أثار
هجوم أوروبي على عمليات الجنرال الليبي خليفة
حفتر، واعتبارها سببا في الأزمة الحاصلة
في
ليبيا الآن، بعض التساؤلات عن دلالة وتداعيات هذه الخطوة، وما إذا كانت تمثل تغيرا
حقيقيا في الموقف الأوروبي تجاه الملف الليبي، أم أنها مجرد مغازلة لقوات حكومة
الوفاق
المتقدمة عسكريا الآن.
وهاجم
رئيس البعثة الأوروبية لدول المغرب العربي، أندريا كوزولينو، تصرفات حفتر، وحمّله مسؤولية
ما يحدث في ليبيا الآن؛ بسبب هجومه على العاصمة طرابلس.
وطالب
المسؤول الأوروبي كلا من "السعودية والإمارات ومصر" بتقديم النصح إلى حفتر
لانتهاج الحوار لإنهاء الأزمة، لا أن تقدم له السلاح، "فوقت الحرب انتهى، وعلى
جميع الأطراف في ليبيا اللجوء إلى الحوار لتحقيق السلام"، وفق تصريحات لقناة
"الجزيرة".
"دور إيجابي
لتركيا"
في سياق
متصل، أكد كوزولينو أن "الاتحاد الأوروبي ينظر بإيجابية لما فعلته تركيا مع حكومة
الوفاق الليبية"، مضيفا: "حضور أنقرة في ليبيا أمر مهم، ونأمل أن يدفع عملية
السلام هناك"، وفق قوله.
تأتي
هذه التصريحات في وقت تتقدم فيه قوات حكومة "الوفاق" عسكريا، وتطرد قوات
"حفتر" من عدة مناطق، وهو ما يطرح تساؤلات حول: دلالة وتداعيات هذا
"التوبيخ" الأوروبي للجنرال الليبي، في حين تقديم الشكر للدور التركي؟
"وماذا عن فرنسا"
من جهته،
قال وزير التخطيط الليبي السابق عيسى التويجر: "لا أدري إلى أي حد يمثل هذا التصريح
باقي الدول الأوروبية مثل فرنسا، التي ما زالت تدعم حفتر بكل الوسائل، وقد ارتكبت
أوروبا
خطأ جسيما بموقفها مع الأخير، في تناقض صريح مع قيمها الديمقراطية والإنسانية، لكن موقف
البعثة الأوروبية ربما يكون استباقا لبوادر هزيمة هذا المعتدي ومرتزقته على طرابلس".
وفي
تصريحات لـ"عربي21" أضاف: "أما بخصوص تركيا، فهي بما تحققه من توازن
عسكري بأسلحتها الفعالة والمتطورة، وبما لديها من قدرات اقتصادية، جديرة بأن تقدم الحل
في ليبيا بردع التهور الأوروبي، وتحقيق الاستقرار في الغرب، والمساعدة في بناء الدولة
الليبية الديمقراطية"، حسب تقديراته.
"تغير أوروبي
واضح"
في حين، أكد الضابط الليبي العقيد الطيار، سعيد الفارسي، أن "هذا الهجوم هو بالفعل تغير
جوهري في الموقف الأوروبي تجاه ليبيا، وذلك بسبب فشل قوات حفتر في السيطرة على العاصمة
حتى الآن، وكذلك ما تم توثيقه من جرائم لهذه القوات ضد المدنيين، التي يصل بعضها إلى
جرائم حرب".
وأشار
في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "التدخل التركي في ليبيا يتماشى مع الشرعية
الدولية كونه ضد عسكرة الدول، وتم الأمر باتفاقية قانونية مشتركة مع حكومة معترف بها دوليا، وأتوقع أيضا أن تتغير باقي المواقف الدولية؛ بسبب التقدم العسكري الذي حققته
قوات "الوفاق" مؤخرا بدعم تركي معلن، وقريبا سنرى فشل مشروع حفتر، بل وسنرى
الأخير مصنفا كمجرم حرب مطلوب دوليا".
"محاولة إنقاذ
حفتر"
لكن
أمين عام حزب الجبهة الوطنية الليبي، فيروز النعاس، رأت أن هذا الهجوم الأوروبي "جاء
متأخرا جدا، ولا معنى له الآن، بل هو محاولة لذر الرماد في العيون؛ من أجل إنقاذ حفتر قبل
إعلان هزيمته رسميا على أيدي قوات "بركان الغضب"".
وأضافت:
"كل ما ورد في تصريحات المسؤول الأوروبي، سواء بخصوص حفتر، وتوبيخ مصر والإمارات
والسعودية على تزويدهم له بالسلاح، أو مغازلة تركيا، هو فقط لمحاولة تمرير وقف الحرب، وحفظ ماء الوجه لحفتر وداعميه، وتسويق أنهم يريدون الخير والسلام لليبيا، وهذا لن نصدقه"،
وفق تصريحاتها لـ"عربي21".
"فشل جديد"
بدوره، أشار عضو حزب "العدالة والبناء" الليبي، أكرم الفزاني، إلى أن "الاتحاد
الأوربي فشل في الملف الليبي، وكل محاولاته في "باريس وباليرمو وبرلين" لم
تحقق أي نتائج حقيقية، وحتى الهدنة التي توصلوا لها اخترقها حفتر أمام أعينهم، بل إن
فرنسا لا تزال تدعم الأخير بالاشتراك مع حلفائها في الإمارات ومصر، بل حتى إيطاليا
الحليف لحكومة الوفاق لم تقدم أي شيء لصد العدوان على طرابلس".
وتابع
في تصريح لـ"عربي21" بأن "الأتراك فرضوا معادلة جديدة في ليبيا بتواجدهم
عبر اتفاقية قانونية، وقوات الوفاق ما زالت تحرز تقدما عسكريا بهذا الدعم التركي. أما
الأوربيون الآن، فهم منشغلون بأزمة "كورونا"، وكل تصريحاتهم بخصوص ليبيا لا
تأثير لها على الأرض، كون كل محاولات حفتر بائسة ومكلفة وتطيل الأزمة".
اقرأ أيضا: الوفاق الليبية تكبّد قوات حفتر خسائر فادحة وتتقدم بترهونة