هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكلت الضربات التي شنتها مقاتلات "التحالف الدولي" بصواريخ خارقة للتحصينات، على مقر عسكري تابع لتنظيم "حراس الدين" في ريف حلب الجنوبي الغربي المتصل بإدلب قبل يومين، قلقا كبيرا في أوساط المعارضة، خاصة وأنها تأتي بعد انقطاع دام أكثر من عامين.
وجاءت الضربات بعد اجتماع أمني
ثلاثي بين الولايات المتحدة ورسيا والاحتلال الإسرائيلي، جرى عقده في مدينة القدس
المحتلة أواخر الشهر الماضي.
وقال التحالف الدولي بقيادة واشنطن
في بيان له الأحد الماضي إنه "استهدف اجتماعا لقياديين في تنظيم مرتبط
بالقاعدة شمال غربي سوريا"، مضيفا أن "العملية استهدفت عناصر من تنظيم
القاعدة في سوريا، مسؤولين عن التخطيط لهجمات خارجية تهدد مواطنين أمريكيين
وشركاءنا ومدنيين أبرياء".
اقرأ أيضا: يديعوت: استئناف التوافق بين إسرائيل وروسيا للعمل في سوريا
في المقابل، ذكر تنظيم "حراس
الدين" أن القصف يأتي في إطار ما أسماها "الحرب الصليبية على أهل
الإسلام"، مؤكدا أن "الضربات استهدفت معهدا شرعيا لتحفيظ القرآن، أدت
لمقتل عدد من العناصر"، نافيا في الوقت ذاته أن "مزاعم التحالف بالحديث
عن استهداف معسكر للتدريب"، بحسب بيان اطلعت عليه "عربي21".
بدوره، تساءل المحلل العسكري والاستراتيجي
العميد الطيار أسعد الزعبي عن أسباب غض أمريكا الطرف عن "إرهاب حزب الله
والحرس الثوري الإيراني في سوريا، مضيفا أن "الطيران الأمريكي يستهدف مواقع
لتنظيم حراس الدين شمل سوريا، ولكن ماذا عن حزب الله الذي أدخل أطنان من المتفجرات
للندن، وماذا عن الحرس الثوري الذي فجر الناقلات واعتداء على جيران وهدد
أمريكا"، بحسب تغريدة نشرها بموقع "تويتر".
منعطف جديد
مصدر عسكري معارض، أكد أن عودة
طائرات التحالف إلى سماء إدلب، تحتاج إلى تنسيق مع روسيا، معتقدا أنه "ليس
سرا أن هذا التنسيق حدث في اجتماع القدس الأخير".
وأضاف المصدر لـ"عربي21"
أن "ذلك يعطي مؤشرا أن الولايات المتحدة تحاول إقناع روسيا بوقف العمليات
العسكرية، أو جعلها على نطاق ضيق، مقابل توجيه ضربات مشتركة للتنظيمات
المتشددة"، معتبرا أن "تكرار الضربات من جانب التحالف، يؤكد إن كان هناك
اتفاق وتنسيق روسي أم لا".
الناشط السياسي مصطفى النعيمي
الموجود في الشمال السوري، رأى أن عودة مقاتلات التحالف إلى سماء إدلب، تؤشر إلى
أن معارك إدلب المحتدمة بين قوات النظام وروسيا، وفصائل المعارضة أمام منعطف جديد.
اقرأ أيضا: مقتل 8 قياديين بتنظيم مرتبط بالقاعدة شمال غرب سوريا
وقال النعيمي لـ"عربي21"
إن "دخول قوات التحالف في معركة إدلب سيكون له ارتدادات خطيرة، إن لم يكن
تدخلها محدودا وضمن استراتيجية واضحة المعالم، وخاصة بعد التصعيد الروسي سياسيا
وعسكريا لإفشال العملية السياسية، وحل معضلة تنفيذ قرارات مجلس الأمن".
وأشار النعيمي إلى الخشية من أن
يكون التحالف قد دخل في مرحلة تبادل الأدوار مع روسيا في الحرب على المناطق
المحررة، محذرا في المقابل من تبعات سلبية لاستهداف تنظيم "حراس الدين".
وذكر النعيمي أنه "قد ينجم عن قصف هذا الفصيل، ردة فعل شعبية للدفاع عنهم، والالتحاق بصفوفهم، وسيزيد من شعبيتهم ويساهم"، وفق تقديره.
مصادر إعلامية محلية، أكدت أن
الغارات استهدفت اجتماعا بين قياديين بهدف حل النزاع الداخلي في "حراس الدين"، الذي أدى
إلى حالة من الانقسام على خلفية المشاركة في المعارك إلى جانب فصائل المعارضة
السورية في ريف حلب الشمالي.
