هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال خبراء ومراقبون إن قنوات المعارضة المصرية في الخارج
لعبت منذ انطلاقها قبل نحو 6 أعوام دورا "هاما" و"مؤثرا" في
الصراع مع النظام الحاكم، وكانت نافذة لإيصال أصوات المعارضين للشعب المصري
والخارج، رغم بعض الملاحظات والكثير من التحديات.
وساهمت
قنوات المعارضة في تغطية وكشف الانتهاكات المختلفة التي يرتكبها النظام بحق
المواطنين، فضلا عن انتقادها وتحذيرها من قضايا يراها المعارضون تتعارض مع مصالح
الأمن القومي المصري، مثل توقيع السيسي على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص في
كانون الأول/ ديسمبر 2013، ثم إعلان المبادئ الخاص بسد النهضة الإثيوبي في آذار/
مارس 2015، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين في نيسان/ أبريل 2016، ثم ترسيم
الحدود البحرية مع اليونان في السادس من آب/ أغسطس الجاري.
وباتت
هذه القنوات بمثابة النافذة الوحيدة التي يطلع من خلالها المواطن
المصري على حقائق، ومعلومات، وأحيانا "فضائح" لا تجرؤ على نشرها وسائل
الإعلام الداخلية التابعة للنظام، مثل ملفات الفساد، وحقوق الإنسان، والأوضاع
الاقتصادية، والاجتماعية، وغيرها.
وبخلاف
الجانب الإخباري، عرضت قنوات المعارضة المصرية، العديد من الأعمال الفنية
كالمسلسلات التليفزيونية، والأفلام السينمائية، والاسكتشات الفنية، والمسرحيات،
التي حظيت بنسب مشاهدات عالية.
اقرأ أيضا: "مكملين" تبث فيلم "الهتك" في أول عرض تلفزيوني له
وخلال
عام 2014، انطلقت في دولة تركيا قنوات "الشرق"، و"مكملين"،
و"مصر الآن" التي تحولت فيما بعد إلى "تلفزيون وطن" عام 2016.
"أرقام البث المباشر"
وأحيانا
ما تكون بعض برامج قنوات المعارضة المصرية ضمن الأعلى مشاهدة في الشرق الأوسط على البث
المباشر لـ "الفيسبوك" أو موقع اليوتيوب.
وعلى سبيل المثال، عادة ما يكون البث المباشر لبرنامج الإعلامي "معتز مطر" على "الفيسبوك" وموقع اليوتيوب هو الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وقت عرض البرنامج. وقد وصل البث المباشر لبرنامج "مع معتز" إبان احتجاجات 20 أيلول/ سبتمبر 2019 لما يقارب الـ 150 ألفا على "الفيسبوك" وأكثر من 100 ألف على اليوتيوب.
— متغرب جريح وبلدي جريحة (@EllilElhazin) September 20, 2019
— Dr.Aisha_alani (@Aisha_alanii) April 20, 2020
"تقارير عالمية"
وتقول القنوات الفضائية المعارضة في الخارج إن من بين ما
يؤكد أنها تحظى بنسب مشاهدة عالية، تقارير سابقة أصدرتها شركة "إبسوس"
للأبحاث التسويقية، تشير لتصدر قناتي "مكملين"، و"الشرق"، لنسب
القنوات الأعلى مشاهدة في مصر، وذلك رغم التحذيرات الحكومية للمواطنين بعدم مشاهدة
القنوات المعارضة التي تبث من الخارج.
وتُعد "إبسوس" ثالث أكبر شركة وكالة أبحاث حول
العالم باعتبارها شركة عالمية متخصصة في أبحاث السوق وقياس الرأي العام، ومقرها
العالمي في باريس، وتصدر تقارير دورية بشأن اهتمامات المواطنين، ومن ضمنها القنوات
الفضائية في عدد من دول العالم.
اقرأ أيضا: "مكملين" تتفوق على قنوات الانقلاب بنسب المشاهدات بمصر
وكشفت نتائج أبحاث "إبسوس" في حزيران/ يونيو
2016 أن قناة "مكملين" ضمن أفضل 10 قنوات إخبارية من حيث نسب المشاهدات
داخل مصر بعدما تفوقت في ترتيبها على العديد من القنوات المؤيدة للنظام.
وفي شهر نيسان/ أبريل 2017، أظهر تقرير
"إبسوس" حصول قناة "الشرق" على المركز "الرابع" بين
القنوات الإخبارية والـ "65" بين إجمالي القنوات.
