ملفات وتقارير

ديون مشفى بالقدس على السلطة تحرم مرضى السرطان من العلاج

تأسس مستشفى المطلع عام 1950 ويعتبر ثاني أكبر مستشفى بالقدس المحتلة- جيتي
تأسس مستشفى المطلع عام 1950 ويعتبر ثاني أكبر مستشفى بالقدس المحتلة- جيتي

عناء طويل مرت به المواطنة مريم الفرا من قطاع غزة، حتى حصلت على تصريح من قوات الاحتلال يسمح لها بمرافقة شقيقها للتوجه إلى مستشفى المطلع في القدس المحتلة، ليعالج من مرض السرطان الذي تم تشخيصه به منذ أشهر.

 

وعبرت الفرا عن الحصول على التصريح، بقولها لـ"عربي21": "كانت فرحتنا لا توصف حين تم إصدار تصريح لعلاج شقيقي في القدس ومرافقتي له، فكان بمثابة نافذة أمل فُتحت من جديد للعائلة في ظل ما يعانيه قطاع غزة من حصار مشدد يحرم المرضى من الحصول على علاج مناسب".


ولكن الفرحة لم تكتمل فصولها، حيث أعلن مستشفى المطلع عن وقف العلاج لمرضى السرطان بسبب أزمة مالية حادة يعانيها، تسببت بها ديون متراكمة على السلطة الفلسطينية، فكان القرار صاعقة على المرضى وذويهم الذين جاءوا من كل أرجاء فلسطين للحصول على العلاج.


وتعتبر الفرا أن "الحالة المادية الصعبة التي يمر بها المستشفى كفيلة بأن تحطم أحلام الكثير من المرضى، ومن بينهم شقيقها الذي لا يملك وقتا طويلا قبل انتهاء مدة تصريح العلاج الخاص به من قبل الاحتلال".

 

اقرأ أيضا: "يديعوت": هكذا سيترك عباس ساحة الضفة.. علينا الاستعداد


وتضيف: "نحن نطالب السلطة بتسديد ديونها والعمل على إنقاذ المستشفى لأنه يقدم العلاج اللازم لمرضى السرطان وتوقفه يعني الموت، فالسرطان مرض لا ينتظر ويجب أن يقدم العلاج فورا وإلا سنفقد أحبابنا".

 

وتحاول الفرا أن تخفف من التوتر النفسي لشقيقها الذي علم بتوقف جرعات العلاج الخاصة به أسوة بالمئات من مرضى السرطان الذين يعالجون في مستشفيات القدس، موضحة أن القرار كانت له تبعات نفسية على المرضى أخطر من الجسدية.

 

أزمة عميقة

 

 آخر مظاهر الأزمة التي تمر بها مستشفيات القدس ظهرت حين أعلن مستشفى المطلع قبل أيام عن توقف العلاج لمرضى السرطان والكلى، بسبب الديون المتراكمة على السلطة الفلسطينية والتي تتجاوز مبلغ 170 مليون دولار.


وكان مدير المستشفى د. وليد نمور أكد خلال مؤتمر صحفي، تزامن مع وقفة احتجاجية نُظمت على مدخل المستشفى، بأن الأزمة المالية ازدادت حدة بعد توقف الدعم الأمريكي الذي كان يتجاوز 25 مليون دولار سنويا، حيث كان من المتوقع أن يحصل المستشفى على دفعتين بمعدل 50 مليون دولار، ولم يتم تعويضه منها إلا الربع من قبل السلطة الفلسطينية.


وقال نمور: "إن المستشفى بات يستقبل عددا أكبر من مرضى السرطان بسبب قرار السلطة وقف تحويل المرضى إلى المستشفيات الإسرائيلية، وهذا يتطلب دعما أكبر من السلطة في ظل ممارسات الاحتلال التي تضيق عمل مستشفيات القدس".


ويعتبر بأن الحفاظ على مؤسسات القدس المختلفة وفي مقدمتها المستشفيات هو أهم واجب وطني في مواجهة احتلال يعمل بشكل مستمر على إضعافها وتفريغها من مضمونها.


بدوره تحدث أمين سر حركة فتح في مدينة القدس شادي مطور عن تعليمات من الرئيس الفلسطيني محمود عباس استنادا لموقف الحكومة حول آليات دعم مشافي القدس المحتلة وتحديدا مستشفى المطلع.


