هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها مايكل صافي، يقول فيه إن الانتخابات التونسية ستكون امتحانا للديمقراطية الناشئة في البلد.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تونس ستعقد انتخاباتها الرئاسية الثانية في 15 أيلول/ سبتمبر، لافتا إلى أنه يتم النظر إلى هذه الانتخابات على أنها امتحان للديمقراطية الوحيدة التي خرجت من رماد الربيع العربي عام 2011.
ويلفت صافي إلى أن وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي (92 عاما) في تموز/ يوليو، الذي كان عاملا مهما في قيادة التحول الديمقراطي، سبب في تبكير الانتخابات عن موعدها المقرر في تشرين الثاني/ نوفمبر، مشيرا إلى أن القوى العلمانية، التي توحدت ضد حزب النهضة الإسلامي القوي، تشرذمت دون السبسي، ما أدى إلى مبارزة انتخابية غير متوقعة قد تعيد تشكيل الفضاء السياسي للديمقراطية الوحيدة في شمال أفريقيا.
وتنوه الصحيفة إلى أن استطلاعات الرأي العامة تشير إلى أن الوضع الاقتصادي في تونس، التي كانت نواة لثورات الربيع العربي، يشهد تدهورا ملحوظا، ما أدى إلى خروج المظاهرات المتكررة الساخطة على الوضع، إضافة إلى تغذيته لعزلة وعزوف الناس عن السياسة.
وينقل التقرير عن هاشم الأميري، وهو مهندس وناشط شبابي في بلدة سيدي بوزيد، التي أحرق فيها محمد بوعزيزي نفسه، في كانون الأول/ ديسمبر 2010، بشكل أشعل الثورة في تونس، تعليقه قائلا: "يقول الناس إن الأمور أسوأ مما كانت عليه عام 2011، وذلك بسبب المشكلات الأمنية وثمن المعيشة التي يواجهونها، للمدارس والحياة اليومية.. لو قمنا بمقارنة أسعار الخضراوات والفواكه والملابس فهي أغلى بمعدل الضعفين أو ثلاثة أضعاف".
ويقول الكاتب إن خيبة الأمل أسهمت في تشدد الشباب في تونس، فحاول الآلاف منهم الوصول إلى تنظيم الدولة، بالإضافة إلى أن تونس تعرضت لهجمات إرهابية كان آخرَها هجومان في حزيران/ يونيو، وأعلن تنظيم الدولة المسؤولية عنهما، مستدركا بأن التحول الديمقراطي التونسي كان أكثر تصميما مما توقع الكثيرون، فالمشاركة في الانتخابات التي اتسمت بالهدوء أحيت الآمال بتسليم الرئاسة من رئيس لآخر، الأمر الذي يعد المعوق الأبرز في تطور الديمقراطيات الشابة.
وتذكر الصحيفة أن من التطورات الأخرى بث أول مناظرة تلفزيونية يوم السبت بين أهم المرشحين الرئاسيين، مشيرة إلى أن وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن لاسعد خضير، وهو مدير قناة تلفزيونية محلية، قوله: "عندما نتحدث في العالم العربي عن المنافسة فإننا عادة ما نعرف من سيفوز، وبنسبة 99%.. أما اليوم فلا نعلم من سيفوز".
ويشير التقرير إلى غياب أحد المرشحين البارزين عن المناظرة، وهو نبيل القروي، الذي يوصف بأنه برلسكوني تونس؛ نظرا لملكيته قناة تلفزيونية، لافتا إلى أنه اعتقل عشية الحملات الانتخابية بسبب التهرب الضريبي والفساد، وهي اتهامات ينفيها.
ويلفت صافي إلى أن القروي لا يزال مرشحا من بين 26 مرشحا للرئاسة، وواحد منهم هو المحامي عبد الفتاح مورو، وهو أحد أعضاء حركة النهضة، الذي يرشح نفسه لأول مرة منذ الثورة، مشيرا إلى أن هناك المرشحة عبير موسى، الداعمة لابن علي وتبني برنامجها على الحنين لعهد الرئيس السابق الذي ينمو في بعض الدوائر.
وتورد الصحيفة نقلا عن الأميري، قوله إن "الطبقة السياسية راضية عن الديمقراطية والانتخابات وحرية التعبير.. بالنسبة لبقية الناس فهم لا يهتمون بهذه الأمور لو واجهوا مصاعب في حياتهم".
ويجد التقرير أن "تونس تعد المثال الناجح عن الربيع العربي، وكادت تواجه الفوضى بعد اغتيال عدد من اليساريين على يد متطرفين إسلاميين، ما زاد حالة الاستقطاب بين القوى العلمانية والإسلامية في البلاد، إلا أن القوى المدنية ساعدت على حماية التجربة من خلال جمع الأطراف معا، ومنحتها لجنة نوبل جائزة السلام بسبب الجهود التي قامت بها".
وينقل الكاتب عن الزميلة في وقفية كارنيغي للسلام العالمي، سارة يركيس، قولها: "جزء من هذا يعود للقادة السياسيين أنفسهم"، فتوصل السبسي مع منافسه السياسي، زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، إلى بند في قانون الانتخابات، وسع المشاركة الانتخابية لتشمل الأحزاب الصغيرة، وتضيف: "الرجلان كبيران في العمر، ولديهما خبرة، وكلاهما ملتزم بالديمقراطية، ورأيا أهمية ذلك لتونس، وقررا العمل معا".
وتستدرك الصحيفة بأن الرأي منقسم حول حكمة المشاركة في السلطة، التي وإن أدت إلى استقرار السياسة في البلد، إلا أنها عطلت التقدم في مجال الإصلاحات الصعبة.
ويورد التقرير نقلا عن يركيس، قولها إن قادة تونس خافوا من الفوضى التي أصابت دول الربيع العربي، ما دفعهم للبحث عن الإجماع، "حصلت تونس على الانتباه كله لما فعلته، وستفقد تميزها لو فقدت (الديمقراطية)، بما في ذلك مليارات الدولارات في الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي". وتضيف: "لكن الاستقرار له ثمنه، وجزء منه هو الغضب والإحباط من عدم التغير، ومضت تسعة أعوام على الثورة، وبدأ صبر الناس ينفد".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إن "انتخابات الأحد المقبل، والانتخابات التشريعية المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر، ستقدمان صورة عما إذا كان قادة تونس المقبلون مستعدين للتعايش معا، وإن كانوا قادرين على حكم شعب محبط بسبب غياب التقدم في مجال العمل والحرية والكرامة الوطنية، وهي هتافات التونسيين في الشوارع قبل تسعة أعوام".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)