هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إعلان النظام السوري القبول بوقف إطلاق
نار في إدلب، والمناطق المحيطة بها بعد أكثر من 100 من العمليات العسكرية للسيطرة
على مناطق جديدة خاضعة لاتفاقية خفض
التصعيد، وما تلا ذلك من مواقف صادرة عن الروس والإيرانيين والفصائل المقاتلة في
إدلب، تساؤلات بشأن إمكانية صمود الهدنة.
وكان النظام السوري
أعلن مساء الخميس، بالتزامن مع انعقاد جولة لمفاوضات أستانا والتي اختتمت أمس،
موافقته على هدنة في شمال غرب سوريا، شرط تطبيق الاتفاق الروسي التركي القاضي
بإنشاء منطقة منزوعة السلاح، تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل المعارضة
وهيئة تحرير الشام وتمنع وجود الأسلحة المتوسطة والثقيلة ضمن مسافة 20 كيلومترا.
وعلقت إيران على اتفاق
وقف إطلاق النار في إدلب، معتبرة أنه لا يطبق على من أسمتهم
"الإرهابيين"، مشيرة إلى "جبهة النصرة"، وهو الاسم السابق
لهيئة تحرير الشام التي يقودها أبو محمد الجولاني.
جاء ذلك وفق ما أكده
مساعد وزير خارجية إيران للشؤون السياسية، علي أصغر حجي، قائلا إنه "منصوص
عليه في اتفاق سوتشي المؤرخ في 17 أيلول/ سبتمبر 2018".
إقرأ أيضا: إيران عن اتفاق إدلب: نستثني تحرير الشام.. والأخيرة تهدد
وفي المقابل، أعلنت
فصائل المعارضة في إدلب قبولها وقف إطلاق النار، الذي بدأ فجر الجمعة بضمانة تركية
روسية إيرانية، إلا إنها في الوقت ذاته أكدت استنفارها ضد أي محاولة لخرقه من طرف
النظام وحلفائه.
وقالت في بيان وصل "عربي21" نسخة عنه:
"لأننا كما عهدنا العالم لسنا هواة قتل ودمار بل نرده عن أنفسنا، فإننا نريح
سلاحنا ونعطي الفرصة لمجاهدينا لتضميد جراحاتهم وإيواء أهليهم، والاستعداد
والتدريب لما هو مقبل مع بقاء اليد على الزناد لرد أي حماقة يفكر بها عدونا، ولتجريعه
كأس الهزيمة مرة أخرى إن هو غدر كعهدنا به".
موقف محرج
المحلل السياسي ياسر النجار قال: إن النظام
والروس من خلفه وجدوا أنفسهم في موقف محرج، بعد محاولاتهم على مدار الأشهر الماضية
تحقيق اختراق وقضم العديد من المناطق بمحيط إدلب، والتي باءت بالفشل لذلك لجأوا
إلى الإعلان عن وقف إطلاق النار.
ورأى النجار في حديث لـ"عربي21" أن
تصريحات النظام والروس، "لا تملك أدنى مصداقية بالمحافظة على وقف إطلاق النار
أو الالتزام به، والإعلان لم يكن أكثر فرصة لتجاوز الفشل في العملية العسكرية، بعد
المواجهة الشرسة التي حصلت من قبل الثوار في مناطق إدلب".
وشدد على أن الروس كانوا طوال الفترة الماضية
يستهدفون السيطرة على مناطق "أم 4 و أم5"، ضمن مناطق خفض التصعيد لافتا
إلى أن "خرق الاتفاق وعدم صموده أمر وارد".
وأضاف: "النظام لا يريد الحفاظ على وقف
إطلاق النار، وبالأحرى الروس هم من يدفعون لاستمرار المواجهة، خاصة أن الأوامر
تصدر من قاعدة حميميم وليس من دمشق، والمرحلة الماضية شهدت سياسة أرض محروقة بكل
المقاييس".
وحول مزاعم النظام بحدوث قصف لمنطقة القرداحة بعد بدء سريان وقف إطلاق النار، قال النجار: إنها محاولة من طرف النظام
لـ"صرف النظر عن المجازر التي ارتكبها في العملية الأخيرة بإدلب ومناطق حماة،
وإرسال رسالة لجمهوره بأنه مستهدف أيضا وعليه الاستنفار والوقوف بجانبه دائما
إضافة إلى إرسال رسالة للإعلام ومدنييه أنهم مستهدفون من قبل المعارضة".
إقرأ أيضا: فصائل المعارضة شمال سوريا تعلن موقفها من وقف إطلاق النار
وتابع: "ربما نسمع في الأيام المقبلة من
النظام، عن سيارات مفخخة أو قصف لمناطقه، كما جرت العادة في اتفاقيات سابقة".
ورأى أن الاتفاق "ولد ميتا" وقال:
إنه لا مصداقية للنظام والروس، وهناك الكثير من الإشارات السلبية التي صدرت من
خلال تصريحاتهم، وكل ما يشغلهم هو التخلص من إدلب عسكريا.
الهدف الروسي
من جانبه استبعد المحلل العسكري العميد أحمد
الحمادي، التزام الروس والنظام بإعلان وقف إطلاق النار الذي أعلن، بسبب السياسة
التي ينتهجونها في سوريا.
وقال الحمادي لـ"عربي21": إن الروس
"لم يلتزموا بالاتفاقيات الخاصة بوقف إطلاق النار سابقا، سواء في جنيف 1 و
جنيف 2 وهدنة حلب وغيرها من الهدن ورغم إعلانهم هدنة في إدلب، إلا أنهم يواصلون
القصف على شمال حماة واللطمين والأربعين، وغيرها من النقاط".
وأضاف: "المجتمع الدولي منح الروس مدة 3
سنوات من أجل إنهاء الوضع في سوريا عسكريا، لكن الاستعدادات الجيدة لفصائل
المعارضة والتي أفشلت الحملات العسكرية المتلاحقة، دفعت لوقف إطلاق النار
مرارا"، وتابع "الأمم المتحدة تريد فتح تحقيق قصف المشافي بعد وقوع مجازر
كبيرة والولايات المتحدة متراخية في الضغط على الروس، وبالمحصلة سيعاودون الحملة
مرة أخرى في ظل وضع عالمي مترد".
وعلى صعيد اشتراطات وقف إطلاق النار، التي
تحدث عنها النظام قال الحمادي: "هم يريدون سحب الأسلحة من نقطة 0 حتى 20 كيلومترا
وهذا يجب أن ينساق أيضا على الروس والنظام، وإلا فالحديث عن الهدوء أمر
مستبعد".
وشدد على أن الروس يريدون أمرا واحدا في
سوريا، وهو "السيطرة النارية والميدانية عسكريا على كافة المناطق والهدف
تكرار سيناريو درعا والغوطة الشرقية في إدلب عبر مسح المنطقة بالكامل وتفريغها من
السلاح وحتى السكان إن قاوموا".