هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قلق
كبير في الشارع السياسي المصري، أثاره مشروع عملاق يتبناه النظام العسكري الحاكم
لنقل مياه نهر النيل عبر أربعة أنفاق أسفل قناة السويس إلى شبه جزيرة سيناء (شمال
شرق البلاد).
المشروع
الذي تقوم على تنفيذه القوات المسلحة، ويأخذ حيزا كبيرا من اهتمام رئيس الانقلاب
عبدالفتاح السيسي؛ يثير مخاوف المصريين من أن يكون الهدف الرئيسي منه نقل
المياه إلى إسرائيل، لا تنمية سيناء مثلما هو مُعلن.
وعلى
الرغم من صمت عالمي مطبق إزاء الحديث عن أية إنجازات بأي من دول العالم في ظل أزمة
كورونا؛ تفقد السيسي، الأربعاء، مشروع ترعة سحارة "سرابيوم" المارة أسفل
قناة السويس لنقل مياه النيل عبر 4 أنفاق طول الواحدة 420 مترا، إلى الضفة الشرقية
من قناة السويس.
المشروع، حسب الهدف المعلن رسميا، ينقل نحو 250 ألف متر مكعب يوميا من مياه ترعة
الإسماعيلية إحدى الترع الرئيسية لنهر النيل، من أسفل قناة السويس الجديدة، لري من
70 إلى 100 ألف فدان بسيناء، عند انتهاء المشروع الذي يقوم على تنفيذه الهيئة
الهندسية للقوات المسلحة ووزارة الري، بتكلفة 1.3 مليار جنيه.
وطالما
تحدث خبراء ونشطاء من أهالي سيناء عن خطورة ذلك المشروع، مُعتبرين أنه بداية لنقل
مياه النيل لصحراء النقب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ضمن ما يسمى بصفقة القرن،
مشيرين إلى أن حل أزمة ملف مياه النيل يتوقف على هذا الأمر، وهو ما أكده سياسيون
ومراقبون تحدثوا لـ"عربي21".
والسؤال:
هل مشروع نقل مياه النيل أسفل قناة السويس بداية لتنمية سيناء، أم خطوة في إطار
"صفقة القرن" ونقل المياه لإسرائيل؟
اقرأ أيضا: هل تسبب وزراء الأوقاف والصحة والتعليم في تآكل شعبية السيسي؟
"مشروع جمهورية يوليو"
وفي
رؤيته، قال الكاتب والمفكر السياسي أمين المهدي، إن "العمل بسحارة سرابيوم
بدأ عام 2000 –في عهد حسني مبارك-، وكانت 4 أنفاق زاد عليهم السيسي نفقين لتصبح
ستة أنفاق".
وأكد
بحديثه لـ"عربي21"، أن "السحارات اكتملت وترعة السلام وصلت بالفعل
رسميا لمدينة رأس العبد (شمال سيناء)، حيث توجد محطة طلمبات الرفع، التي تقع على
بعد 100 كم فقط من صحراء النقب بالأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأضاف
المهدي أنه "من الخطأ الاعتقاد (الشائع) أن هذا برنامج ينفذه السيسي"،
مؤكدا أن "هذه استحقاقات مقررة على الجمهورية العسكرية منذ تموز/ يوليو 1952،
ولم تكن متبلورة بدقة سوى في توصيل مياه النيل وتوطين الفلسطينيين".
وأشار
المهدي، إلى أن "الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حاول تنفيذ المشروع عام 1954،
بتخصيص 50 ألف فدان بسيناء شرق مدينة بورتوفيق، ولكن الحزب الشيوعي الفلسطيني أسقط
المشروع حينها".
وأوضح
المفكر المصري أن "الذي بلور الشروط داخل برنامج واضح هو رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما يسمى بـ(صفقة القرن)".
ويرى
أنه، "بالرغم من انشغال نتنياهو بأزماته السياسية الداخلية، إلا أن الجمهورية
العسكرية في مصر الآن لا بد أن تبدي استعدادها للتنفيذ وحسن النية؛ وإلا واجهت ما
لا يحمد عقباه".
وأكد
المفكر السياسي أن "المساعدة والتخديم على مشروع إسرائيل الكبرى شرط لاستمرار
جمهورية عصابات يوليو العسكرية".
