هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قرأ محللون سياسيون
إمكانية ربط تقديم صندوق النقد الدولي مساعدة مالية للبنان تنشله من أزمة اقتصادية
خانقة، بمعضلة "حزب الله" الذي أدرج مؤخرا على لوائح "الإرهاب"
لدى ألمانيا.
وفي
نهاية أبريل/ نيسان الماضي، قررت ألمانيا وضع "حزب الله" اللبناني ضمن قائمة
الإرهاب، على غرار كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية ودول عربية.
ولا
تزال خطوة برلين تتفاعل في الساحة اللبنانية، وسط مخاوف حيال مصير قرار صندوق النقد
الدولي بشأن مساعدة لبنان، لاسيما أن الحكومة تعوّل على هذا الدعم، الذي باستطاعته
انتشال البلد من أزمة اقتصادية هي الأسوأ بتاريخه.
تقويض أدوار "حزب الله" الخارجية
رأى
علي الأمين، وهو صحفي ومحلل سياسي معارض لـ"حزب الله"، أن القرار الألماني لم
يكن مفاجئا، إذ سبقته سجالات في البرلمان الألماني.
وأضاف
الأمين أن "القرار يعكس تطورا جديدا في الموقف الأوروبي والألماني
تحديدًا حيال حزب الله.. ويدل على أن قنوات العلاقة مع حزب الله باتت ضيقة جدا".
واعتبر
أن الهدف من القرار الألماني هو "انكفاء المنظمات التي تحمل طابعا مليشيويّا
وأمنيّا، وتراجعها إلى مكانها الطبيعي".
ورأى
الأمين أن "المشكلة الرئيسيّة مع حزب الله هي في دوره الخارجي وعمليّاته، والقرار
الذي اتخذته ألمانيا يُصوّب على هذا الجانب تحديدًا".
اقرأ أيضا: "حزب الله" باختبار أمام "كورونا" وأزمة اقتصادية: مخاطر وفرص
وردا
على سؤال بشأن احتمال تأثير تلك الخطوة سلبا على قرار صندوق النقد المرتقب، أجاب بأن
"هذا الموضوع يعود إلى أيّ مدى يتراجع حزب الله عن دوره الخارجي، وتحديدا مهامه في أكثر من دولة".
وربط
الأمين تدخّل "حزب الله" الخارجي مع مساعدة الصندوق بقوله: "كلّما
كان حزب الله متمسكا بدوره الخارجي، فسينعكس ذلك سلبًا على تفاعل المجتمع الدولي في
مساعدة لبنان".
وحول
تضييق الخناق على "حزب الله"، جزم بأن "الأمر مرتبط بالدرجة الأولى
بإيران (حليفة الجماعة)؛ فحزب الله ليس تنظيما مستقلا، بل ينفذ متطلّبات السياسة
الإيرانيّة وسياسة ولاية الفقيه".
المساعدات منفصلة
اعتبر
فيصل عبد الساتر، وهو باحث ومحلل سياسي مقرب من "حزب الله"، أن "المتابع
لكل ما يجري يظن أن القرار الألماني سيكون له دور مؤثر لصالح الإسهامات الماليّة
التي يُمكن أن يقدمها صندوق النقد إلى لبنان بعد المفاوضات".
وتابع
عبد الساتر قائلا: "موضوع المساعدات المالية منفصل تمامًا عن الخطوة الألمانية..
هذه الخطوة تحمل طيات سياسية تسعى الولايات المتحدة لفرضها على الدول الصديقة لإسرائيل".
واستطرد:
"الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي خارج هذا السياق، لكن مثل هذا القرار ستكون
له ارتدادات سلبيّة بالعموم على لبنان وعلى حكومته".
وبشأن
العلاقة اللبنانية-الألمانية، أعاد عبد الساتر التذكير بالخطاب الأخير لـ"نصر
الله" الذي قال فيه إن الأمر خاضع لكل فرد بمفرده، أي أن التعامل يكون وفق
المعطيات القانونية داخل ألمانيا.
وأضاف
عبد الساتر: "حتى اللحظة ما أُطلق عليه حظر أنشطة حزب الله لا ينطبق على الموجودين
هناك، فلا أنشطة باسم حزب الله في ألمانيا، لذا فإن القرار يحمل صفة البعد السياسي والبعد
الإعلامي".
وقلّل
من تداعيات القرار على المستوى الرسمي، "لأن الجالية اللبنانية بألمانيا منضوية
في الحياة العامّة، والكثير منهم يحملون الجنسية الألمانية".
اقرأ أيضا: لبنان: الجوع يسابق صندوق النقد؟
وفصل
الاتحاد الأوروبي الجناح السياسي لـ"حزب الله" عن الجناح العسكري، الذي اعتبره
منظمة إرهابية.
وقبل
انسحابها من الاتحاد الأوروبي، أصدرت بريطانيا، في فبراير/شباط 2019، تشريعًا تُصنّف
فيه "حزب الله" منظمة إرهابيّة.
النظر للإصلاحات
أدرج
العميد المتقاعد إلياس حنا، وهو خبير عسكري واستراتيجي، الخطوة الألمانية ضمن الضغوط
"الأمريكيّة-الإسرائيليّة"، لوضع "حزب الله" ضمن اللائحة.
وقال حنا: "الصحف الإسرائيلية قالت إن الموساد (الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية)
حصلت على معلومات دقيقة عن نشاطات حزب الله داخل مؤسساته بألمانيا".
واستبعد
أن تؤثر هذه الخطوة مباشرة على صندوق النقد الدولي قائلا إن "الحكومة اللبنانية
قدّمت طلبها إلى الصندوق والأخير له شروطه، وهو في حال أقدم على تلك الخطوة فإنه سيُتابع
بشكل مباشر سير عمل الخطة المقدمة".
وأردف:
"رئيسة الصندوق أوروبية (ريستالينا جورجيفا)، ورئيس البنك الدولي أمريكي (ديفيد
مالباس)، لكن القرار في النهاية سياسي، فأموال الصندوق تأتي من الدول المساهمة فيه،
وحسب مساهمة كلّ دولة يُتّخذ القرار".
وربط
حنا موضوع صندوق النقد بالإصلاحات التي وعدت بها الحكومة، واعتبر أن هناك هدفًا، وهو
"تحجيم حزب الله، وأن تتحمل الدولة اللبنانيّة مسؤوليّتها".
وألمح
إلى معضلة تتعلق بالمساعدة، قائلا إن "الدولة (اللبنانية) تريد مساعدة ماليّة،
وفي الوقت عينه تريد قرارا حرا، وهذان لا يتماشيان مع بعضهما البعض".
وشدّد
على أن الحكومة يجب أن تعمل على الإصلاحات المطروحة وبعدها تحصل على المساعدة.
وصادقت
الحكومة اللبنانية بالإجماع، في 29 نيسان/أبريل الماضي، على خطة إنقاذ اقتصادي تستمر
5 سنوات، لانتشال الاقتصاد من مستويات تراجع حادة، أفضت إلى عجز عن دفع ديون خارجية.
ويشهد لبنان، منذ 17 تشرين أول/أكتوبر الماضي، احتجاجات
شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية، وأجبرت الحكومة على الاستقالة في 29 من الشهر نفسه.