية، وهذا ما كتبه صديق قبطي عارض مرسي بشراسة على صفحته في (فيسبوك)، قائلا: (اعتقدت أن عصابته من الإخوان المسلمين ستحكم مصر للأبد، ولن يكون هناك رئيس آخر ينتخب بطريقة ديمقراطية، وصدقت حقيقة أنه باع سيناء لحركة حماس أو قطر، وأنه خرق الدستور، وأنه كان خائنا لبلده، وفقد الشرعية، ولم يبق في الرئاسة سوى عام واحد، واليوم اكتشفت أنني وقعت أسير جماعات منابر التواصل الاجتماعي، وضخم الغضب على الشاشات كل كلمة قالها، وتم محو الحقائق على الأرض أو شعبيته الحقيقية، واليوم أبكي رحيله، وأشعر أنني مسؤول جزئيا عن الجنون الذي قاد إلى وفاته، أنا متأسف)".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "لم يكن هذا الصديق هو الوحيد النادم، فربما كانت وفاة مرسي خاتمة للثورة المصرية، والمسمار الأخير في نعش الحلم المشوه، لكنها قد تكون بداية للحديث الجديد عن قيم الأمة ومستقبل البلد".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)