وشدد
على أن "التفرقة بين السيسي والجمهورية، هو حيلة مخابراتية لإنقاذ الحكم
العسكري بعد أن يتم السيسي مهمته الموكلة إليه من الجيش".
وقال
إن "كل ما يقال عن تنمية سيناء أكاذيب وتغطية بلهاء على هذا المشروع"،
متسائلا: "كيف تحدث تنمية وهو (السيسي) يرتكب إبادة جماعية ضد سكانها
بالشمال؟".
وختم
بالقول إن "السيسي يكذب عندما يقول نقل السكان من الوادي لسيناء بعد
تعميرها"، مؤكدا أن "المعاني متناقضة، والتعمير يقوم به المجتمع وليست
هيئات عسكرية فاسدة وخائنة".
"خيانة وليست تنمية"
وفي
رؤيته، يعتقد السياسي المصري عمرو عادل، أن "تنمية سيناء خط أحمر منذ اتفاقية
(كامب ديفيد) اللعينة". الموقعة (17 أيلول/ سبتمبر 1978) بين مصر وإسرائيل.
وقال
في حديثه لـ"عربي21"، إن "واحدا من أسباب الانقلاب السريع والدموي
على الرئيس محمد مرسي في 2013، كان الحفاظ على بنية العلاقة بين مصر والكيان
الصهيوني، وكذلك إبقاء سيناء فارغة ودرعا واقيا لهم، وكمنطقة تحتمل حلولا متعددة
لاحقا".
وفي
تأكيد لصدق رؤيته، أشار القيادي في المجلس الثوري المصري، إلى ما تم طرحه من
مقالات مثيرة لجدل حول مستقبل سيناء عبر صحيفة "المصري اليوم" المحلية
قبل أيام، من أفكار حملت "دعوات ومطالبات حول الحكم الذاتي لسيناء، وإشارات
لنزعة انفصالية عن الوطن الأم"، معتقدا أن "هذا الطرح ليس صدفة في
توقيته".
وتابع:
"لقد ذكرت منذ سنة أو أكثر استحالة منع المياه عن مصر –في أزمة سد النهضة-
وذلك للآثار المدمرة على مصر والمنطقة؛ إلا أن السيطرة على مصدر مياه النيل من
المنبع سيجعل من السهل قبول أو تمرير توصيل المياه للكيان المحتل، وهذا حلم قديم
لهم".
ولفت
السياسي المصري إلى أن "الخونة لا يعملون للبلاد بل يبيعون فقط"، موضحا
أن "ما حدث مع أهلنا بسيناء السنوات السبع الماضية من تهجير وقتل وتدمير، لا
يوحي بتنمية منتظرة، بل يؤكد استمرار الخيانة".
ويرى
أن تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير"، للسعودية نيسان/ أبريل 2016،
"حدث لفتح البحر الأحمر أمام الكيان الصهيوني، والاستسلام لإثيوبيا في اتفاق
سد النهضة مع سحارات القناة، لتصل المياه للصهاينة كي يبقى شعب مصر حيّا ولا تنقطع
عنه المياه".
وختم
عادل بالقول: "كل هذا لتكون اليد العليا للكيان الغاصب على كل المنطقة، المنبطح حكامها والخائنون لشعوبهم".
"المقايضة"
وكان
الخبير في المياه وأستاذ هندسة السدود الدكتور محمد حافظ، قد قال في وقت سابق عبر
صفحته بـ"فيسبوك"، إن سحارات سرابيوم وترعة السلام هي مفاتيح الحل
لإنهاء أزمة سد النهضة، موضحا أنه "عندما تتفاقم المشكلة، فليس من حل سوى
توصيل المياه لإسرائيل، أما ما تم هذه الأيام من توصيل المياه لسيناء، فهو حل اضطراري
للتخلص من المياه الفائضة".
وتحدث
أيضا الخبير الدولي نائل الشافعي، عما أسماه "مخطط تحويل حصة من مياه النيل
إلى إسرائيل عبر سحارات سرابيوم وترعة السلام، موضحا بتصريح صحفي أنه "لكي
تصبح المقايضة ممكنة، إذا أرادت مصر أن تحصل على مياه النيل عبر سد النهضة، فعليها
تمرير قدر معين منها إلى إسرائيل، عبر سحارات سرابيوم".