ويوضح في حديث لـ"عربي21" أن جهودا تبذل من أجل تطبيق إستراتيجية الحكومة الفلسطينية بالعمل على الانفكاك عن دولة الاحتلال، فقد تقرر عقد لقاء بين وزارة الصحة الفلسطينية وشبكة مستشفيات القدس بهدف تعزيز مواردها وزيادة إنتاجها والتخفيف من أعبائها، حيث تقرر دفع مبلغ 20 مليون شيكل، وبشكل فوري لمستشفى المطلع.


ويبين بأن قيمة الدفعة الشهرية المعمول بها سترفع ابتداءً من الشهر القادم لكافة المشافي العاملة في القدس بما يخدم تطورها ونهوضها والحفاظ على خدماتها.

 

اقرأ أيضا: أطفال مرضى من غزة يعالَجون بالضفة بعيدا عن أمهاتهم (شاهد)

ولكن بحسب مطور فإن الاجتماع الذي كان مقررا ما بين وزيرة الصحة الفلسطينية مي كيلة وإدارة مستشفى المطلع تعذرت بسبب منع الاحتلال دخولها إلى المدينة، لذلك تقرر عقد الاجتماع في رام الله لاحقا أو في أي مكان آخر، وأن هناك اتصالات مستمرة تتم ما بين الوزارة وإدارة المستشفى.


ويضيف:"قبل إطلاق التوصيات كنا على تشاور مع المستشفى والحكومة، ولمسنا استجابة من الطرفين بخصوص حل الأزمة، ونأمل أن تساهم بالفعل في حلها، وألا تكون هناك نوايا أخرى تعرقل الاتفاق، مؤكدا بقوله: "نحن قمنا بكل الجهد استنادا إلى تعليمات الرئيس عباس".


حملة إنقاذ

 

وفي ظل استمرار الأزمة أطلق شبان فلسطينيون حملة أسموها "إنقاذ مرضى السرطان" تعمل على جمع تبرعات وفعاليات تضامنية واعتصامات من أجل الضغط لإنهاء المشكلة التي تحرم المرضى من تلقي العلاج.


ويقول أحد منظمي الحملة خلدون نجم لـ"عربي21" بأن جمع التبرعات ما زال مستمرا وحقق الكثير من المبالغ المالية، ولكن الأمر لا يتعلق بكمية ما تم جمعه بل بإنهاء الأزمة بشكل كامل وجذري.


ويوضح بأن الحملة مستمرة حتى يعود المرضى لتلقي علاجهم في مستشفى المطلع الذي يعتبر المستشفى الفلسطيني الوحيد الذي يوفر العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان، مبيناً بأن العبء ازداد عليه بعد قرار السلطة منع تحويلات العلاج للمستشفيات الإسرائيلية، فأصبح بمثابة صيدلية للمرضى الذين لا يجدون العلاج وكذلك عليه مسؤولية علاج مرضاه المقيمين فيه.


ويتابع: "نحن نتحدث عن مبالغ باهظة تكلف المستشفى لكل مريض بحدود 27-40 ألف شيكل شهريا، وتوفير الأدوية يكلف أكثر من مليون دولار شهريا وهذا الأمر يجب توفيره، والعمل على إنهاء الأزمة بأسرع وقت لأن المرضى هم من يدفعون الثمن من حياتهم وصحتهم".   


ويؤكد نجم بأن الحملة مستمرة حتى يعود المرضى بشكل طبيعي لتلقي العلاج في المستشفى كما كان الوضع عليه قبل تفاقم الأزمة، لافتا إلى أن الأنظار تتجه نحو الاجتماع المزمع عقده ما بين إدارة المستشفى ووزيرة الصحة لمعرفة ما الذي سينتج عنه، وإلا ستكون هناك خطوات تصعيدية من قبل الحملة لإرغام الطرفين على إيجاد حل مناسب ينقذ مرضى السرطان.


وتأسس مستشفى المطلع عام 1950 ويعتبر ثاني أكبر مستشفى بالقدس المحتلة، ويقع في جبل الزيتون، حيث تأسس بهدف تقديم الخدمات الطبية للاجئين الفلسطينيين آنذاك، وبسبب نجاحه الطبي في تقديم علاج لمرض السرطان تحديدا تعدى ذلك ليقدم علاجه للمرضى الفلسطينيين من كل مكان بمن فيهم مرضى قطاع غزة.

 

اقرأ أيضا: السلطة الفلسطينية تحصر العلاج في إسرائيل بـ"كبار الشخصيات"

 

 

 

 

 



التعليقات (0)

خبر عاجل