وأحدثت تقارير شركة "إبسوس" هزة في أوساط
إعلام النظام الذي هاجم الشركة العالمية، واتهمها بالترويج لفضائيات تتبع
"الإخوان". وأزعجت تلك التقارير السلطات المصرية، لدرجة أنها أغلقت مكتب
شركة "إبسوس" في مصر.
"تهديدات السيسي وملاحقات النظام"
وأدى انزعاج النظام المصري من الفضائيات المعارضة إلى
إطلاق رأس السلطة الحاكمة عبد الفتاح السيسي تهديدات شديدة منتصف عام 2018 بمحاسبة
قنوات الخارج وكل مَن يتحدث عنها، مُتهما إياها بخداع المصريين، والضحك عليهم،
وقتل آمالهم، بحسب تعبيره.
وفي أكثر من مرة، انتقد السيسي وسائل الإعلام المؤيدة
لنظامه، وأعلن غضبه منها، لأنها لم تستطع التصدي لما وصفه بـ "الشائعات
والأكاذيب"، التي يقف وراءها إعلام الخارج.
واعترف بعض مؤيدي النظام في أكثر من مناسبة بتفوق إعلام المعارضة على إعلام السلطة لأسباب مختلفة.
اقرأ أيضا: لماذا نجح إعلام الثورة بالخارج فيما فشل إعلام السيسي؟
كما أن النظام بدأ قبل سنوات بملاحقة الكثير من الإعلاميين المصريين المعارضين بالخارج، حيث أصدر ضدهم أحكاما قضائية في اتهامات منها "الخيانة والعمالة للوطن"، و"التحريض ضد مؤسسات الدولة"، و"الدعوة لقلب نظام الحكم"، ووضعهم على قوائم الكيانات الإرهابية، وقوائم الترقب والوصول، فضلا عن التنكيل بأسرهم وعائلاتهم داخل مصر، ما يؤكد أن خطاب فضائيات المعارضة شكّل إزعاجا غير مسبوق للنظام، حسب مراقبين.
ووثقت منظمة هيومن رايتس ووتش 28 حالة لصحفيين وإعلاميين
وحقوقيين مصريين بالخارج؛ تعرضت أسرهم داخل البلاد لعقوبات خارج نطاق القضاء،
انتقاما على ما يبدو من نشاط هؤلاء الإعلاميين، حيث تم شن حملات اعتقال، ومداهمات
منزلية، واستجوابات، وحظر سفر ضد العشرات من هذه الأسر، وذلك خلال الفترة بين عامي
2016 و2019.
اقرأ أيضا: إعلامي مصري يحرّض على قتل معتز مطر ومحمد ناصر (شاهد)
وهناك
قضايا بعينها تخص الإعلاميين المعارضين، مثل قضية "المحور الإعلامي"،
و"مكملين 1"، و"مكملين 2"، و"القضية 441"، و"إعلام
الإخوان"، وغيرها من القضايا الأخرى.
هذا فضلا عن "التصريحات التحريضية" التي
أطلقها بعض الإعلاميين المؤيدين للسلطة بقتل زملائهم الإعلاميين المعارضين، حيث
قال أحدهم في إحدى حلقاته: "إن كنّا منصفين، فهؤلاء الأشخاص يستحقون
القتل"، مؤكدا أنه يتحمل المسؤولية عما يقول.
وأحيانا يتم التشويش على ترددات قنوات المعارضة، خاصة أثناء بث "تسريبات" من
داخل النظام الذي سعى لحجبها بطرق مختلفة.
"مهمة
ناجحة"
من
جهته، قال الكاتب الصحفي سليم عزوز، لـ"عربي21": "أنا من الذين
يرون أن إعلام الثورة في الخارج قد نجح في مهمته الأولى من حيث تثبيت فؤاد الذين
يؤمنون برفض الانقلاب العسكري، وهذه في مرحلة الفتنة الأولى".
والمهمة
الثانية التي نجح إعلام الثورة فيها، بحسب عزوز، هي "كشف حقيقة الانقلاب
وقائده بالنسبة للفئة التي كانت مخدوعة به. وهذه لم تكن مهمة سهلة، وإن كان السيسي
بأدائه ساهم في هذه النقطة، لكن في المقابل فإن هذا الإعلام بدد المبررات التي كان
يسوقها النظام لكي يوحي للناس بأنه رغم الفشل فليس في الإمكان أبدع مما كان".
وأشار
إلى أن "نجاح الإعلام الخارجي ساهم في سد فراغ هائل كان ينقص الثورة المصرية في
بدايتها. ثم أنه صار قبلة للمصريين حتى الذين يقفون على حرف، والدليل على نجاحه
ليس فقط ما يصلنا من أنباء عن أنه صار قبلة للناس في مصر، ولكن في إجبار السيسي
على استمرار قنواته. وباستدعائه لقوات الاحتياط وهم أبواقه الإعلامية التي كان قد أحالها
للتقاعد".
