تقارير

نجوى النجار.. مخرجة فلسطينية تدافع عن قضيتها بالسينما

نجوى النجار مخرجة تحاول "أنسنة " حياة الفلسطيني المقهور  (أنترنت)
نجوى النجار مخرجة تحاول "أنسنة " حياة الفلسطيني المقهور (أنترنت)

تحاول المخرجة والكاتبة الفلسطينية نجوى النجار أن تزاوج بين مأساة فلسطين ومعاناة شعبها، وبين إظهار الجوانب الإنسانية البسيطة في حياة الفلسطيني العادي.

حين تشاهد أعمال النجار التي تلقت تعليمها العالي في أمريكا في مجال السينما، تقف مشدوها أمام قدرتها الفريدة في تحويل جميع عناصر الفيلم، من سيناريو وتصوير وصوت وموسيقى إلى حالة إبداعية تلقى الإشادة والاحترام في جميع صالات العرض والمهرجانات الفنية التي عرضت فيها أعمالها.

بدأت النجار حياتها المهنية في مجال الإعلانات التجارية اتجهت بعدها للأفلام الوثائقية والقصيرة خاصة بعد انتقالها للعيش في مدينة القدس، وولجت مجال العمل الوثائقي عام 1999. وكان أول أفلامها القصيرة فيلم "نعيم ووديعة"، ثم تواصلت إبداعاتها فقدمت فيلمي "المر والرمان" إنتاج 2008  و"عيون الحرامية" إنتاج 2016 الذي شارك في بطولته الممثل المصري خالد أبو النجا الذي جسد شخصية معتقل فلسطيني يعود إلى منزله بعد قضاء ما يقرب من 10 سنوات في سجون الاحتلال، وحصل عن دوره في الفيلم على جائزة أفضل ممثل، إلى جانب الفنانة الجزائرية سعاد ماسي.

 



وتبدو قفزتها الكبرى مع فيلم "بين الجنة والأرض" إنتاج 2019 وهو إنتاج مشترك (الأردن وفلسطين ولوكسمبورج وأيسلندا) نال مؤخرا جائزة نجيب محفوظ لأحسن سيناريو، ضمن منافسات المسابقة الدولية لـ "مهرجان القاهرة السينمائي" بدورته الـ41.

ورغم نجاح تجربتها في فيلم "بين الجنة والأرض" بوصفه إنتاجا مشتركا إلا أن النجار ترى أن الإنتاج العربي المشترك، من الصعب تحقيقه جدا في فلسطين، بسبب الاحتلال وظروف الحصول على تراخيص تصوير وتصاريح دخول وغيرها من عقبات.

 



وترى أن فيلمها كان إنتاجا مشتركا، بطريقة غير تقليدية، ولم يحمل في ثناياه أي جانب مادي، مركزة على المعنوي في هذه الجزئية العامة، بحكم أنها تعيش بين البلدين، وتقضي وقتا كثيرا هنا وهناك، وكانت لديها رغبة كبيرة في تصوير الكثير من المشاهد في الأردن، إلا أن طبيعة القصة وحساسيتها حتمت أن تصور بالكامل في مدن فلسطينية. كما تقول .

وعلى مدى ساعة ونصف، يحكي "بين الجنة والأرض" كل ما يدور في فلسطين برحلة مليئة بالحنين والألم والتساؤلات والشغف الذي لن يقدر الاحتلال على محوه أبدا.

سلمى وتامر متزوجان منذ خمس سنوات ويعيشان في الأراضي الفلسطينية، وفي المرة الأولى التي يحصل فيها تامر على تصريح بدخول المناطق الإسرائيلية تكون من أجل تقديم أوراق طلاقهما في المحكمة بالناصرة. في المحكمة، يفاجئهما اكتشاف صادم عن ماضي والد تامر.

تقول نجار عن الفيلم: "إن الفيلم هو رحلة حب في المقام الأول، أخذنا من خلال هذا الفيلم رحلة في فلسطين والجولان، هذا الفيلم يلقي نظرة ولو صغيرة على حياة الفلسطينيين والسوريين المنسية في تلك البقعة".

وتضيف النجار: إن الفيلم مستوحى من أحداث حقيقية عن زوجين يتعرفان على نفسيهما وعلى بعضهما البعض من جديد أثناء رحلة البحث في ماضي والد الزوج، ويمزج الفيلم بين الكوميديا والدراما ليقدم رحلة طريق شيقة تتطور فيها علاقة سلمى وتامر من الاستياء والتوتر إلى الضحك والصفاء ثم الحميمية.

