كتاب عربي 21

قصف العاصمة.. دوافع توحش حفتر وسبيل احتوائه

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600

القصف المكثف الذي شهدته العاصمة طرابلس اليوم السبت يمثل استمرارا لسلسلة التصعيد الوحشي لحفتر وقواته، فلقد أذهب القصف بأرواح العشرات من المدنيين خلال الأسابيع الماضية، والقتل بين سكان العاصمة مستمر والمعتدي لا يتوقف عن إجرامه.

بواعث القصف ودوافع التصعيد الوحشي

غير أن لهذا التصعيد المريع بواعثه، وله دوافعه التي يمكن إجمالها في الآتي:

1 ـ الانتقام لما وقع لقوات حفتر من خسائر وما تلقته من ضربات موجعة بعد إطلاق عاصفة السلام، فهول الصدمة يفقد المعتدين صوابهم، ولأن سوابقهم في الإجرام عديدة، فصار الانتقام منطقيا لتفسير بعض دوافع التصعيد الوحشي.

2 ـ لا يستبعد أن يكون للتصعيد اليوم غاية ثانية وهي إرباك الجبهة المقاومة للعدوان وخلق بلبلة تنعكس سلبا على عاصفة السلام وتكون سببا في إيقاف زخمها.

3 ـ من الممكن أن تكون إحدى أهداف التصعيد خلخلة الجبهة الداخلية للوفاق من خلال إظهار حكومة الوفاق عاجزة أمام العدوان الوحشي، وهناك ما يمهد لوقوع مثل هذه الخلخلة وهو أخطاء الرئاسي وحكومة الوفاق والتي باتت تقض مضجع أنصارها قبل المتحفظين عليها.

4 ـ الغاية الأهم في نظري ربما هي إضعاف الجبهة الداخلية ومحاولة كسر معنويات المدافعين عن العاصمة كعملية استباقية لهجوم كبير على كافة المحاور أو سعي لكسر حصار ترهونة أو التضييق على مصراتة من الجهة الشرقية عبر هجوم قادم من سرت.

خطاب الانتقام واسترخاص الأرواح

الانتقام واسترخاص أرواح المدنيين ليس افتراء أو اتهاما باطلا، بمراجعة تصريحات مسؤولين ونشطاء سياسيين وإعلاميين بل ومقاتلين في صفوف قوات حفتر تدرك أن الانتقام والاقدام على أعمال وحشية مقبول بل مرغوب لدى كثير من أنصار حفتر العسكريين والمدنيين سواء.

سوء إدارة ومخاطر تخلل الجبهة الداخلية

المتابع ببصيرة يدرك أن بعضا من الأهداف المشار إليها أعلاه قابلة للتحقق في ظل الارتباك الناجم عن سوء إدارة الأزمة من قبل حكومة الوفاق، وهناك تراكم في وعي قطاع مهم من الرأي العام ضمن جبهة طرابلس تحول إلى احتقان وسخط قد يتطور إلى فعل غير محمود مع التصعيد الوحشي الذي زاد من انكشاف عورة الحكومة.

قلق الرأي العام وسخطهم يصبح قابلا للتحول إلى فعل عنيف إذا استمر الآداء المرتبك للحكومة، فقد مرت ساعات طوال على القصف الوحشي الذي بدأ منذ الصباح الباكر ولم يتوقف لمدة غير قصيرة وكانت آثاره كبيرة، ولم تظهر الحكومة ممثلة في رئيسها أو وزيرة داخليتها لتوضيح ما يجري وطمأنة الرأي العام الذي يعيش أوقات عصيبة تحت هذا القصف المريع الذي يمكن أن يكون كل بيت في العاصمة هدف له.

 

الانتقام واسترخاص أرواح المدنيين ليس افتراء أو اتهاما باطلا، بمراجعة تصريحات مسؤولين ونشطاء سياسيين وإعلاميين بل ومقاتلين في صفوف قوات حفتر تدرك أن الانتقام والاقدام على أعمال وحشية مقبول بل مرغوب لدى كثير من أنصار حفتر العسكريين والمدنيين سواء.

 


والسؤال المهم اليوم هو: هل ستتحمل الحكومة المسؤولية لتجعل اليوم هو آخر أيام الرعب في العاصمة من خلال القيام بما ينبغي عليها القيام به وهو حماية رعاياها وتأمين أرواح وممتلكات مواطنيها بأي وسيلة ومهما كانت الكلفة؟

أعتقد أن قطاعا كبيرا من سكان العاصمة ومدن الجوار مهيئون لتحمل جزء من المسؤولية في مقاومة هذا العدوان الغاشم ووقف المجازر اليومية التي تقع في طرابلس، والمطلوب فقط تعبئة وإدارة هذه الجموع بفاعلية لأجل إنهاء وجود قوات حفتر في أي نقطة يمكن أن يشكل وجودها فيها تهديدا للعاصمة وساكنيها.

إن أي فعل حكومي لا يكون مكافئا للخطر الذي تشهده العاصمة اليوم سيكون مردوده خطيرا على الحكومة أولا وعلى العاصمة وقاطنيها ثانيا، ولهذا ينبغي أن تكون الحكومة في مستوى الحدث وأن ترتقي إلى مستوى المسؤولية المطلوبة للتصدي لهذا الخطر.

التعليقات (0)