ملفات وتقارير

هل يستطيع الكاظمي محاسبة قتلة الهاشمي؟

شاركت أعداد كبيرة في تشييع الهاشمي الثلاثاء في محافظتي العاصمة بغداد، والنجف وسط البلاد- تويتر
شاركت أعداد كبيرة في تشييع الهاشمي الثلاثاء في محافظتي العاصمة بغداد، والنجف وسط البلاد- تويتر

لا تزال عملية اغتيال الخبير الأمني والإستراتيجي، هشام الهاشمي، تشغل الرأي العام في العراق، في وقت تباينت فيه تكهنات المحللين والسياسيين بخصوص قدرة حكومة مصطفى الكاظمي على كشف الجناة ومحاسبتهم.


حادثة مقتل الهاشمي جعلت الحكومة العراقية في مواجهة مباشرة مع اللادولة، وشكلت لحظة فاصلة بين مرحلتين مختلفتين، حسبما أعلن أحمد الملا طلال المتحدث باسم الكاظمي، الذي أكد أن الأجهزة الأمنية ستمسك بالقتلة وتقدمهم للعدالة "مهما كان الثمن".


"فقدان الأدوات"


لكن السياسي العراقي مشعان الجبوري، رأى أن الكاظمي يفتقد للأدوات في معركته مع القتلة، بالقول إن "الأجهزة الأمنية ذات لون طائفي واحد (الشيعة)، والجهات المتمردة والتي تتحدى الدولة هي من المكون ذاته، وبالتالي لا يمكن له محاسبة القتلة".


وأوضح الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، أن "حادثة اقتحام المليشيات للمنطقة الخضراء بعد اعتقال مجموعة منها جنوب بغداد، أظهرت فقدان للكاظمي للأدوات لمواجهتهم، فقد رفض مسؤول حماية المنقطة تنفيذ أوامره؛ بحجة أنه شيعي، ولا يريد أن يتورط بدماء الشيعة".

 

من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عبد الخالق العزاوي لـ"عربي21"، إن "الصعوبات أمام الكاظمي كبيرة جدا، لكن هذا لا يعني أنه عاجز عن مواجهتها، بل هو قادر على إدارة الدولة ومؤسساتها بدعم من البرلمان والمتظاهرين وعموم الشعب".


وبخصوص "فقدان الأدوات" كون الأجهزة الأمنية من طيف واحد، قال العزاوي إن "هذا الشيء سببه التراكمات التي حصلت في الحكومات السابقة، إلا أننا طالبنا في أكثر من مناسبة القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، بإحداث التوازن في المؤسسات العسكرية والأمنية".


ولفت إلى أن "الراحل هشام الهاشمي، الذي كان يعتبر رمزا من رموز البلد، قتل بسلاح العصابات المنفلتة والأيدي الغاشمة، وأن البلد لا يزال ينزف دما بسببها، وعلى الكاظمي مسؤولية جسيمة في بسط سلطة الدولة، وتصحيح مسار البلد، ووضعه على السكة الصحيحة".


ونوه العزاوي إلى أن "برنامج حكومة الكاظمي واضح، فمتى ما سيطر على السلاح المنفلت والعصابات، فإنه سيسيطر على جميع أجهزة الدولة. اليوم هناك تحد بين الدولة واللادولة، والكل اليوم ينادي بدولة المؤسسات، وضرب المليشيات، وحصر السلاح بيد الدولة".

 

"معركة وجود"


من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، الدكتور سعدون التكريتي، إن "الكاظمي منح زخما دوليا في حادثة اغتيال هشام الهاشمي، ويمكن أن يساعده ذلك في مواجهة الفصائل المسلحة".


وأضاف التكريتي في حديث لـ"عربي21": "طبيعة شخصية الكاظمي لا يُنتظر منها مواجهة حاسمة، وإنما تغيير ناعم وهادئ، لأن المعركة هي معركة وجود، لأنها بين الدولة واللادولة".


وبخصوص دعم القوى الشيعية للكاظمي، رأى التكريتي أن "رئيس الحكومة مسنود من قوى شيعية مستفيدة منه، مثل "الحكمة" بقيادة عمار الحكيم، و"سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، أما نوري المالكي فهو يسعى إلى إضعاف الكاظمي، وكذلك هادي العامري الذي سكت عن اغتيال الهاشمي".


وشدد على أن "الكاظمي يُنتظر منه إثبات ولائه ونجاحه لدى الأمريكان، هو مخابراتي وإعلامي مثلما يدرك الكل، لكن الشيعة يضغطون عليه بشكل متواصل"، مشيرا إلى أن "رئيس الحكومة إذا تعجل في مواجهة المليشيات، فستشتعل حرب شيعية - شيعية".


وأكد التكريتي أن "الكاظمي، الذي هدد وتوعد بمحاسبة الجناة، سيكون أمام تحد حقيقي بتنفيذ ما وعد به، ولن تكفي هذه المرة الخطابات الإعلامية أو تسخير الأذرع الإعلامية، وسيكون وضعه في خطر كبير إذا ما تكررت مثل هذه عملية اغتيال الهاشمي".

 

ورأى الباحث أن "نقطة القوة التي منحت ربما للكاظمي، أن اغتيال الهاشمي أعطاه تبريرا قويا مصحوبا بتأييد محلي ودولي لمواجهة الفصائل التي لا ترضى بمنهجه، فهل يمضي في ذلك؟ أم يحاول المداراة والتفاهم؟".


"مليشيات إيران"

 

وفي السياق ذاته، أدان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الأربعاء، اغتيال الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، وطالب بمحاسبة الجناة، متهما مليشيات موالية لإيران بالوقوف وراء عملية اغتياله.


وقال بومبيو في كلمة له في مقر وزارته بواشنطن إن الهاشمي كرس حياته لعراق حر ومستقل، ولتحقيق تطلعات الشعب العراقي، وكان قد تلقى تهديدات من قبل باغتياله من جماعات موالية لإيران.


وأضاف وزير الخارجية الأمريكي أن الولايات المتحدة تنضم إلى بقية العالم في إدانة جريمة اغتيال الهاشمي، داعيا حكومة العراق إلى تقديم المذنبين للعدالة بسرعة.


وفي بيان لم تذكر فيه اسم الهاشمي، رفضت "كتائب حزب الله" الاتهامات التي وجهت إليها بضلوعها في عملية الاغتيال، بالقول: إن "مسلسل استهداف المعارضين للوجود الأمريكي عبر قذف الاتهامات بات واضحا في نهج وسائل الإعلام المعادية للشعب العراقي، وهي التي توجه الأبواق المتصهينة للنيل من العراقيين الشرفاء عبر تلفيق التهم لهم".


واعتبرت المليشيات التي تعتبر الأقرب إلى إيران أن "سرعة تجهيز الاتهامات نحو الأطراف المناهضة لمشروع الاحتلال في العراق والمنطقة، يؤكد دون شك أن أداة القتل والاتهام واحدة".


واتهمت في بيانها الأمريكيين والصهاينة في ما حدث من قتل بأساليب بشعة في مظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019، مشيرة إلى أن "تاريخ أمريكا ومن يقف معها يفضح أساليب غدرهم وإجرامهم بحق الإنسانية، ويكشف خسة ودناءة صناع القرار عندهم".

 

اقرأ أيضا: لوفيغارو: هل يواجه رئيس وزراء العراق الجديد المليشيات؟

التعليقات (0)