هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف تقرير لمعهد واشنطن للدراسات عن تنامي التوتر بين روسيا وإيران
في محافظة دير الزور شرقي سوريا والمتاخمة للحدود العراقية.
ويؤكد التقرير أنه في الأشهر الماضية، اتّخذت القوات الإيرانية والروسية
في شرق سوريا خطوات تدل على التنافس بينهما أكثر من أي رغبة في مواجهة القوات التي
تقودها الولايات المتحدة في المنطقة.
تنامي الهيمنة الإيرانية
تشكّل دير الزور ميدانا رئيسيا لإيران. ومن خلال الحرس الثوري الإيراني
سعت طهران إلى ترسيخ وجودها في المنطقة وتجنيد شباب محليين في معسكرها من خلال تقديم
الحوافز المادية والمساعدات الإنسانية، بما فيها الخدمات الطبية والتعليمية والثقافية.
وتم تجنيد الآلاف من السكان المحليين ضمن الميليشيات بهذه الطريقة. ولجذب دعم النخب
وكسْب المزيد من القلوب والعقول بين الشباب المحليين، تدعم طهران ماليا وجهاء المجتمع
والزعماء من "قبيلة البقارة" وميليشيا "قوات مقاتلي العشائر".
وينبع اهتمام إيران الشديد بهذه المنطقة، وفق المعهد، من رغبتها في
ربط الأنشطة والشبكات التي تمتد من العراق إلى مدينة البوكمال الواقعة على الحدود في
سوريا وغربا باتجاه لبنان. وإجمالا، يتمركز ما يقرب من ألف مقاتل إيراني في دير الزور
بالإضافة إلى بضع مئات من مقاتلي الميليشيات الأجنبية الأخرى من العراق وأفغانستان.
وسعت إيران أيضا إلى كسب تأييد زعماء العشائر والمجتمعات في المناطق
الواقعة على الجانب الشرقي من النهر التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية"
المدعومة من الولايات المتحدة. وتسارعت هذه الجهود بعد اغتيال وجهاء العشائر، لا سيما
بعد مقتل الشيخ مطشر الهفل ورفيقه من قبيلة العكيدات في مطلع آب/ أغسطس، الأمر الذي
أثار مظاهرات ضد "قوات سوريا الديمقراطية".
مصالح روسيا
بالنسبة لروسيا فقد سارعت للسيطرة على بعض أقسام دير الزور غرب الفرات،
عقب هزيمة تنظيم الدولة، بالإضافة إلى عدة
قرى في شرق الفرات حيث ينشط فيها الحرس الثوري الإيراني وقوات الميليشيات الشيعية التابعة
لإيران. وتمثّلت أولويتها الأساسية في تأمين مواقع استراتيجية مثل المطار العسكري،
مما يُكمّل تواجدها في المطارات/القواعد في أجزاء أخرى من سوريا (على سبيل المثال،
أبو الظهور، حميميم، والقامشلي).
ويؤكد تقرير المعهد أن هناك علامات على مواجهة محتملة تلوح في الأفق.
فمقابل الخدمات التي قدّمتها روسيا كـ "منقذة" لنظام الأسد، تنتهج موسكو
حملةً طويلة الأمد لتوسيع نفوذها في سوريا، وغالبا ما تصور وجود إيران وأنشطتها على
أنها تندرج ضمن هذه الحملة. ففي نيسان/ أبريل، سيّرت روسيا دورية في الميادين، لترسل
على ما يبدو إشارة إلى الميليشيات الإيرانية مفادها أنها تسعى إلى السيطرة على الموارد
النفطية جنوب البلدة مثل حقل الورد. كما تسعى موسكو إلى احتواء نفوذ طهران في أقصى
الجنوب في البوكمال، حيث يتواجد المقاتلون الوكلاء من "لواء فاطميون" و"كتائب
حزب الله" بأعداد كبيرة.
ويمكن أن تتحوّل هذه التوترات إلى نزاع ناشط في المستقبل، وربما قد
تحوّلت بالفعل. وينقل التقرير عن ناشطين محليين وزعماء عشائر أن إيرات اتّهمت روسيا
بقصف مقرّها العسكري ومواقعها في البوكمال. وفي غضون ذلك، تعرّضت مواقع روسية وإيرانية
في دير الزور لعدة هجمات لم يتبنَّها أحد، مما خلق حالة من عدم الثقة بين الجانبين.
وبدأت شكوك موسكو بالظهور منذ عام 2017، عندما تم استهداف جنرالات بارزين مدعومين من
روسيا في الجيش السوري (على سبيل المثال، عصام زهر الدين وسهيل "النمر" الحسن).
ومما زاد من تفاقم هذه التوترات هو حملة الاحتلال الإسرائيلي المستمرة
المتمثلة بتوجيه ضربات عسكرية ضدّ أهداف إيرانية ولبنانية تابعة لـحزب الله في سوريا.
ولا تزال إيران تتمتع نسبيّاً بزمام الحرية في دير الزور، ولم تتضاءل طموحاتها هناك،
لكن الضربات المتعددة التي استهدفت قواتها ووكلاءها أرغمتها على تغيير مواقعها في بعض
الأحيان وتحمّل تكاليف عسكرية باهظة. وتمتلك روسيا القدرة على منع هذه الضربات الإسرائيلية
إذا رغبت في ذلك، ولكنها غضّت النظر عنها، ربما من أجل إضعاف نفوذ إيران. ومهما كانت
نوايا موسكو، فإن تقاعسها على هذه الجبهة زاد من التوترات مع طهران.
وتشمل الاستفزازات المحتملة الأخرى محاولة روسيا الأخيرة جذب المقاتلين
السوريين من الصفوف الإيرانية عبر تقديم الحوافز الماليّة. فبسبب العقوبات الأمريكية
جزئيّاً، تعجز طهران عن دفع رواتب مغرية لأعضاء هذه الميليشيات، أعلى راتب محلي هو
حوالي 80,000 ليرة سورية شهرياً، أو أقل من 50 دولاراً أمريكياً.
اقرأ أيضا: لهذا تسعى روسيا لزيادة حضورها بين عشائر دير الزور بسوريا