قضايا وآراء

هل ترسم سيناريوهات ضم الضفة مسارا جديدا للصراع؟

حازم عياد
1300x600
1300x600

كما هو متوقع أرجأ نتنياهو قرار الضم يوما آخر بحجة استكمال المشاورات مع الوفد الأمريكي؛ قرار لم يكن وزير الخارجية في دولة الكيان الجنرال غابي أشكنازي على يقين منه، إذ صرح لراديو جيش الكيان الإسرائيلي بالقول: "أتصور أنه لن يكون هناك شيء اليوم، في ما يتعلق بتمديد السيادة الإسرائيلية"؛ ويقصد الأربعاء الموافق للأول من تموز (يوليو) الجاري.

رغم أن الجنرال غابي أشكنازي يعد وزيرا للخارجية في حكومة يقودها نتنياهو إلا أنه تحدث عن موعد  الضم كعضو في حزب "أزرق-أبيض"، الذي يتزعمه الجنرال السابق ووزير الدفاع الحالي بيني غانتس؛ ورغم أن أشكنازي لم يقدم تفسيرا واضحا لتأجيل الضم؛ فإن غانتس لم يتوان عن تقديم المبررات على رأسها مواجهة وباء كورونا ليؤكد بعد ذلك أن الموعد المعلن في تموز (يوليو) الحالي ليس مقدسا لإعلان الضم فحكومة الوحدة منقسمة ومتعددة الرؤس.

التأجيل لم يكن مفاجئا ولم يكن في الوقت ذاته نتاجا لمتغير بعينه إذ إنه مسار فرضته الضغوط والهواجس المتصاعدة داخل الكيان الإسرائيلي والإدارة الأمريكية التي ضغطت لتشكيل حكومة الوحدة والمتخوفة في الوقت ذاته من اندلاع مواجهات في الأراضي الفلسطينية والإقليم كنتاج لخطة الضم الإسرائيلية؛ فهواجس الإدارة الأمريكية تنامت بتفشي وباء كورونا وبتعاظم التوتر مع إيران في الإقليم في أعقاب قانون قيصر؛ والأهم المعارضة الدولية والأوروبية للخطوة الإسرائيلية التي عبر عنها بتصريحات متكررة للأمين العام للأمم المتحدة غوتيرس بعدم قانونية الضم وخطورته على الاستقرار الإقليمي .

 

خطة الضم الإسرائيلية رسمت مسارا جديدا للصراع مع الكيان الإسرائيلي وفتحت الباب لتخلق سيناريوهات جديدة وطفرات أمنية وسياسية أولى إرهاصاتها الممكنة تفكك حكومة الوحدة الصهيونية؛

 


مسار ازداد وضوحا مع اقتراب موعد الإعلان الإسرائيلي لضم الضفة الغربية يوم أمس الأربعاء الأول من تموز (يوليو)؛ فوزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان صرح بالقول: "إن ضم إسرائيل لأراض فلسطينية لا يمكن أن يمر دون عواقب". 

وأضاف: "ندرس ردا فرنسيا وتحركا مع الشركاء الرئيسيين إذا مضت إسرائيل قدما في عملية الضم"؛ في حين أن رئيس الوزراء البريطاني وكعادته خاطب قادة الكيان بلغة المحب بأن الخطوة لن تحظى باعتراف دولي وأن أي قرار يجب أن يتخذ من خلال التفاوض مع الفلسطينيين؛ قابله موقف أكثر تشددا من حكومة الظل في حزب العمال البريطانية المعارضة التي حذرت من الخطوة الإسرائيلية بالحديث عن عقوبات محتملة.
 
تحذيرات رسمت مسارا جديدا مختلفا عما تصوره نتنياهو؛ إذ هدد بعزل الكيان الإسرائيلي عن بيئته الأوروبية وشرعنة مواجهته بالقوة العسكرية والفعاليات السياسية والشعبية في فلسطين والإقليم؛ فالخطوة تذكر بالثورات الكبرى وعلى رأسها الثورة الجزائرية التي جاءت بعد امتناع فرنسا عن تنفيذ وعودها أعقاب الحرب العالمية الثانية؛ وهي وعود لا تختلف عن الضمانات والوعود التي قدمت لمنظمة التحرير الفلسطينية في أعقاب التوقيع على اتفاق أوسلو .
 
فالمسار السياسي والأمني لخطوة الضم التي وضعها نتنياهو اصطدمت بالعديد من الحقائق والوقائع في فلسطين المحتلة والإقليم والعالم؛ ورغم محاولات نتنياهو التحايل على هذه الوقائع والحقائق بالترويج للتطبيع مع دول الخليج تارة والضم الجزئي والمتدرج تارة أخرى جاء التأجيل لبضعة أيام كخيار أخير للتعامل مع الضغوط بحجة الحوار مع الحليف الأمريكي بحسب نتنياهو؛ محاولة لم تمنع من التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة الغربية ولم توقف المسار الجديد الآخذ بالتشكل.

ردود الفعل الدولية لم تتوقف عن التدحرج ككرة الثلج؛ فالتأجيل لم يفضِ إلى امتصاص واحتواء الموقف الدولي أو إحداث تغيير جوهري فيه؛ فالاستراتيجية الصهيونية قابلتها استراتيجية فلسطينية مضادة متخلقة من رحم المواجهة قائمة على التصعيد والمواجهة وتعظيم الضغوط ومراكمتها على الصعيد الدولي والإقليمي؛ لتفتح الباب لتخلق سيناريو جديدا يتخطى السيناريوهات البائسة التي روج لها نتنياهو وبعض مراكز البحوث الصهيونية بتمرير سيناريو الضم والتطبيع قبيل الانتخابات الأمريكية دون عواقب أو تحولات كبرى في المنطقة.

ختاما: خطة الضم الإسرائيلية رسمت مسارا جديدا للصراع مع الكيان الإسرائيلي وفتحت الباب لتخلق سيناريوهات جديدة وطفرات أمنية وسياسية أول إرهاصاتها الممكنة تفكك حكومة الوحدة الصهيونية؛ فإحباط مشروع الضم مسار من الممكن أن يطور مسارا جديدا بمراكمة المزيد من الإنجازات السياسية والعسكرية والقانونية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة وقطاع غزة تمتد تداعياتها إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية تاركا بذلك آثاره على التحالفات والصراعات المشتعلة في الإقليم.

hazem ayyad
@hma36

التعليقات (0)

خبر عاجل