 



وهي تطرح قضية الاغتيالات الإسرائيلية لعدد من الشخصيات الفلسطينية البارزة من سياسيين ومثقفين.
وعن رسالة الفيلم التي هدفت لتوصيلها قالت إنها أرادت أن يدخل كل مشاهد عربي إلى بيوت الفلسطينيين، الذين يصرون على الحياة رغم ظروف القهر التي يواجهونها، مؤكدة أنه خلال ساعة ونصف من زمن الفيلم، كانت تريد أن يستمع المشاهد إلى كل ما يدور في فلسطين من صوت وصورة وحياة كاملة، وذلك من خلال رحلة زوجين بالسيارة في الأراضي الفلسطينية والجولان.

تقول النجار إن: "السينما الفلسطينية اليوم حافظة لإرث الأجيال المقبلة، لذا يجب دعمها لأنها سلاح قوي في ظل الظروف الحياتية الصعبة التي نعيشها في فلسطين".

النجار تعتبر نفسها "مخرجة ملتزمة" وهي تؤمن أن السينما "تحمل مسؤولية ورسالة"، وهي بالنسبة لها "سلاح أخير" تمتلكه لتصور ما تريد وتوثق ما يسعى المحتل لتضليله، ومحوه من الوجود، لأن اللغة البصرية في السينما قادرة على سرد كل ما لا يمكن للكلمات وصفه والتحدث به. بحسب وصفها.

 



تبدو النجار مسكونة حد الشغف بتقديم شخصيات فلسطينية عانت من الاحتلال الإسرائيلي، وهي لا تسعى إلى تحويل الفيلم إلى حالة من البؤس والشقاء والرثاء وإنما أن يبقى على الحب الذي هو جوهر إنسانيته، رغم أحلك الظروف وأصعبها، في إشارة منها للنضال الفلسطيني المستمر حتى اليوم.

لا تخفي النجار سعادتها الغامرة حول ردود الفعل التي شاهدتها في عيون كل من شاهد فيلمها الأخير "بين الجنة والأرض"، موضحة أن العرض العالمي الأول للفيلم في المهرجان إضافة كبيرة لها، خاصة أن رأي الجمهور المصري والعربي يهمها كثيرا، وهي تسعى إلى الوصول إلى دور العرض العربية .

المديح والثناء يزيدانها تواضعا، تقول بأن إشادة من يشاهد أعمالها "وسام على صدرها ومسؤولية كبيرة"، مؤكدة أنها سبق أن شاركت في مهرجان القاهرة العام الماضي بفيلمها "عيون الحرامية" والذي لاقى كذلك استحسان الجمهور.

 



وفيما ترى النجار أهمية الجوائز والمهرجانات في حياة الفنان فهي تعترف بأهمية أن يقدم الفنان فيلما يحظى بإعجاب  الجمهور وتسليته، موضحة أن مناقشة قضايا البحث عن الهوية المفقودة تحت الاحتلال تلقى تعاطفا وحبا كبيرا من الجمهور".

تؤمن النجار بأن السينما الفلسطينية تواجه، صعوبات في العمل، وفى فلسطين مشاريع تتم على الأرض، حراك حتى تظل السينما موجودة، وترى بأنها " الطريقة الأهم حتى تظل القضية في الصورة، ونصل إلى العالم وأن يشاهدنا الناس من أرضنا، لأننا خلال هذه السنوات الغرب شوه صورة القضية، ودورنا أن نظل نحارب بالسينما حتى نقدم القضية من داخل الأرض، لا من خارجها"، بحسب رؤيتها.

النجار كانت قد كشفت قبل خمس سنوات عن مشروع سينمائي عربي موسيقي أوبرالي، تجري أحداثه من بداية فترة أربعينيات القرن الماضي على أن يجسد سيمفونية الزمن الأصيل، ممثلة في، أم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وغيرهم.

وأكدت أنه كان سيضم نخبة من الفنانين العرب معولة على الجهات المنتجة لتمويل هذا العمل السينمائي الضخم الذي يؤرخ لزمن الغناء الجميل، بحسب قولها .

وبسؤالها عن القضية الفلسطينية وكيف أثرت على أفلامها قالت: "القضية الفلسطينية هي أساس كل أفلامي، أنا أعيش هناك وهذا هو الواقع اليومي الذي أحياه بتفاصيله، ولكني أحاول أن أقدم شيئا مختلفا عن مشاهد المؤلمة التي نراها يوميا على الشاشات، لأن السينما هي المنفذ الذي نستطيع أن نحلم من خلاله"، كما قالت.

التعليقات (0)