المصادر ذاتها أوضحت أن عددا من
قيادات "حراس الدين" رفضت القتال مع المعارضة في ريف حماة الشمالي،
اعتراضا على مشاركة "الفصائل" التي تتلقى دعما من تركيا.
وتنظيم "حراس الدين"، هو
فصيل أعلن انشقاقه عن "هيئة تحرير الشام" مطلع العام الماضي 2018، ويضم
كلا من جيش الملاحم وجيش الساحل وجيش البادية وسرايا الساحل وسرية كابل وجند
الشريعة وجند الأقصى.
الشهر الثالث للعملية
وفي إدلب أيضا، وبالتوازي مع عودة
طائرات التحالف الدولي إلى سماء المدينة، دخلت المعارك المحتدمة بين قوات النظام
وفصائل المعارضة في أرياف حماة الشمالية واللاذقية المتصلة بإدلب شهرها الثالث، من
دون تغيرات كبيرة في خارطة السيطرة.
ونظرا إلى دخول المعارك في مرحلة
المراوحة العسكرية، أكد قائد العمليات في "جيش العزة"، مصطفى البكور،
على فشل قوات النظام المدعومة بالقوات الروسية والإيرانية في إحراز أي تقدم جدي
على الأرض، رغم كل الدعم العسكري الجوي والمدفعي والصاروخي الذي تقدمه روسيا.
وفي قراءته لمستقبل العمليات
العسكرية، أعرب البكور في حديثه لـ"عربي21" عن توقعه أن تستمر هذه
الهجمات لأسابيع عدة، مرجعا اعتقاده إلى مساس الخسائر بهيبة روسيا كدولة عظمى.
وقال البكور: "قد تستمر هذه العمليات بأوامر روسية في إطار سعي موسكو لاستعادة هيبتها، وتحقيق إنجاز على الأرض تساوم به في أي مفاوضات قادمة".
كسر عظم
وأضاف البكور أن "المعركة
الحالية هي معركة كسر عظم، وهي معركة الخاسر فيها سيكون خاسرا دائما، والرابح سيكون
منتصرا، ولهذا ستستمر المعركة حتى انتصار
أحد الطرفين، أو ظهور مواقف دولية تجبر الجميع على إيقاف القتال".
أما رئيس أركان "الجيش
الحر" سابقا، العميد الركن أحمد بري، فرأى أن استمرار النظام ومن خلفه روسيا
وإيران بالعمليات العسكرية على الرغم من الفشل، هو بهدف التأكيد أن جيش الأسد لا
زال قادرا على متابعة المهام العسكرية الموكلة إليه.
وقال بري لـ"عربي21" إن
"النظام بات مضطرا إلى مواصلة القتال"، متسائلا: "لكن إلى متى،
ستبقى روسيا قادرة على تمويل العمليات؟"، منهيا بقوله: "روسيا أصيبت
بالملل، ولم تعد قادرة على تقديم شيء للنظام".
المتحدث الرسمي باسم "جيش
العزة" النقيب مصطفى معراتي، أكد لـ"عربي21"، أن "فصائل
المعارضة الثورية، تمكنت من انتزاع زمام المبادرة، عبر التحول من الدفاع وعمليات
الصد إلى الهجوم، بفضل الدعم الشعبي والالتفاف الأهلي حولها"، مبينا أنه
"بسبب هذا الالتفاف صبت روسيا جام غضبها على أهلنا من المدنيين في الخطوط
الخلفية بعد فشلهم في كسر إرادة المقاتلين على الأرض".
اقرأ أيضا: روسيا تمدد مهلة التسوية بالجنوب السوري مجددا.. لصالح من؟
ووفق معراتي، فإن هذه المعادلة
انعكست على بنية قوات النظام، حيث اضطر الأخير وبتوجيهات من روسيا إلى إعادة
انتشار التشكيلات العسكرية، واختبارها في محاور جديدة ضد المعارضة.
ولفت المتحدث باسم "جيش
العزة" إلى الخلافات الكبيرة بين تشكيلات النظام، عازيا ذلك إلى "تعدد
الولاءات، والقتال لأهداف مادية"، وعلق بقوله: "هدف مليشيات النظام هو
التعفيش، والسطو على ممتلكات الأهالي في المناطق التي ينجحون في التقدم إليها".
ووثّقت "الشبكة السورية لحقوق
الإنسان"، مقتل 522 مدنيا نتيجة قصف النظام السوري وروسيا على الشمال السوري
منذ 26 نيسان/ أبريل الماضي حتى 28 حزيران/ يونيو، موضحة أنه "من بين القتلى 129
طفلا و99 سيدة، إلى جانب إصابة ما لا يقل عن 1612 مدنيا بجراح متفاوتة".