وشدّد
عزوز على أن "فضائيات الثورة المصرية لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على القضية
الوطنية، وفي الحفاظ على الثورة حيّة في النفوس، وهو خطر يستشعره جيدا نظام
السيسي، وإن أنكره البعض".
"جمهور كبير"
بدورها، قالت أستاذة الإعلام في جامعة ميريلاند
الأمريكية، د. سحر خميس، في حديث مع "عربي21"، إن "تجربة إعلام
المعارضة بالخارج لها ما لها وعليها ما عليها؛ فهناك بعض المزايا والنجاحات وفي
المقابل هناك بعض العيوب والإخفاقات".
ورأت أن "فضائيات المعارضة تقوم بدور هام في سد
الفراغ بسبب غياب التعددية والتنوع، وإقصاء أصوات المعارضة من التواجد على الساحة
الإعلامية داخل مصر، وبالتالي لا توجد أصوات مختلفة تعبر عن الرأي والرأي الآخر
ولا أحد يقدم الرؤية المُخالفة أو المعارضة، ومن هنا تأتي أهمية هذه
القنوات".
إلا أن "خميس" أشارت إلى بعض العيوب التي تشوب
تلك التجربة، قائلة: "أحيانا كثيرة نرى ضعف مستوى الحوار، أو استخدام بعض
المذيعين بهذه القنوات أسلوبا متشنجا غير مقبول بالإعلام أو عبارات غير مناسبة،
وهذا بسبب النقص في المستوى المهني والتدريب الإعلامي، وبالتالي فهم بحاجة لمزيد
من التدريب والمهنية والحنكة الإعلامية، وبحاجة أيضا لمزيد من تنوع وتعدد مصادر
التمويل، مع ضرورة الارتقاء بالنواحي الإدارية".
وحول نسب مشاهدة هذه الفضائيات، أوضحت أن "هناك
جمهورا لا يُستهان به يُتابع هذه القنوات، وهذا يعود في المقام الأول لغياب
التعددية والتنوع في الإعلام المصري في الداخل، وهو ما يجعلها تجذب شرائح وقطاعات
معينة من الجمهور".
وتابعت أستاذة الإعلام في جامعة ميريلاند الأمريكية:
"إذا ما نجحت فضائيات المعارضة في معالجة الأخطاء التي تقع فيها أحيانا،
وارتقت بأدائها المهني والإعلامي، ستنجح في زيادة نسب المشاهدات، وزيادة نسبة الشعبية التي تتمتع بها".
"العمل
خارج الأطر الطبيعية"
أما أستاذ الإعلام، عبد الله عدوي، فيلفت إلى أن
"الإعلام المصري في المهجر يعمل خارج الأطر والظروف الطبيعية، وبإمكانيات
وقدرات محدودة سواء مادية أو بشرية مؤهلة أكاديميا ومهنيا، نظرا لبعده عن بيئته
وحاضنته المجتمعية، ولا يملك البيئة المستقرة للعمل، ولا يصل للمعلومة بسهولة،
بخلاف الإعلام المدعوم من النظام الحاكم في مصر الذي يملك السلطة والمال والمعلومة
بعيدا عن أي ضغوط، وبالتالي فلا مجال للمقارنة بين وسائل الإعلام هنا وهناك".
واستدرك، في تصريح لـ"عربي21"، بقوله:
"رغم ذلك، حقق الإعلام المعارض بعض النجاحات والتقدم نحو الأمام، لكن لا
يمكننا القول إنه نجح أو فشل بشكل واضح؛ فقياس الرأي العام لابد أن يتم عبر معايير
وأدوات علمية دقيقة لمعرفة تأثيره على الجمهور، لكن يمكن أن يكون أداؤه أفضل من
ذلك إذا ما اعتمد خطة تطويرية وتأهيلية للكادر الإعلامي وسعى لاستقطاب الكفاءات
المهنية والعلمية".
عدوي، الذي يعمل كرئيس لقسم الإعلام في جامعة أوسيم
بمدينة إسطنبول التركية، ذكر أن "إعلام المعارضة المصرية يحاول العمل في ظل
ظروف وإمكانيات متواضعة متاحة له، لكن في الوقت نفسه يعمل وسط بيئة متقدمة ومنافسة
في مجالات اتصالية كالدراما التركية التي يمكنه الاستفادة من تجربتها في تطوير
أدائه".